احتضن مدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، اليوم الثلاثاء، اللقاء الافتتاحي لماستر الدين والثقافة والهجرة حول موضوع "أي دور للدبلوماسية الثقافية في تعزيز الحوار بين الحضارات". وفي المحاضرة الافتتاحية لهذا اللقاء الذي حضره مجموعة من السفراء وممثلي السلك الدبلوماسي بالمغرب، قال الدكتور عبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، إن هذا الماستر، الذي يعتبر ثمرة شراكة بين المجلس وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، "يندرج في إطار المقاربة التشاركية التي اعتمدها المجلس في إنتاج المعرفة المبنية على البحث العلمي والتفكير العميق في الإجابات على الإشكاليات الكبرى المطروحة على الهجرة المغربية من داخل المؤسسات الجامعية التي تمثل الفضاء الطبيعي لإنتاج المعرفة والفكر"، مبرزا أهمية البحث العلمي في بلورة سياسات عمومية مبنية على أسس عقلانية ومعرفية. وتحدث الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج على مركزية السلم في التاريخ الإنساني، ودور الأديان في تعزيز قيم التعايش والتنوع لكن يتم الزج بها في الصراعات والحروب، مما يجعل صوت العداء يجد صدى أكبر في العالم وفي وسائل الإعلام على الرغم من المبادرات الإنسانية الساعية إلى الحوار والعيش المشترك للإنسانية جمعاء. وأعلن الدكتور بوصوف أن الهدف من إنشاء هذا الماستر هو "العمل على تكوين أطر ذات كفاءة قادرة على الترافع من أجل السلم وجعله الوسيلة الأساسية لبناء الإنسانية، انطلاقا مما توفره الثقافة المغربية والنموذج الديني المغربي من عناصر قادرة على تقديم الأجوبة اللازمة للتوترات التي يعيشها العالم المعاصر". وعن أهمية بعد الهجرة في البناء الإنساني وكانعكاس للحركية داخل المجتمعات، الذي يسعى هذا الماستر إلى الإحاطة به، أبرز بوصوف أن "الهجرة المغربية المعولمة قد أثرت في ثقافة دول الاستقبال من خلال تقديمها للثقافة المغربية، كما تأثرت بثقافة المجتمعات المستقبلة التي أصبح فيها المغاربة مواطنين بشكل كامل، على الرغم من أن بلدان الاستقبال وحتى بلدان الأصل لم تأخذ بعين الاعتبار البعد الإنساني للهجرة خلال الموجات الأولى، ولم تسع إلى مرافقة المهاجرين ثقافيا وروحيا وتزويدهم بالأدوات المعرفية اللازمة لاحتضان الثقافات الجديدة وتعاملت معهم بشكل تقني كيد عاملة مقيمة بشكل مؤقت". من جهة أخرى، أورد بوصوف أن ماستر "الدين والثقافة والهجرة" هو فضاء لتكوين كفاءات علمية قادرة على إيصال قيم التعدد الثقافي واللغوي والتعدد الديني، انطلاقا من النموذج الديني المغربي المتسم بالوسطية والعقلانية والليونة والتصوف، الذي يشكل منطقة عازلة تجمع المنتسبين لجميع الديانات وحتى غير المتدينين، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المضامين الفريدة الواردة في ديباجة الدستور المغربي، التي تعترف بتعدد روافد الهوية المغربية وتؤسس لنموذج مثالي في التعايش الديني الذي ميز المجتمع المغربي على مر التاريخ، زيادة على تقريب المبادرات الكبرى التي يرعاها الملك محمد السادس فيما يخص الاهتمام بالجالية اليهودية المغربية وتأطيرها مؤسساتيا وتثمين موروثها الثقافي والحضاري، والعمل على إيصال هذه القيم إلى الجالية المغربية والمساهمة في بناء التعايش.