مضت 46 سنة بعد أن أعلن العالم عن رحيلك يا مولاي، هذا العالم الذي ناضلت فيه كثيرا ليعيش الريفي حرا أبيا ومن أجل أن تعيش كل البشرية في عدل وسلام. ولربما كان الخبر مفجعا لعشاق الحرية الذين سلكوا معك نفس الدرب، وسعوا لنفس الغاية، وتقاسموا معك لحظات الانتصار كما لحظات الحصار. "" ولعل الخبر كان مفرحا لمن كنت مرهبا لمصالحهم الشخصية في الزعامة واحتكار الثروات ونهب الخيرات وقهر الناس عدوانا. وفي كل الأحوال فلم يكن نبأ رحيلك سوى خدعة قدر لهؤلاء السذج ولمن لا يفقهون في نواميس هذا الكون. وهاأنت بعد 46 سنة مازلت حيا ترزق عند ربك يا شهيد الحرية، ومازلت عزيمة تنبض بقلوبنا، وميلادية فخر نرصع بها ذكرتنا، وجبلا شامخا نتأهب لتسلقه علنا نحظى بنسمة هواء واحدة من الحرية، نفك بها أنفسنا المخنوقة من دخان مصانع السياسة التي لم تتوقف يوما عن فبركة الألعاب الديمقراطية والأوهام للاستهلاك المحلي مع فرض الضريبة على القيمة المضافة حتى يصاب المواطن من هول الأزمة النفسية بالاكتئاب وفقدان الشهية في المواطنة. ورغم كل التضحيات التي قدمتها يامولاي كما قدمها الشريف أمزيان وكل المجاهدين، فإن الريف أصبح مزرعة لتجار الحشيش وضيعة لمعاونيهم من المؤسسات الرسمية. ولأن كثيرين اليوم استكانوا للذل وباعوا ضمائرهم بالمزاد العلني، فما يزال أبناء الريف غرباء فوق أرضهم، مذلولون في إداراتهم، محاربون في معاشهم، محرومون من استغلال ثرواتهم وأموالهم في تنمية مدنهم وقراهم ورازحين تحت ديمقراطية العبيد المواطن، وعليهم أن يفرحوا بعهد زخر فيه بالمشاريع الكرتونية الكبرى التي تبللت وأغرقتها الفيضانات قبل أن تخرج للواقع. ومن الكوارث التي ابتلي بها الريف أيضا هي انصراف النخبة المثقفة وانعزالها تارة ، وممارسة الأستذة والإعداد لوثائق ومطالب لا يعرف عنها الريفيون أي شيء بسبب عدم نزولهم إلى الجماهير والاكتفاء بالجلوس في المدرجات والندوات والمؤتمرات. لتبقى الساحة فارغة للحاصلين على الشواهد الابتدائية بميزة مرتزق جدا، من أجل ممارسة طقوسهم "النضالية" المشينة لتاريخ الكفاح الريفي. وإن كنت قد دفنت بعيدا عن أرضك يا مولاي، فإني لن أطالب بنقل رفاتك إلى هنا، فما يزال تراب هذا الوطن محتقنا، وأصبح لهيبا يحرق أرجل الحفاة من حقوقهم من عاطلين وأيتام وغيرهم، الذين يغامرون بركوب موج المتوسطي للوصول إلى الجنة الإسبانية التي هي بدورها تحولت إلى جحيم في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. ولأن الإعْلام الرسمي لا يعبأ بتخليد ذكرى رحيل الشرفاء من هذا الوطن، ولأنه يخشى من نشر ثقافة عشق الحرية، فإن هذا الإعْعلام سيواصل دعمه لأولاد البوعزاوي وحجيب والشيخات ليضمن نشر ثقافة الولاء التام. ولكل ذلك يا مولاي، فها أنا في ذكرى ميلادك 46 أبايعك جهارا، أبايعك إكبارا، أميرا لكل عشاق الحرية، وأبشرك أني وكل شاب خطابي المنهج سنواصل مسيرة الكفاح ضد أعداء الحرية، وسنعبد الطريق بأقلامنا الريفية الصامدة، وصورتك محفورة تخفق بقلوبنا، وصوتك يردد في أعماقنا: لا لن نخسر لا لن نخسر. [email protected]