وصلت الاختلالات التي يعرفها مركب محمد الخامس بالدارالبيضاء إلى القضاء، إذ وجهت الجمعية المغربية لحماية المال العام شكاية من أجل "شبهة تبديد واختلاس أموال عمومية وتلقي فائدة في عقد"، إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء. وقيدت الجمعية المذكورة شكايتها المرفوعة إلى الوكيل العام للملك ضد "مجهول"، ملتمسة منه إصدار تعليماته إلى الضابطة القضائية للقيام بالتحريات والمعاينات الميدانية والبحث في المعاملات المالية لشركات التنمية المحلية المعنية، والاستماع إلى مختلف الأطراف التي لها علاقة بموضوع تدبير مركب محمد الخامس. وتضمنت الشكاية المطولة الموجهة إلى الوكيل العام للملك قائمة بالاتفاقيات المبرمة بين المؤسسات العمومية المموِّلة وشركات التنمية المحلية المكلفة بإعادة تأهيل وتحديث مركب محمد الخامس، والمبالغ المالية المرصودة لهذا الغرض. وأشارت الجمعية إلى أن تقرير المجلس الجهوي للحسابات (جهة الدارالبيضاء – سطات)، الصادر في فبراير الماضي، وقف على مجموعة من الاختلالات المالية والمحاسباتية همّت تأهيل وتحديث المركب الرياضي محمد الخامس بالدارالبيضاء، وكذلك أوجُه صرف المبالغ المهمة المرصودة من المال العام إلى ثلاث شركات للتنمية المحلية. وكان المجلس الجهوي للحسابات اعتبر، في تقريره الأخير، أن الاتفاقيات المبرمة لإعادة تأهيل مركب محمد الخامس شابها غموض على مستوى الإنجازات وعلى مستوى تحديد المسؤوليات، لاسيما في الشق الذي يهم الجانب المالي والمحاسباتي لشركات التنمية المحلية، من جهة، والتعاقدات مع بعض شركات القطاع الخاص المكلفة بإنجاز الأشغال المكلفة بها، من جهة ثانية. ومن بين الاختلالات التي رصدها المجلس الجهوي للحسابات قيام إحدى شركات التنمية المحلية بتوظيف مساهمات مالية عمومية خصصت لإصلاح مركب محمد الخامس لدى هيئات التوظيف المالي، دون ترخيص مسبق من مجلس إدارة الشركة ودون موافقة الشركاء العموميين. واعتبرت الجمعية المغربية لحماية المال العام، التي قدمت جردا بالمبالغ التي تم توظيفها في هذه العملية، أن هذا الفعل "غير قانوني وغير مشروع"؛ باعتبار الاتفاقية المبرمة بين الشركة المعنية وباقي الشركاء العموميين تمنع على الشركة، بشكل صريح، القيام بتوظيف المساهمات المالية العمومية لدى هيئات التوظيف المالي. ولفتت الهيئة ذاتها إلى أن الهدف من المساهمات المالية العمومية المرصودة من طرف الشركاء العموميين "هو تهيئة وتحديث المركب الرياضي محمد الخامس، وليس جلب فوائد مالية من توظيف أموال عمومية لدى هيئات التوظيف المالي"، موردة فقرة من تقرير المجلس الجهوي للحسابات، يؤكد فيها أن هذه العملية تتعارض بشكل صريح مع مقتضيات الفصل 9 من الاتفاقية المبرمة بين الشركة والمؤسسات العمومية الممولة للمشروع، الذي يمنع توظيف تلك الأموال في غير ما أعدت له. الخرق الثاني الذي التمست الجمعية المغربية لحماية المال العام من الوكيل العام للملك بالدارالبيضاء فتح تحقيق بشأنه يتعلق ب"استفادة شركات التنمية المحلية من التعويض المحدد لها بشكل تعسفي وبشكل مبالغ فيه (تحديد نسب غير قانونية)"، وذلك في الاتفاقات التي أبرمتها مع جماعة الدارالبيضاء. وأوضحت الجمعية أن نسب التعويض المحددة في تلك الاتفاقيات تراوحت بين 4 في المائة و10 في المائة، معتبرة أن هذه النسب "غير قانونية وغير مشروعة ومخالفة للنسب القانونية المحددة في مثل هذه الخدمات أو الأوراش، بل إنها مخالفة للقانون، إذ إن النسبة القانونية المحددة في مثل هذه الخدمات أو الأوراش محصورة في 2.5 إلى 3.5 بالمائة شاملة لكل المصاريف". كما تضمنت الشكاية المرفوعة إلى وكيل الملك ملتمسا بالتحقيق في تبديد إحدى شركات التنمية المحلية مبلغا ماليا يزيد على 95 مليون درهم، استنادا إلى ما ورد في تقرير المجلس الجهوي للحسابات، إذ قامت بإنجاز أشغال إضافية غير منصوص عليها في الاتفاقية المبرمة بينها وبين جماعة الدارالبيضاء. وفي تصريح لهسبريس، قال محمد مشكور، رئيس الفرع الجهوي للجمعية المغربية لحماية المال العام بجهة الدارالبيضاء- سطات جوابا عن سؤال بخصوص الجهة المسؤولة بالدرجة الأولى عن "الاختلالات" المالية المفترضة في صفقات إعادة تأهيل وتحديث مركب محمد الخامس: "بناء على تقرير المجلس الجهوي للحسابات يتضح أن المسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف"، مضيفا: "نحن لا نتهم أحدا، ولكننا نلتمس فتح تحقيق في الموضوع". وأردف المتحدث ذاته بأن محاربة الاختلالات المتعلقة بالمال العام "هي مسؤولية مجتمعية"، وزاد: "قد يختلف مقدار المسؤولية ولكننا جميعا مسؤولون، ولا بد من التحرك على المستوى القانوني وأخذ المبادرة، وعدم انتظار فتح السلطات المختصة تحقيقات من تلقاء نفسها".