شرعوا في تنفيذ مشروعهم لزعزعة الاستقرار .. تفكيك خلية من 4 متطرفين بايعوا زعيم داعش    بحث يرصد الأثر الإيجابي لبرنامج الدعم الاجتماعي المباشر على الأسر المغربية    تحالف دول الساحل يشيد بالمبادرات الملكية لصالح تنمية إفريقيا    الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية يقدم مقترح قانون لمحاربة الإثراء غير المشروع ومكافحة الفساد في المغرب    توقيف يوسف بلايلي في مطار باريس بعد شجار مع طاقم طائرة فرنسية    فيلدا يؤكد جاهزية اللبؤات لبطولة أمم إفريقيا ويراهن على التتويج    مع اعتدالها قرب السواحل وفي السهول الداخلية .. يوعابد ل «الاتحاد الاشتراكي»: درجات الحرارة في الوسط والجنوب ستعرف انخفاضا انطلاقا من غد الجمعة    5 أعوام سجنا للرئيس السابق للرجاء محمد بودريقة مع المنع من إصدار الشيكات    شاعرية الحرف وامتداداته في تجربة نور الدين العسري    في لقاء عرف تكريم جريدة الاتحاد الاشتراكي والتنويه بمعالجتها لقضايا الصحة .. أطباء وفاعلون وصحافيون يرفعون تحدي دعم صحة الرضع والأطفال مغربيا وإفريقيا    مطالب برلمانية للحكومة بالكشف عن المكاسب التنموية للمغرب من استضافة كأس العالم 2030    إطلاق دراسة لإنجاز رصيف استقبال السفن السياحية بميناء أكادير    بنسعيد: معرض الألعاب الإلكترونية يتحول إلى محطة لبناء اقتصاد رقمي مغربي    32 قتيلا في غارات على قطاع غزة    موجة الحرارة تبدأ التراجع في أوروبا    إيران تعلق التعاون مع الطاقة الذرية    الوزارة تمدد أجل طلبات دعم الصحافة    في قلب الولايات المتحدة.. ربع الملعب مغاربة و"ديما بونو" تصدح والسعوديون يحبون المغرب            "الاستقلال" يدين استهداف السمارة    "المنافسة": سلسلة التوزيع ترفع أسعار الأغذية وتتجاهل انخفاضات الموردين    وفاة سجين من "خلية شمهروش"    الأمن يفكك عصابة للنصب والاحتيال    تفكيك خلية "داعشية" بين تطوان وشفشاون شرعت في التحضير لمشروع إرهابي    موجة حر مصحوبة ب"الشركي" وأمطار رعدية مرتقبة في عدة مناطق بالمغرب        إخماد حريق أتى على 16 هكتارا في غابة "بني ليث" بإقليم تطوان    سعر النفط يستقر وسط هدوء مؤقت    تيزنيت تستعد لاحتضان الدورة الجديدة من «الكرنفال الدولي للمسرح»    ندوة توصي بالعناية بالدقة المراكشية    ‬بعد جدل "موازين".. نقابة تكرم شيرين        نتائج بورصة البيضاء اليوم الأربعاء    صحيفة "الشروق" التونسية: ياسين بونو قدم أداء "ملحميا بكل المقاييس" في كأس العالم لأندية كرة القدم    أنغام تخرج عن صمتها: لا علاقة لي بأزمة شيرين وكفى مقارنات وظلم    الأمني: حضور رئيس الحكومة في البرلمان.. بين مزاعم بووانو وحقيقة الواقع    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    عُطل مفاجئ يصيب منصة "إكس" ويثير شكاوى المستخدمين عبر مواقع التواصل    اعتراف دولي متزايد بكونفدرالية دول الساحل.. مايغا يدعو إلى تمويل عادل وتنمية ذات سيادة    الرعاية الملكية السامية شرف ومسؤولية و إلتزام.    