قدمت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، اليوم الخميس، ضابطا في الشرطة القضائية وثلاثة مقدمي شرطة من المنطقة الأمنية لابن جرير أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، التي عرفت حضورا أمنيًا مكثفا، إثر نهاية البحث التمهيدي حول ظروف وفاة الشاب ياسين الشبلي أثناء وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية لدى شرطة عاصمة الرحامنة. ووفق إفادة عبد الإله تاشفين، المحامي ضمن هيئة مراكش، فإن النيابة العامة أحالت مقدمي الشرطة على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بابن جرير للاختصاص، الذي قرر متابعة عنصرين اثنين في حالة اعتقال للاشتباه في ارتكابهما العنف أثناء قيامهما بوظيفتهما ضد أحد الأشخاص، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال؛ فيما قرر متابعة الثالث في حالة سراح من أجل الاشتباه في ارتكابه جنحة التسبب في القتل الغير العمدي نتيجة عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال. وأضاف المحامي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن قاضي التحقيق قرر بعدما أحيل عليه ضابط الشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية لابن جرير إيداعه رهن الاعتقال الاحتياطي، في انتظار استنطاقه تفصيليا من أجل المنسوب إليه، من قبيل الاشتباه في ارتكابه العنف أثناء قيامه بوظيفته ضد أحد الأشخاص، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال. وبخصوص هذه القضية فالوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش أكد في بلاغ له أن وفاة المسمى قيد حياته ياسين الشبلي لم تكن ناتجة عن ظروف توقيفه واقتياده إلى مركز الشرطة، ولا نتيجة الصفعات التي تعرض لها من قبل عناصر الشرطة، وإنما نتيجة الرضوض التي تعرض لها إثر إيذائه نفسه وسقوطه المتكرر على الأرضية الصلبة للغرفة الأمنية نتيجة الحالة الهستيرية التي كان عليها. وأفاد الوكيل العام للملك بأنه إثر ما تم تداوله ببعض الوسائط الاجتماعية، بخصوص ظروف وفاة المسمى قيد حياته ياسين الشبلي، خلال فترة إخضاعه لتدبير الحراسة النظرية بمخفر الشرطة بالمنطقة الإقليمية للأمن بابن جرير، تم فتح بحث بواسطة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بناء على تعليمات النيابة العامة وتحت إشرافها. وأوضح المسؤول ذاته أن نتائج البحث أظهرت أن "المعني بالأمر تم توقيف بالشارع العام بتاريخ 05 /10 /2022، من أجل السكر العلني واعتراض سبيل المارة وإثارة الضوضاء"، وأنه "تم الاستماع إلى جميع عناصر الشرطة الذين عملوا على توقيفه وكذا وضعه بالغرفة الأمنية المخصصة للحراسة النظرية، بالإضافة إلى المشرفين على مراقبتها الذين صرحوا بأن الهالك كان في حالة غير طبيعية وأبدى مقاومة أثناء توقيفه واقتياده لمصلحة الشرطة، حيث عرضهم بداخلها للسب والقذف بعبارات نابية". كما عرض الموقوف أحد عناصر الشرطة، يضيف المصدر ذاته، للعنف، وبصق على وجه عنصر آخر، "ما جعلهما يقومان بصفعه، في حين صرح أحد عناصر الشرطة المكلف بمراقبة الغرف الأمنية أنه تدخل لتهدئة المعني بالأمر بضربه أسفل رجله من الخلف، بعدما تسبب في إحداث فوضى وضوضاء داخل الغرف الأمنية نتيجة توجيهه عبارات السب للأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية". "تم الاستماع إلى ستة أشخاص تزامن وجودهم مع تواجد الهالك رهن تدبير الحراسة النظرية"، يشير البلاغ، مردفا: "أكد خمسة منهم أنه كان يتواجد بزنزانة بمفرده، وكان في حالة هستيرية، ويوجه السب والتهديد لعناصر الشرطة والأشخاص الموقوفين، ولم يشاهدوا أيا من