تنقذف من فوهة الرعب التي حلت فجأة في شقتك التي توهمتها آمنة وأنت تتمدد على سريرك، ملقيا آخر نظرة على مجموعتك الفيسبوكية. هزة، هزة، يا يسين أسرع. ويتلكأ مستفسرا، وهو بين نوم آمن ويقظة صاخبة. تصادفان في الأدراج جارات الآمان، فتجيب مُهرولة، وهي لا تعرف للنفير سببا. الزلزال الزلزال أسرعي. الله أكبر، وسالت كل عمارات حي ميموزا بشرا، منقذفا إلى الفراغ والذهول العام. لا حطامَ دنيويا محمولا عدا ما خف من ثياب اللحظة قبل الرجة. شيوخ، مسنات، أطفال، شباب؛ اختلطت عليهم قبلة الأمان. إلى أي جهة النفير؟. وغدا الفضاء الفارغ بين العمارات سوقا بشريا، بدون بضاعة عدا الخوف. وبدون كلام عدا السؤال. ماذا يحصل؟ تشتغل الهواتف، إخبارا واستفسارا؛ تشتغل كما ولو أنها تخطفت الأرواح من الحناجر. أكتب لمجموعتي شبه مودع: هزة قوية بالقنيطرة، نوجد في الشارع الآن، اللهم لطفك. بعد ثوان تتوالى الدعوات، بالحفظ، من الداخل والخارج. هكذا أرادتنا هذه الثورة الرقمية، أبناء العالم، وآلاف الصداقات. لكن يبدو أن الأرض تأبى أن تحيد عن زلزالها، كما كان في فجر تشكلها، بغض النظر عن البشر وتقدمهم وثوراتهم. الأرض هي الأرض، بكل ما أودع فيها الله من قوة تدميرية. لكنها أيضا أمنا الأرض التي تؤوينا وتطعمنا وتستعيدنا. تتوزع نظراتي بين شاشة الهاتف ووجوه الناس من حولي. فعلا ترى الناس سكارى وما هم بسكارى. اللهم لطفك. وأحر العزاء لأسر الضحايا، حيثما لاح زلزال في هذا الوطن الحبيب. إننا فيك ومعك يا وطن، مادت الأرض أو رست؛ ولن نموت إلا فيك.