التنسيقية المهنية للجهة الشمالية الوسطى للصيد التقليدي ترفع مقترحاتها بخصوص '' السويلة '' للوزارة الوصية    ممثل وزارة الخارجية في المناظرة الوطنية: الذكاء الاصطناعي أداة لبناء شراكات جنوب-جنوب مبنية على القيم والمصالح المشتركة        دورتموند يعبر مونتيري ويضرب موعدا مع الريال في ربع نهائي كأس العالم للأندية    أتلتيكو مدريد يتعاقد مع المدافع الإيطالي رودجيري قادما من أتالانتا    ترامب يحث حماس على قبول "المقترح النهائي" لهدنة 60 يوما في غزة    نيوكاسل الإنجليزي يعتذر عن مشهد مسيء في فيديو الإعلان عن القميص الثالث    ملتقى فني وثقافي في مرتيل يستكشف أفق البحر كفضاء للإبداع والتفكير    كاريكاتير في مجلة "LeMan" في تركيا يشعل حالة غضب ويؤدي إلى اعتقالات واسعة    عاجل.. بودريقة يشبّه محاكمته بقصة يوسف والمحكمة تحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    أكادير تحتضن أول مركز حضاري لإيواء الكلاب والقطط الضالة: المغرب يجسّد التزامه بالرفق بالحيوان    وقت الظهيرة في الصيف ليس للعب .. نصائح لحماية الأطفال    حرارة الصيف قد تُفسد الأدوية وتحوّلها إلى خطر صامت على الصحة        ضجة الاستدلال على الاستبدال    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة في تقرير البنك الدولي حول المناخ والتنمية في المغرب
نشر في هسبريس يوم 14 - 11 - 2022

بعدما تم رفع الدعم عن قطاع المحروقات سنة 2015 بإيعاز من المؤسسات الدولية وبداعي الانفتاح وتحرير الأسعار، وصل التضخم هذه السنة إلى أزيد من 8% في أعلى مستوياته منذ 1995، موازاة مع الارتفاع المطرد في أسعار المحروقات.
في ظل هذه الظروف، ها هو البنك الدولي يعود من جديد عبر بوابة الحفاظ على المناخ من خلال تقرير أصدره مؤخرا يوم 3 نونبر 2022 تحت عنوان : ''تقرير عن المناخ والتنمية في المغرب" حيث أوصى برفع الدعم عن غاز البوتان (لتغيير سلوك المستهلك و توجيهه نحو استعمال موارد بديلة) وإضافة ضريبة الكربون (لتقليل انبعاثات الغازات الملوثة) وكذا الرفع من أثمنة الماء الصالح للشرب (لترشيد الاستهلاك في ظل شح المياه). وهذه التوصيات أثارت الكثير من الجدل في الأيام القليلة الماضية.
وفيما يلي قراءة لأهم ما جاء في التقرير:
يقع التقرير في 87 صفحة (كتب بالإنجليزية وضمّ ملخصا بالعربية والفرنسية) وتم تقسيمه إلى خمسة فصول هي :
المخاطر المرتبطة بالمناخ وفرص التنمية
التزامات وسياسات وقدرات المغرب المناخية
السياسات القطاعية في إطار اقتصاد قادر على الصمود ومنخفض الكربون
السياسات الهيكلية والاقتصاد الكلي والمالية في إطار اقتصاد قادر على الصمود ومنخفض الكربون.
مبادئ للتحول إلى اقتصاد قادر على الصمود ومنخفض الكربون.
أهم ما جاء في التقرير
ابتدأ التقرير بالإشارة إلى أن المملكة المغربية تمر بمنعطف حرج في مسيرتها من أجل التنمية. وهناك 3 تحديات من أجل تنفيذ رؤية 2035 في إطار النموذج التنموي الجديد: موجات الجفاف الشديدة التي شهدتها الآونة الأخيرة؛ و الحاجة الملحة إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية؛ ثم تحقيق كل ذلك في إطار حيز مقيد في المالية العامة.
وكشف التقرير كذلك عن العلاقة بين الأهداف التنموية للمغرب وتغير المناخ من حيث المخاطر والفرص. حيث تم تحديد ثلاثة مجالات ذات أولوية في إطار التقرير هي: أ) التصدي لشح المياه والجفاف، ب) تعزيز القدرة على مواجهة الفيضانات، ج) الحد من الانبعاثات الكربونية في النشاط الاقتصادي، والتطلع إلى مسار الانبعاثات الصفرية في خمسينيات هذا القرن.
أكد التقرير أن المغرب يمكن أن يسلك مسارا يسهم في تحقيق الأهداف المناخية والتنموية في إطار من التعاون وتضافر الجهود.
اعتبر التقرير أن الاستثمار في البنية التحتية شرط ضروري ولكنه غير كاف لمواجهة التحدي المتمثل في شح المياه.
أشار التقرير إلى أن تعريفة الماء (الصالح للشرب أو المستعملة لأغراض زراعية) ظلت عند مستويات منخفضة على الرغم من شح المياه وتوالي فترات الجفاف.
