أوصى البنك الدولي، في تقرير حديث أصدره اليوم الخميس، المغرب بإلغاء دعم غاز البوتان وزيادة تعريفة الماء. يتم دعم غاز البوتان في المغرب من خلال صندوق المقاصة. أما سعر تعريفة الماء فيتم دعمها بشكل مباشر عن طريق دعم مالية المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. وقال البنك، في تقرير "المناخ والتنمية"، إن إلغاء دعم غاز البوتان وتطبيق ضريبة الكربون يمكن أن تؤدي إلى تعبئة موارد مالية تمثل أكثر من 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى القصير. وذكر خبراء المؤسسة المالية الدولية، خلال ندوة صحافية افتراضية اليوم الخميس، أن هذه الإجراءات ستؤدي إلى تغييرات سلوكية وتعديلات اقتصادية من شأنها تحقيق منافع مناخية مشتركة. بخصوص الماء، دعا البنك الدولي إلى زيادة تعريفة المياه، حيث قال إنها ظلت عند مستويات منخفضة على الرغم من شح الموارد المتزايدة، ومن شأن الزيادة أن تكون لها آثار إيجابية على المالية العمومية مع التشجيع في الوقت نفسه على زيادة ترشيد المياه. وأقر التقرير بأن هذه الإصلاحات يمكن أن تكون لها آثار غير متناسبة على الفقراء والضعفاء. واقترح في هذا الصدد اعتماد تدابير تعويضية بعناية لكفالة تحقيق تحول منصف من خلال برنامج التحويلات النقدية جيد الاستهداف. وأشار البنك الدولي إلى أن استهداف المستحقين بالدعم أفضل خيار للتعويض عن الآثار السلبية على الأسر الأكثر حرمانا، وقال إن الحكومة بإمكانها الاستفادة من السجل الاجتماعي الموحد الذي يجري تعميمه حاليا. 78 مليار دولار حسب التقرير، يتوجب على المغرب حشد استثمارات إجمالية بحوالي 78 مليار دولار في أفق 2050 لوضع البلاد على مسار منخفض الكربون وقادر على الصمود، حيث يقترح أن تكون هذه الاستثمارات تدريجية على مراحل. وشدد البنك الدولي على أن "العائد من هذا الاستثمار سيكون كبيرا، مما يجعل المغرب أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة والصادرات، بالإضافة إلى تعزيز النمو الاقتصادي وإحداث فرص شغل جديدة، فضلا عن إنعاش المناطق الريفية، ووضع المملكة كمركز صناعي أخضر، وفي الوقت نفسه المساعدة في تحقيق أهدافها الإنمائية الأوسع نطاقا". وحدد التقرير 3 مجالات ذات أولوية للعمل المناخي العاجل؛ وهي التصدي لشح المياه والجفاف، وتعزيز القدرة على الصمود في وجه الفيضانات، والحد من الانبعاثات الكربونية في النشاط الاقتصادي. وتناول التقرير، أيضا، القضايا المشتركة على مستوى القطاعات بين التمويل والحكامة والإنصاف. وحسب البنك الدولي، يعد المغرب بؤرة مناخية ساخنة وأحد أكثر بلدان العالم التي تعاني من شح المياه، إذ يقترب بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب من المياه للشخص الواحد سنويا، وتعتبر موجات الجفاف الأكثر تواترا وشدة مصدرا رئيسيا لتقلبات الاقتصاد الكلي وتهدد الأمن الغذائي. وأشار التقرير إلى أن انخفاض إمدادات المياه بنسبة 25 في المائة وتأثير ذلك على جميع قطاعات الاقتصاد وانخفاض غلة المحاصيل بسبب تغير المناخ يمكن أن يؤديا إلى انخفاض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 6.5 في المائة، كما يمكن أن ينتج عن ذلك هجرة أكثر من 1.9 ملايين مغربي من المناطق الريفية. يتعرض المغرب لمخاطر الفيضانات بشكل مستمر، حيث رصد البنك الدولي حوالي 20 فيضانا كبيرا على مدى العقدين الماضيين؛ مما تسبب في خسائر مباشرة بلغت في المتوسط نحو 450 مليون دولار سنويا، مع تأثير غير متناسب على الأسر الأكثر احتياجا. وحسب معطيات التقرير، يؤدي ارتفاع منسوب سطح البحر إلى تفاقم مخاطر الفيضانات في المناطق الساحلية التي يقطنها أكثر من 65 في المائة من السكان وبها أكثر من 90 في المائة من النشاط الصناعي. وحدد التقرير المسارات الرئيسية للحد من الانبعاثات الكربونية في الاقتصاد بحلول خمسينيات هذا القرن لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعميم استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على نطاق واسع. وتوقع البنك الدولي أن يتم توليد أكثر من 85 في المائة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2050 ارتفاعا من 20 في المائة في 2021؛ وهو ما سيحقق مكاسب صافية لا تقل عن 28 ألف فرصة شغل سنويا في قطاع الطاقة المتجددة وأنشطة كفاءة استخدام الطاقة فقط، ناهيك عن فرص الشغل في مجال الهيدروجين الأخضر أو النقل الكهربائي أو الاستثمارات الصناعية الخضراء الأخرى، مما يعني زيادة فرص التشغيل وتعزيزها.