قال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، إن الحكومة بادرت، في بداية ولايتها، إلى إصدار المرسوم المتعلق بإحداث اللجنة الوطنية للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، الذي يشكل إطارا أساسيا يضمن الانسجام والالتقائية بين مختلف المبادرات والمتدخلين؛ ومن بينهم المجتمع المدني والجماعات الترابية، وفضاء أساسيا للاقتراح وتقديم إجابات على مجموعة من الإشكالات المرتبطة بحماية حقوق المرأة والنهوض بها. وتم عقد الاجتماع الأول لهذه اللجنة، حسب رئيس الحكومة، بهدف اعتماد الإطار الاستراتيجي للخطة الحكومية للمساواة 2023 – 2026 والتي تشمل برنامج التمكين الاقتصادي للمرأة، الذي يتضمن إجراءات وتدابير تروم الرفع من معدل نشاط المرأة في أفق 2026. وأضاف أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية، أنه تم اعتماد هذا الإطار الاستراتيجي الذي تمت بلورته وفق منظور شمولي بمشاركة كل القطاعات الحكومية، واعتماد توصيات منظمات المجتمع المدني والفاعلين ذوي الصلة بموضوع المرأة، ويتضمن ثلاثة محاور أساسية، تتعلق بالتمكين والريادة للمرأة الذي حدد إجراءات عملية للرفع من نسبة نشاطها في أفق سنة 2026، والوقاية والحماية للنساء ومحاربة العنف ضدهن، وتعزيز القيم لمحاربة الصور النمطية والنهوض بحقوق النساء ومحاربة كل أشكال التمييز. وأكد أخنوش أن كافة القطاعات الوزارية المعنية طلب منها إجراء المشاورات الأخيرة لإدراج تدابير البرنامج الأول حول "التمكين الاقتصادي والريادة" الخاصة بكل قطاع، ضمن برمجتها الميزانياتية لسنة 2024، والانخراط في مسار وضع الخطة الحكومية الثالثة للمساواة، والالتزام بتنفيذ إجراءاتها مع تحديد مؤشرات نجاعة تنفيذها، مبرزا أن التمكين الاقتصادي للنساء يشكل أهم المداخل الأساسية لإرساء مبدأ المساواة بين الجنسين، حيث يعتبر تحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية للمرأة أولوية حكومية خلال هذه الولاية. وأقر رئيس الحكومة بأنه على الرغم من المكتسبات الحقوقية للمرأة المغربية خلال العشرين سنة الأخيرة، "لم تتمكن بلادنا للأسف من تحسين المؤشرات المتعلقة بالتمكين الاقتصادي للمرأة"، مبرزا أن مؤشر الفوارق المبنية على النوع يضع المغرب في المرتبة ال144 على الصعيد العالمي من أصل 156 دولة، بمعدل لا يتجاوز 0.612 أي أقل من المعدل الإفريقي المقدر ب 0.672. كما سجلت المملكة تراجع نسبة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي من 23.4 في المائة خلال سنة 2010 إلى أقل من 20 في المائة سنة 2021؛ وهو ما يضيع على المغرب نقطة واحدة من الناتج الداخلي الخام، أي حوالي 13 مليار درهم سنويا، مشيرا إلى أنه من المفترض أن تبلغ نسبة نشاط المرأة بالمغرب 36 في المائة، خاصة مع التقدم المهم الذي عرفته نسب تعميم التمدرس الخاصة بالفتيات، وتراجع نسبة الأمية في صفوف النساء من 60 في المائة سنة 2004 إلى أقل من 46 في المائة نهاية سنة 2019. وأشار المسؤول الحكومي إلى أن 6 من كل 10 نساء يصلن إلى التعليم الابتدائي، واثنتان من كل عشر نساء يلجن لسوق الشغل، في حين تحصل امرأة واحدة فقط من كل عشر نساء عن أجر مقابل عملها. وأمام هذه الوضعية، أضاف أخنوش، أطلقت الحكومة عددا من الخطط والبرامج؛ من بينها "برنامج التمكين والريادة للمرأة" في إطار الخطة الحكومية للمساواة 2023 – 2026، الذي حدد إجراءات عملية للرفع من نسبة نشاطها في أفق سنة 2026 ؛ والتي ستتم برمجتها الميزانياتية برسم سنة 2024، بالإضافة إلى برنامج "جسر" للتمكين والريادة، والذي يشكل لبنة أساسية ضمن استراتيجية "جسر" الهادفة إلى تسهيل ولوج المرأة إلى سوق الشغل وتطوير قدراتها المقاولاتية. ويستهدف هذا البرنامج تكوين ومواكبة أزيد من 36 ألف امرأة على الصعيد الوطني، وتحسين خبراتهن ومهاراتهن في مجال