أشاد التقرير بالبنية التحتية للمياه بالمغرب (بناء أكثر من 120 سد كبير منذ أواخر الستينيات) مما ساهم في التنمية التي شهدها المغرب في الآونة الأخيرة.
أوضح التقرير أن الحد من الانبعاثات الكربونية سيتطلب استثمارات ضخمة، لكنه سيؤدي أيضا إلى إصلاحات عميقة. وتشير التكلفة التقديرية لبلوغ هدف خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول خمسينيات هذا القرن 52.8 مليار دولار.
ختم التقرير بكون تغير المناخ يؤثر بالفعل على المغرب، وفي غياب الإصلاحات من المرجح أن تزداد التكاليف الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالأحداث المتعلقة بالمناخ بمرور الوقت.
توصيات التقرير
يتبنى التقرير مجموعة من الخيارات التي يمكن أن تزيد إيرادات المالية العامة من خلال نظام الضرائب على الأنشطة البيئية وسياسات تقييم المياه، مع السعي لتحقيق الأهداف المناخية في إطار من التعاون وتضافر الجهود. لذلك يوصي التقرير بما يلي :
تطبيق ضريبة الكربون على الشركات بحسب كمية انبعاثات الغازات منها.
زيادة تعريفة المياه، يمكن أن يكون لها آثار إيجابية على المالية العامة وتشجع في الوقت نفسه على زيادة ترشيد استخدام المياه.
إلغاء الدعم الصريح لغاز البوتان، وبشكل عام، إلغاء النفقات الضريبية غير المراعية للبيئة يمكن أن يؤدي إلى تعبئة أكثر من %2 من إجمالي الناتج المحلي على المدى القصير.
محاذير التقرير
يحذر التقرير في طياته من أن هذه تطبيق هذه التوصيات الثلاث (سماها إصلاحات) يمكن أن تكون لها آثار على الفقراء والضعفاء والأكثر احتياجا؛ ولذلك، يقترح صياغة تدابير تعويضية بعناية لكفالة تحقيق تحول منصف.
كما يشير إلى أن الإصلاحات الضريبية البيئية من المرجح أن تنجح عند تنفيذها في سياق استقرار الأسعار، وبالتالي، من الضروري مراعاة توقيت الإصلاح.
ملاحظات حول التقرير
بدأ التقرير برسم صورة قاتمة حول المغرب إذ اعتبره ''أحد أكثر البلدان معاناة من شح المياه في العالم"، أخذا بعين الاعتبار توالي سنوات الجفاف، وكون الزراعة البعلية ''تمثل %80 من المساحة المزروعة في المملكة".
ثم لتبرير ما سوف يقترحه من إصلاحات، نهج التقرير سياسة التحذير من خطورة شح المياه، وأنها ستسبب الهجرة القروية مما ''قد يدفع 1.9 مليون شخص الى الهجرة نحو المدن"، وهو ما قد يشكل حسب التقرير "مصدرا رئيسيا لتقلبات الاقتصاد الكلي وتهديدا للأمن الغذائي في المملكة.
ذكر التقرير أنه بني على مجموعة واسعة من البحوث و الدراسات الكمية و النوعية وكذلك على تطبيقات جديدة للنمذجة الاقتصاديه، لكنه لم يشر إلى حيثيات هذه الدراسات ولا إلى منهجيتها ولا إلى نتائجها.
اقترح التقرير تسعة سيناريوهات محتملة من خلال القيام بتجارب المحاكاة، وبعض هذه السيناريوهات غير واقعي بتاتا مثل رفع الدعم عن غاز البوتان والزيادة في تعريفة الماء، وتطبيق ضريبة الكربون دون إعطاء أي تعويض مادي للفئات الهشة والضعيفة.
أغفل التقرير ذكر الاثار الاجتماعية المترتبة على الإجراءات الضريبية المقترحة سواء في الشق المتعلق برفع الدعم عن غاز البوتان والرفع من أثمنة الماء الصالح للشرب أو ضريبة الكربون.
اعتمد التقرير العشرات من المؤشرات الاقتصادية ضمن السيناريوهات المتوقعة، لكنه لم يذكر ولا مرة ارتفاع معدل التضخم الذي يرافق حتما التوصيات الثلاث المقترحة.
