قال المؤرخ والأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، عبد الله بوصوف، إن تنظيم المنتدى العالمي التاسع لتحالف الأممالمتحدة للحضارات، يومي 22 و23 نونبر الجاري بفاس، يكرس مكانة المغرب كبلد للحوار ونموذج للتعددية والتنوع واحترام الاختلاف. وأبرز بوصوف، في تصريحات صحافية عشية افتتاح هذا المنتدى العالمي، أن المغرب "يعيش ما بعد التعايش، أي الاندماج التام ما بين مختلف مكوناته؛ فكل مواطن مغربي يحمل في هويته شيئا من الإسلام واليهودية والمسيحية والعربية والأمازيغية والحسانية، إضافة إلى الروافد المتوسطية والإفريقية"، مضيفا أن "الشخصية المغربية المتعددة والمتنوعة لا تجد أي صعوبة في التعايش والاندماج مع الآخر". واعتبر المتحدث أن المغرب، "بلد الحوار بامتياز، والنموذج الفريد للتعايش بين الديانات السماوية المختلفة، يتسم بالدفاع عن المبادئ الإنسانية من قبيل التعددية والتنوع واحترام الاختلاف"، مؤكدا أن هذه العوامل كلها تشكل ضامنا لنجاح أشغال هذا المنتدى العالمي. وبعدما أشار إلى أن المملكة المغربية لطالما أولت "أهمية قصوى" للحوار بين الثقافات والحضارات والأديان، استحضر المؤرخ استقبال الملك الراحل الحسن الثاني للبابا يوحنا بولس الثاني، وكذا الزيارة التي قام بها البابا فرنسيس إلى المغرب سنة 2019، بدعوة من الملك محمد السادس، لافتا إلى أن الأخير ما فتئ يدعو في خطبه إلى أهمية تعزيز قيم الحوار والتقارب والتعايش بين الشعوب. وفي هذا السياق، أبرز بوصوف حرص أمير المؤمنين الملك محمد السادس على حماية حقوق المسلمين وغيرهم دون تمييز بينهم، مشيرا إلى صدور ظهير شريف، مؤخرا، في الجريدة الرسمية بشأن تنظيم شؤون الطائفة اليهودية المغربية، ومؤكدا أن دستور المملكة رسخ مبدأ التعايش والتعددية وجعله أحد روافد الهوية الوطنية؛ وهو ما يجعل من المغرب نموذجا رائدا بالمنطقة، كما أبرز أن "المغرب هو البلد الإسلامي الوحيد الذي يضم أكثر من متحف حول الديانة اليهودية، كما يعمل على ترميم العديد من المعابد والمقابر اليهودية في المملكة". وتطرق المؤرخ ذاته، في هذا الإطار، إلى دور إمارة المؤمنين في بناء الأمن الروحي للمغاربة، مذكرا بإعلان مراكش المعتمد في ختام أشغال المؤتمر الدولي المنعقد سنة 2016 بمراكش حول حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي، الذي شدد على أهمية التعايش والحفاظ على حقوق الأقليات. وتابع المتحدث: "من يزور المغرب سيرى الكم الهائل من الكنائس والمعابد اليهودية"، مذكرا بأن الكنائس كانت تشيد بمناطق مختلفة من المملكة حتى قبل عهد الحماية، وبأن العالم اليوم يعترف بجهود المملكة ومبادراتها في مجال تعزيز العيش المشترك. وسلط الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج الضوء على المبادرات التي اتخذها المغاربة في جميع أنحاء العالم من أجل تعزيز الحوار بين الحضارات، مشددا، بشكل خاص، على الدور الذي يضطلع به الأئمة المغاربة، واليهود المغاربة، في تكريس الحوار بين الأديان في بلدانهم المضيفة. وبخصوص احتضان المغرب المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات، ذكر بوصوف بأن فاس، التي تعد من المدن التي يزيد عمرها عن ألف سنة، سبق لها أن استضافت مؤتمرات حول حوار الثقافات والأديان والحضارات، مسجلا أن العاصمة الروحية للمملكة هي مدينة للحوار واللقاء بين الأديان والثقافات، ولطالما احتضنت شخصيات بارزة من الديانة اليهودية أو المسيحية، تابعت دراستها بجامعة القرويين. وفي ما يتعلق برهانات هذا المنتدى العالمي، سجل المؤرخ أن هذا اللقاء ينعقد في ظل سياق دولي صعب يتسم بتداعيات النزاع الروسي-الأوكراني والأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد-19، داعيا إلى اتخاذ قرارات جريئة لرفع تحدي النهوض بالعيش المشترك.