سجل عام 2022 انخفاضا في عدد المقاولات المحدثة بنسبة قاربت 11 في المائة مقارنة بسنة 2021، وهو مؤشر على ضعف المبادرة المقاولاتية في سياق اقتصادي صعب واستمرار عدم اليقين حول المستقبل. بحسب المعطيات الصادرة حديثا عن المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، بلغ عدد المقاولات التي تم إحداثها بالمغرب خلال العام الماضي نحو 93.272 مقاولة، مقابل 104.748 مقاولة رأت النور سنة 2021. ويتجلى من المعطيات أن قطاع التجارة استحوذ على حصة 36,32 في المائة من إجمالي المقاولات المُحدَثة، متبوعا بقطاع البناء والأشغال العمومية والأنشطة العقارية بحصة 17,65 في المائة، والخدمات المختلفة بحوالي 17,64 في المائة، والنقل بحصة تبلغ 8,7 في المائة. من حيث الشكل القانوني، فإن 61,8 في المائة من المقاولات المُحدثَة كانت عبارة عن شركات ذات مسؤولية محدودة بشريك واحد، و37,8 في المائة منها شركات ذات مسؤولية محدودة، و0,3 في المائة شركات مجهولة الاسم، و0,1 في المائة لشركات التضامن. وتهيمن جهة الدارالبيضاءسطات على حصة الأسد من إجمالي المقاولات الجديدة بحوالي 26 ألف مقاولة، تليها جهة طنجةتطوانالحسيمة (13.519)، وجهة الرباطسلاالقنيطرة (12.138)، وجهة مراكشآسفي (9246)، وجهة فاسمكناس (6969). وشهدت جهة سوس ماسة إحداث 6285 شركة، والجهة الشرقية 5514، وجهة العيون الساقية الحمراء 4478، وجهة بني ملالخنيفرة 3337، وجهة درعة تافيلالت 2479، وجهة الداخلة وادي الذهب 2331، وجهة كلميم واد نون 981. تعليقا على هذه الأرقام، قال يوسف كراوي الفيلالي، خبير اقتصادي مدير المركز المغربي للحكامة والتسيير، إن التراجع في إحداث المقاولات يُفسر بعوامل عدة، أبرزها الوضع الاقتصادي الصعب الذي طبع السنة الماضية. وأضاف كراوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن سنة 2022 اتسمت بوضعية اقتصادية صعبة نتيجة موسم الجفاف والتضخم الناتج عن الأوضاع الجيو-سياسية الدولية، وهو ما أثر على المبادرة المقاولاتية وحاملي المشاريع. وأشار المتحدث إلى عامل آخر يتمثل في صعوبة الحصول على تمويل المشاريع، قائلا إن "البنوك لم تبادر بما فيه الكفاية لتمويل حاملي المشاريع المقاولاتية بالنظر إلى غياب الرؤية، ناهيك عن ضعف الثقة في الحكومة وندرة المبادرات الرسمية لتشجيع الاستثمار". وتابع الفيلالي بأن "المبادرة المقاولاتية لا تقوم فقط على التمويل، بل تحتاج أيضا مناخ أعمال مناسبا"، وضرب المثال على ذلك ب"مرسوم الصفقات العمومية الذي يهتم بالمقاولات المتوسطة والكبرى ولا يعطي فرصة للمقاولات الناشئة والصغيرة". وبحسب تحليل الخبير الاقتصادي ذاته، فإن تداعيات جائحة كورونا المستمرة وأزمة التضخم لسنة 2022 أثرتا بشكل كبير على الوضع المالي للمقاولات القائمة، كما زادتا نسبة الإفلاس لتبلغ 12 ألف حالة خلال العام الماضي، وهي معطيات تؤثر على المبادرة المقاولاتية بصفة عامة. ووفقا لمعطيات مكتب "أنفوريسك" المتخصص في إحصائيات الشركات المغربية، فقد سجل المغرب أكثر من 12 ألف حالة إفلاس بين الشركات العام الماضي، بزيادة نسبتها 17,4 في المائة مقارنة بعام 2021، وسُجلت غالبية حالات الإفلاس وسط المقاولات الصغيرة جدا، التي توظف أقل من 5 أشخاص وتحقق رقم معاملات أقل من 3 ملايين درهم في السنة.