منعت السلطة المحلية بعمالة مراكش مسيرة كانت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ستنظمها، يوم الأحد المقبل، بالمدينة الحمراء، انطلاقا من باب دكالة، مرورا بشارع الحسن الثاني، ووصولا إلى ساحة الحارثي، معللة هذا القرار بالإجراءات القانونية والتدابير الأمنية الواجب اتخاذها للحفاظ على النظام العام. وحملت السلطة المحلية بإقليم مراكش منظمي هذه المسيرة، والمساهمين فيها، التبعات القانونية، والإدارية، والقضائية المترتبة عن مخالفة هذا القرار، الذي وقعه كريم قسي لحلو، والي جهة مراكش أسفي، عامل عمالة مراكش. ودخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، على خط هذا المنع، الذي وصفته ب"السلطوي التحكمي"، لأنه "يعصف بالتزامات الدولة المغربية، المعلنة في مصادقتها على الشرعة الدولية لحقوق الإنسان"، وطالبت بضمان واحترام الحريات، معتبرة أن "قرار المنع لا يتضمن أي مبرر قانوني، لأنه اكتفى بالإشارة إلى عناوين ظهائر 1958، كما تم تعديلها وتتميمها، مضمرا التناول السلبي لمضمونها بشكل يناقض الحقوق والحريات، مع إيراد الصيغة الفضفاضة الهادفة إلى التهديد باستعمال القوة العمومية من أجل ما يسميه القرار الحفاظ على النظام العام". وأضاف بيان توصلت به هسبريس من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: "يعتبر القرار العاملي، الصادر عن والي جهة مراكش أسفي، تضييقا ممنهجا على الحق في التظاهر، والتجمع السلمي، والاحتجاج المكفول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة المادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ الذي تعد الدولة المغربية طرفا فيه". واستنكرت الهيئة الحقوقية ذاتها ما نعتتها ب"لغة التهديد الواردة في القرار"، مؤكدة أن "كل المظاهرات المنظمة من طرف الهيئات، وكل احتجاجات شرائح المجتمع، للتعبير عن المطالب العادلة والمشروعة، تكون سلمية، وتعكس رقي النمط الاحتجاجي"، ومشيرة إلى أن "ما يفسد المظاهرات هو الاستعمال المفرط وغير المبرر للقوة العمومية". كما أوردت الوثيقة ذاتها أن "هذا القرار يدل على نزوع السلطة المحلية نحو المقاربة الأمنية والقمعية، ومصادرة الحريات، ومحاولة التحكم في الفضاء العام، وخنق كل الأصوات المطالبة بالكرامة والحرية، والعيش الكريم، والتوزيع العادل للثروة، والرافضة للريع، والفساد المستشري في دواليب المؤسسات، والاستبداد المعيق لأي تطور نحو الديمقراطية، ويكشف زيف الادعاءات الرسمية السائدة من قبيل 'المشاركة' و'الحوار' و'الديمقراطية'". وجددت الجمعية نفسها المطالبة ب"احترام حرية التعبير، والحق في الاحتجاج، والتظاهر السلمي، وحق المنتقدين، والمعارضين للسياسات العمومية، في التعبير واستعمال الفضاء العام والإعلام العمومي، واحترام الحريات النقابية، وحق النقابات وكل الهيئات في التعبير عن مواقفها بالطرق المشروعة، وحق التجمع والتظاهر السلمي". كما طالب البيان ب"الاستجابة الفورية للمطالب العادلة لعموم الشغيلة في مختلف مواقعها، ووقف زحف الأسعار الحارقة، والإجهاز على الخدمات العمومية، من صحة وتعليم وسكن وشغل"، مؤكدا أن "الحكومة تدفع الأوضاع إلى مزيد من التأزيم، والتفقير والتهميش، وخدمة أجندات الدوائر المالية والانصياع لإملاءاتها، وفرض واقع التخلف والقهر، بالقمع والمنع، وخنق الأصوات، وتكميم الأفواه والاعتقالات والمحاكمات غير العادلة". ودعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فرع المنارة مراكش، السلطات التنفيذية إلى "الوفاء بالتزامات الدولة في مجال الحقوق والحريات"، وذكرتها بأن "الحق في التظاهر السلمي، وحرية التعبير، والاحتجاج، هو الأصل"، وبأن "التقييد يخضع للقانون"، "أما المنع فهو إجراء استثنائي، وفي هذه الحالة لا مبرر له، وبالتالي وجب التراجع عنه فورا".