هل اللغة أم الدين أم الأفراد ؟؟ "" لكل واحد جوابه الخاص! لكن يجب أن نعلم أن الهوية ليست معطى قبليا بل الإنسان هو الذي يخلقها وفق صيرورة التحول. فيمكن أن نجد داخل كل هوية هويات متعددة وبمستويات مختلفة . لكن بالرجوع إلى الوراء قليلا نجد تاريخيا أن النخب التي تسلمت السلطة بعد الاستقلال لم تعر مسألة الهوية ماتستوجبه من الاهتمام ، واتضح بعد ذلك أن تعاملها مع الهوية أمام الاحتلال لم يكن سوى مجرد تكتيك أملته طبيعة العمل السياسي آنذاك . فبعد الاستقلال لم يعد لتلك المضامين التي شكلت وعي جيل ماقبل الاستقلال أية حرمة ، فالتشبث بالدين واللغة اللذان يعدان من أهم مكونات الهوية ليس إلا " رجعية وتخلفا " في منظور النخب السياسية . فالنقاش حول مسألة الهوية في المغرب لم يسبق له أن طرح بنفس الحدة التي يطرح بها اليوم ، فقد أثير موضوع الهوية في أواخر السبعينات والتي شهدت تحركات فاعلين أمازيغيين ضد هيمنة الثقافة العربية ذات الأيديولوجيا القومية . ولكن الموضوع آنذاك أثير باحتشام شديد. والحركة الأمازيغية ذاتها هي التي نجدها اليوم تطرح إشكالية الهوية بقوة ربما لأنها تعرضت لاستفزازات من قبل بعض المفكرين المغاربة . فقد تحدث محمد عابد الجابري عن ضرورة " إبادة الثقافة الأمازيغية " كما دعا بعضهم إلى " الدكتاتورية الثقافية " كل هذا دفع بالأمازيغ إلى المطالبة " وبقوة " عن تصنيفهم في الحقل الهوياتي المغربي ، بالرجوع إلى الدين فبالنسبة لليهود المغاربة فرغم كونهم مرتبطين تاريخيا بالمغرب ولهم ثقل سياسي في الحركة الوطنية كما أن أول حكومة مغربية نجد بين وزرائها وزير يهودي إلا أن واقعهم لم يسمح لهم بطرح هذا الأمر نظرا للهجرة الواسعة لليهود التي عرفها المغرب بعد الاستقلال . نفس الشيئ بالنسبة للأقليات الدينية . كما أن جزءا واسعا منها يحظى بوضع اجتماعي متقدم يغنيه عن متاهات البحث في أجوبة الإشكال الهوياتي ،بالنسبة للأفراد هناك مفارقات شاسعة بين الهوية " الفردية " فهناك الهوية الفاسية وهي أقدم هويات المغرب " وأغناها " وهناك هويات أخرى كالشماليين الذين يعتبرون إقليمالعرائش هو حدود " تشامليت تاعهم". هناك أيضا هويات فردية أخرى كالبيضاويين والبهجاويين والأمازيغ والصحراويين . وهذان الأخيران هما الأشد تعصبا لهوياتهم الفردية من الأخرين . ربما ذلك يعود عند الأمازيغ إلى حنينهم " الشديد " إلى أمجاد " إمبراطورية تامازغا العظمى " التي مازال البعض منهم يحلم بقيامها يوما ما. أما الفئة الثانية من المتعصبين للهوية الفردية فهم الصحراويون والكل يعرف السبب !! فهم متشبعون و" مبرمجون " بأفكار معينة فرضها عليهم واقعهم الجغرافي لالشيئ إلا لأنهم وجدوا أنفسهم مجبرين على حملها رغما عن أنفهم . كل هذا الاختلاف في الهوية داخل الدولة مرده ماذكرناه في أول هذه السطور وهو أن الهوية ليست معطى قبليا بل الإنسان هو الذي يخلقها ،رغم كل هذا فالتنوع اللغوي أوالديني أوالعرفي في المغرب لايشكل خطرا على وحدة البلاد واستقراره. لكن التسييس المفرط لهذا التنوع واتخاذه سندا لمطالب سياسية هو الذي من شأنه أن يعرض استقرار البلد للخطر ، خاصة إذا كان لأصحاب هذا التسييس مطالب أخرى ، كما أن تدخل قوى خارجية لدعم هذه الأقلية وتعارضها والتوجهات السياسية للدولة قد يخلق هو الآخر مشاكل تهدد الاستقرار . [email protected]