المقاولة، وتقوية فرص عملهن وتسهيل وصولهن إلى السوق والتمويل، بتكلفة إجمالية تقدر ب 322 مليون درهم. وفي هذا الإطار، أشار رئيس الحكومة إلى أنه، في حدود شهر يونيو المنصرم، تم استقبال أزيد من 38 ألف طلب، بعد إطلاق الحكومة بتنسيق مع مختلف الشركاء المنصات الرقمية الخاصة بجهات الدارالبيضاءسطات، وفاس مكناس، وكلميم واد نون، والشرق، وطنجة تطوانالحسيمة، وسوس ماسة، وبني ملال خنيفرة، ودرعة تافيلالت، والداخلة وادي الذهب. مجيدة شهيد، النائبة عن الفريق الاشتراكي، المعارضة الاتحادية، قالت إن تقارير أصدرتها مؤسسات وطنية تقر بأن ما تحقق لم يكن في مستوى الطموحات والإمكانيات المرصودة التي تسمح بتحقيق تقدم أكثر، مضيفة أن النساء تعيش واقعا معقدا وبحاجة إلى تقوية حضورهن داخل الحياة العامة. ووفق مذكرة المندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل لسنة 2022، أشارت النائبة إلى أن معدل البطالة في صفوف النساء ارتفع بنسبة 0.4 في المائة، وأن ثلاثة أرباع السكان غير النشيطين هم نساء وأزيد من 80 في المائة من النساء في سن النشاط خارج سوق الشغل، وأزيد من نصف المغربيات لا يتوفرن على أية شهادة جامعية. من جهة أخرى، أوردت المتحدثة أن نسبة انتشار ظاهرة العنف على الصعيد الوطني بلغت 54,4 في المائة حسب نتائج البحث الوطني حول انتشار العنف ضد النساء بالمغرب؛ وهي معطيات تعكس معاناة المغربيات خاصة في المجال القروي، كما شددت على أن النساء أصبحن أكثر عرضة للفقر والتهميش بعد جائحة "كورونا". وتفاعلا مع عرض رئيس الحكومة، قالت شهيد إن التمكين لا يعني فقط وضع برامج لمحاربة الهشاشة وأشكال الفقر؛ بل تمكين النساء اقتصاديا بعيدا عن منطق الإعانة الظرفية، مسجلة بأسف أن التعيينات الصادرة عن المجلس الحكومي لم تراع ما تم التصريح به في البرنامج الحكومي، كما تراجعت نسبة تمثيلية النساء في المناصب العليا، مبرزة أن "الحكومة التزمت برفع نسبة نشاط النساء إلى أكثر من 30 في المائة عوض 20 في المائة؛ لكن الواقع يشكك في جدية ونجاعة إجراءاتكم". من جانبها، أكدت فدوى محسن الحياني، عن الفريق الحركي، أنه لا يمكن الحديث عن التمكين في غياب حقوق المرأة، مبرزة أن المغرب لا يزال متأخرا في الرفع من نشاط المرأة بعشر نقاط تقريبا، ونسبة المقاولات التي تسيرها النساء لا تتعدى 16 في المائة، ونسبة المقاولات الذاتيات لا يتجاوز 24 في المائة من مجموع المقاولين الذاتيين؛ وهي إحصائيات جاءت على لسان وزير الإدماج الاقتصادي والشغل والتكوين المهني أمام البرلمان. وتابعت النائبة، في مداخلتها بعد عرض رئيس الحكومة، متسائلة: "ألا تعتبرون بأن تقييم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في الشق المتعلق بإدماج المرأة في التنمية المستدامة يشكل منفذا مهما لإشراك المرأة ومواكبتها في تدبير المشاريع المدرة للدخل وتشجيع وخلق المقاولات النسائية الفلاحية، وتشجيع مشاركة المنتوجات المجالية في المعارض الدولية، وبأن أحد مداخل التمكين للمرأة هو المساواة بين النساء أنفسهن في التعليم والصحة والخدمات الأساسية والشغل وتولي مناصب المسؤولية، وأن تمكين المرأة رهين بتمكينها من التعليم والحد من انقطاعها الدراسي وتمكينها من المنحة لمواصلة دراستها في الجامعة، لاسيما بعد إقبار مشاريع الأنوية الجامعية من قبل وزيركم في التعليم العالي؟". وثمنت النائبة الدعوة الملكية بمناسبة عيد العرش للسنة الفارطة لتجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها تجربة تطبيق مدونة الأسرة، وحرص الملك على أن يتم ذلك في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي، مسجلة أن "الحكومة لم تعط أي تصور إلى حد الساعة مؤطر بالدستور والرؤية الملكية بخصوص هذا الموضوع، اللهم بعض خرجات وزير العدل"، متسائلة إن كانت هذه الآراء تشكل مواقف حكومة أو مواقف حزب.