انتقادات بالجملة وجهتها النقابات الممثلة في مجلس المستشارين إلى مشروع قانون المالية برسم سنة 2023، وذلك خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المالية برسم سنة 2023 قبيل التصويت عليه اليوم الإثنين 05 دجنبر. في هذا الصدد، قال نور الدين سليك، رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين: "إن أملنا كان كبيرا في ثاني مشروع قانون مالي في أن تفي الحكومة بالتزاماتها مع الحركة النقابية بزعامة الاتحاد المغربي للشغل في الشق الضريبي، لكن ها هو مشروع قانون المالية مرة أخرى يتنكر لالتزام الحكومة بتخفيض الضريبة على الأجر، وبتطبيق توصيات المناظرة الوطنية للجبايات، غير مكترثة بمقترحات الاتحاد التي تهم مراجعة أشطر الضريبة على الدخل رغم طابعها العملي وقابليتها للتنفيذ"، داعيا إلى "تخفيض النسب، والرفع من الحد الأدنى للإعفاء، وتخفيض نسبة 38% المجحفة المطبقة في حق الأجراء، وهي الأعلى في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وإقرار إنصاف بين الضريبة على الأجر والضريبة على الدخل التي يتحمل فيها الأجراء 74 في المائة، في ضرب واضح لمطلب إعمال التوزيع العادل للثروة، وتحقيق العدالة الاجتماعية، خاصة في هذه الظرفية العصيبة". وأضاف سليك: "عوض أن تتجه الحكومة من أجل توسيع الوعاء العقاري إلى تضريب الشركات وشركات المحروقات التي استفادت من هذه الأزمة، كما جاء في توصيات المجلس الأعلى للمنافسة، وإلى تضريب الثروة، وغيرها من إجراءات ضريبية عادلة، أصر المشروع على الاستمرار في تضريب المتقاعدين، وعدم إعفاء الأسر من واجبات التمدرس، والكتب المدرسية، والخدمات الاجتماعية التي يجب أن يطالها جميعها الإعفاء الضريبي". ورغم تثمين النقابي ذاته المجهود الحكومي من أجل تنزيل الورش الملكي المهيكل المرتبط بتعميم الحماية الاجتماعية، وتعميم التغطية الصحية، بنقل 11 مليون مغربي من نظام "راميد" إلى التأمين الإجباري عن المرض، ووفاء الحكومة بتعزيز ميزانية الصحة العمومية، أورد أن الإجراءات "مازالت مجحفة في حق الطبقة العاملة وعموم الأجراء والفئات الشعبية التي أدت الثمن غاليا في مواجهة هذه الأزمات". كما اعتبر سليك أن الحكومة تنصلت من التزاماتها المتضمنة في الاتفاق الاجتماعي الموقع في 30 أبريل 2022، المرتبطة بتحسين الدخل من خلال الزيادة العامة في الأجور، وخلق مناصب الشغل القار واللائق الذي يتمتع فيه كافة العاملات والعمال بحقوقهم الشغلية كاملة، وفي مقدمتها الحريات النقابية والحماية الاجتماعية، مردفا بأن "مشروع القانون المالي لسنة 2023 جاء مخيبا لآمال الاتحاد المغربي لشغل، ويعطي أولوية لإرجاع خدمة الدين ولا يحتفظ سوى بهامش بسيط للاستثمارات، ويغلب في عموميته التوازنات الماكرو اقتصادية على التوازنات الاجتماعية". وختم رئيس فريق الاتحاد المغربي للشغل بأن الحكومة لم تستجب لأي تعديل من التعديلات ال 31 لفريق الاتحاد. من جهتها، قالت فاطمة أزكاغ، المستشارة البرلمانية عن نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل: "إن مشروع هذا القانون جاء مخيبا للآمال وخاليا من البصمة الاجتماعية ولم يستوعب الظرفية الحالية"، معتبرة أن نتائجه "ستكون حتما إفقار الفقراء وإغناء الأغنياء، وهذا ما يظهر جليا من خلال الإجراءات المتخذة من طرف الحكومة، التي لم تحدث القطائع مع التوجهات الرأسمالية في وضع يتسم بالغلاء وارتفاع مهول لأسعار المحروقات والارتفاع غير المسبوق للأسعار". ونبهت المستشارة البرلمانية إلى أن "الحكومة تملصت من مخرجات الحوار الاجتماعي، وأخلت بالتزاماتها المدرجة في اتفاق 30 أبريل 2022، بخصوص تحسين الدخل عبر الزيادة العامة في الأجور والمراجعة الفعلية لأشطر