رفع الدعم عن غاز البوتان (غلاء ثمن قنينة الغاز) قد يدفع الأسر خصوصا من سكان القرى إلى الاستخدام المكثف للخشب والفحم لأغراض الطهي والتدفئة. إذ ربما يكون لهذا المقترح أثر سلبي على البيئة (تزايد استغلال خشب الأشجار واستنزاف الثروة الغابوية) والمناخ (تزايد انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون) بل وعلى صحة الإنسان أيضا. وفي هذا تناقض صارخ مع أهداف التقرير وأولوياته البيئية التي سطرها سابقا.
التزم التقرير الصمت إزاء الأسعار التي يمكن أن تباع بها قنينة الغاز للمغاربة بعد رفع الدعم عن غاز البوتان، وهذا معطى مهم لأن الثمن الحالي يمكن أن يتضاعف عدة مرات. حاليا قنينة الغاز تباع بثمن مدعّم هو 40 درهما، وتم تقدير ثمنها الحقيقي في 140 درهما (بحسب تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة). لكن إذا ما تم رفع الدعم عن الغاز فإن ثمنها حتما مرشح للارتفاع أكثر، مما قد يجعل المستهلك المغربي تحت رحمة الموزعين ورهينا بتقلبات سعر الغاز في الأسواق العالمية (كما وقع بعد رفع الدعم عن المحروقات). وعلى سبيل المثال، فإن قنينة الغاز من الحجم الكبير بوزن 13 كيلوغرام تباع في فرنسا حاليا ب 35 أورو (حوالي 380 درهما).
اقترح التقرير ضريبة الكربون في حدود 20 دولارا أمريكيا لكل 100 طن من انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون، لكنه لم يبين سبب اختيار هذا المبلغ. علما أن دولة كفرنسا عندما بدأت بتطبيق هذه الضريبة حددتها في 7أورو لكل 100 طن قبل أن تقوم برفعها تدريجيا وهي وصلت الان إلى أكثر من 45 أورو لكل 100 طن. فالأمر يتعلق بضريبة تصاعدية ومرشحة للارتفاع مع مرور الوقت، وحين تدفعها الشركات فهي تضيفها إلى التكلفة وترتفع بذلك أثمنة السلع والخدمات.
بخلاف العديد من الدول الصناعية الكبرى فإن المغرب ليس من الدول الملوِّثة، وقد ذكر التقرير أن المغرب لا يمثل سوى %0.2 من انبعاثات الغازات الدفيئة على مستوى العالم. إذن فهل يستحق الأمر أن يدفع الشعب ثمنا وتفرض عليه ضرائب وتكاليف جديدة تثقل كاهله وهي تتعلق بأساسيات الحياة من طعام و شراب (قنينة الغاز للطهي و فاتورة الماء). خصوصا وأن الأمر يتطلب 52.8 مليار دولار (كما حددها التقرير) للوصول إلى انبعاثات صفرية في أفق 2050.
الإملاءات يجب أن تواجه باللّاءات
أكد التقرير أن الإصلاحات البيئية الثلاث المقترحة ''من المرجح أن تنجح عند تنفيذها في سياق استقرار الأسعار، وبالتالي فمن الضروري مراعاة توقيت الإصلاح".
فهل يعني هذا أن الشعب المغربي لا يمكنه أن ينعم بحالة من استقرار الأسعار (بله الحديث عن انخفاضها)؟
وهل يجب تحيّن الفرصة لتطبيق هذا النوع من الإصلاحات لتعود أسعار المواد الأساسية لترتفع مجددا، ليكون الارتفاع هو الأصل ؟
وهل يجب البحث عن سبل لمحاربة المواطن المغربي في أساسيات حياته من طعام وشراب تحت ذريعة حماية البيئة و المناخ ؟
ثم ألا يكفي الاستغلال الفاحش الذي تعرض له المستهلك المغربي بسبب غلاء المحروقات (تحرير أسعار المحروقات كان بناء على توصية من صندوق النقد الدولي في ماي 2013، وتم اختيار ''بداية الإصلاح سنة 2015 أي عندما كانت أسعار برميل البترول في مستويات منخفضة) ؟
فهل سنستفيد من درس المحروقات؟ أم أننا سنُلدغ من الجحر الواحد مرات متعددة ؟
هل يمكن مقاومة ضغوط وإملاءات المؤسسات الدولية ؟
وهل نحن فعلا بحاجة إلى وصفات جاهزة تقترحها هذه المؤسسات الدولية ؟ أم أننا نستطيع أن نطبق حلولا خاصة بالمغرب من اقتراح مراكز بحثية مغربية، وإنجاز باحثين مغاربة، تراعي خصوصيات البلد اقتصاديا واجتماعيا ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.