عناصر الشرطة يقوم بإيذائه؛ فيما أكد السادس أن الهالك كان عدوانيا وشاهد أحد عناصر الشرطة يعرضه للعنف، وهو ما يطابق ما صرح به أحد عناصر الأمن المكلف بمراقبة الموضوعين تحت تدبير الحراسة النظرية ". كما أكد بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش أنه "بغاية التأكد من هذه المعطيات تمت مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة، سواء الثابتة أو المتحركة، التي غطت كافة المسار الذي سلكه المعني بالأمر منذ لحظة توقيفه، مرورا بمدخل الديمومة ومقرها والممر المؤدي للغرف الأمنية، بالإضافة إلى تسجيلات الكاميرا داخل الغرفة الأمنية التي كان يتواجد بها". وتبين من هذه التسجيلات أن الهالك "كان في حالة هستيرية نتيجة حالة السكر المتقدمة التي كان عليها، وأبدى مقاومة عنيفة أثناء توقيفه، كما عرض بمقر الديمومة الضابط المداوم للعنف، وأثناء تواجده بالغرفة الأمنية كان يقوم بالصراخ ويتجول يمينا ويسارا موجها عبارات السب والشتم في حق عناصر الشرطة، وأحيانا يقوم بضرب الحائط والباب الحديدي برجله وصدره، ومع مرور الوقت لم يعد يسيطر على توازنه، حيث كان يترنح ويسقط على الأرضية الصلبة للغرفة مرارا على وجهه وعلى الجزء الخلفي من رأسه، تبع ذلك دخوله في حالة تقيئ شديدة استدعت نقله إلى المستعجلات، غير أنه رفض تلقي الحقنة للحد من القيء التي وصفتها له الطبيبة المداومة بعد كشفها عن حالته رغم كل المحاولات لإقناعه كما جاء في تصريحات الممرضتين وعناصر الشرطة الذين رافقوه للمستعجلات". وشدد المصدر ذاته على أنه "بموازاة مع البحث الجاري في الموضوع، أصدرت النيابة العامة أمرا بإجراء تشريح طبي على جثة الهالك، أسندته للجنة طبية ثلاثية، وذلك من أجل بيان أسباب الوفاة وبيان طبيعة الجروح والإصابات وعلاقاتها بالوفاة". كما أفاد البلاغ ذاته بأن "تقرير التشريح الطبي خلص إلى أن الوفاة تسبب فيها اختناق مرتبط برضوض متعددة تمثلت في صدمة وجهية وكدمات على مستوى الرأس، واحتقان دماغي مع صدمة في العمود الفقري العنقي، وهي كلها أعراض ناتجة عن السقوط المتكرر للهالك المترتب عن فقدان التوازن بسبب حالة السكر المتقدمة التي كان عليها". وبناء على هذه المعطيات، يضيف البلاغ، يستخلص أن وفاة الهالك "لم تكن ناتجة عن ظروف توقيفه واقتياده لمركز الشرطة، ولا نتيجة الصفعات التي تعرض لها من قبل عناصر الشرطة المذكورين، وإنما نتيجة الرضوض التي تعرض لها إثر إيذائه نفسه وسقوطه المتكرر على الأرضية الصلبة للغرفة الأمنية نتيجة الحالة الهستيرية التي كان عليها". وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش أن النيابة العامة ستحرص على التطبيق السليم للقانون في النازلة. وسجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان إيجابية تواصل النيابة العامة مع دفاع أسرة الضحية ياسين الشبلي، وإخبارها بقرار الإحالة، كما وعد بذلك نائب الوكيل العام للملك بمحكمة مراكش أثناء استقباله ممثلا عن الجمعية خلال الأسبوع الثاني من شهر نونبر. وفي بلاغ توصلت به هسبريس من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي أكدت دعمها ومؤازرتها أسرة الضحية ياسين الشبلي، وأنها ستنتصب طرفا مدنيا لفائدة القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانوني الوطني، وستعمل عبر دفاعها على السير قدما للكشف عن الحقيقة كاملة في القضية، والتصدي بما يقتضيه القانون الدولي لحقوق الإنسان للإفلات من العقاب، مشيرة إلى أنها تسعى إلى إنصاف الضحية والمجتمع ووضع حد للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة والقتل خارج نطاق القضاء.