الضريبة على الدخل وإحداث درجة جديدة، في وقت قدمت هدايا للرأسمال، ما سيزيد من تعميق الفوارق الاجتماعية". كما اعتبرت فاطمة أزكاغ أنه "كان من المفروض أن ينكب هذا المشروع على محاربة التهرب الضريبي والفساد والريع، ويرسخ بذلك النزاهة والشفافية والمحاسبة"، وأضافت أنه "مازال بعيدا عن قواعد القانون التنظيمي للمالية، وعن طموح بناء سياسة عمومية جديدة تربط الأرقام بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية، وتكرس مفهوم الدولة الاجتماعية". وتابعت المتحدثة مخاطبة الحكومة: "إن مشروع هذا القانون الذي ستمررونه بأغلبيتكم العددية أجمعت على رفضه جميع فئات المهنيين، وردت عليه العديد من فئات المجتمع باحتجاجات عمت ربوع المملكة، آخرها مسيرة 4 دجنبر 2022′′، مؤكدة أن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل ستصوت ضد هذا المشروع. بدوره انتقد خالد السطي، المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، "تنصل الحكومة من التزامات الحوار الاجتماعي"، مشيرا في هذا الصدد إلى تراجعها عن الزيادة العامة في الأجور والدرجة الاستثنائية. كما انتقد السطي عدم تنزيل الحكومة وعودها بتخصيص دعم للأشخاص المسنين ومنحة الولادة للأسر المعوزة، داعيا إياها إلى ضرورة الاستماع للنقابات الممثلة في البرلمان وأخذ مقترحاتها بعين الاعتبار. مقابل ذلك، عبرت نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب عن دعمها للحكومة. في هذا الصدد، قالت فتيحة خورتال، المستشارة البرلمانية عن فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب: "إن فريقنا اختار وبإرادة حرة وواعية دعم هذه التجربة الحكومية، انتصارا للمصلحة العليا لبلادنا وأخذا بعين الاعتبار السياق الدولي الصعب، وكذلك لتدارك الفرص الضائعة التي أفلتها بلدنا بسبب تجميد الحوار الاجتماعي على عهد الحكومتين السابقتين"، مضيفة: "اليوم يحدونا أمل كبير أن نتعاون جميعا حتى تتمكن بلادنا من مواجهة المخاطر التي تتهددها، وكذا التصدي للسياق الدولي الصعب والمعقد". ونوهت المستشارة البرلمانية ذاتها بالتدابير التي اتخذتها الحكومة خلال السنة الأولى من عمرها للتخفيف من تداعيات الجائحة، وكذا للتخفيف من تداعيات التقلبات الحادة التي عرفتها أسعار المواد الأولية في الأسواق الدولية، معتبرة أنها مطالبة باتخاذ المزيد منها، صونا للقدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات. كما أشادت المتحدثة بجو العمل الحكومي وبتماسك الأغلبية، موردة: "إن تماسكها واستمراره فيه مصلحة الوطن في ظل هذا السياق الدولي الصعب". مقابل ذلك، دعت المستشارة البرلمانية إلى تطوير التواصل الحكومي، معتبرة أنه "رغم الإجراءات المهمة التي يتم اتخاذها إلا أن التواصل حولها مازال يعاني من نوع من الفتور"؛ كما طالبت بفرض ضريبة استثنائية وخاصة على بعض المقاولات التي تمكنت من تحقيق أرباح مهمة في بعض القطاعات، والمواد التي عرفت أثمنتها ارتفاعات صاروخية وغير مسبوقة لمواجهة الظرفية الاقتصادية الصعبة. ونوهت خورتال أيضا بكل العمل الذي قامت به الحكومة لتسريع وتيرة المشروع الملكي التاريخي المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، ودعت في هذا الإطار إلى مزيد من الاهتمام بالموارد البشرية العاملة في جميع القطاعات، لاسيما قطاعي الصحة والتعليم، معتبرة أن "تخصيص 9،5 مليارات درهم في هذا المشروع لتحمل أعباء الاشتراك في التغطية الصحية الإجبارية بالنسبة للأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك، ضمانا لولوجهم إلى الخدمات الصحية في القطاعين العام والخاص، لدليل قوي على الجدية والحزم الذي تتعاطى به الحكومة مع هذا الورش الملكي التاريخي".