في ظل تراجع الاحتياطي الاستراتيجي لمياه السدود في الأسابيع الأخيرة بسبب معضلة الجفاف، دعا خبراء البيئة إلى استغلال الوضعية لإزالة الأوحال التي تستنزف السدود الوطنية. ووفقا لتقرير سابق للمجلس الأعلى للحسابات، يقدر الحجم الإجمالي للتوحل ب2.24 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل نحو 12.72 بالمائة من إجمالي سعة السدود المقدرة بنحو 17.6 مليار متر مكعب. وتتطلب عملية إزالة الأوحال تكلفة مالية باهظة على الصعيد العالمي، قد تتجاوز ميزانية تشييد السد في بعض الأحيان، وهو ما يطرح تحديات كبرى على صانع القرار البيئي بالمغرب. ويهدد التوحل مستقبل المنشآت المائية بالمملكة في العقود المقبلة، خاصة أن التقارير الرسمية تشير إلى أن الظاهرة تساهم في فقدان 70 مليون متر مكعب من سعة السدود كل سنة. ويؤدي ضعف الغطاء النباتي وتوالي الفيضانات والجفاف والضغط على المجال الغابوي إلى الرفع من وتيرة انجراف التربة، ما من شأنه زيادة توحل حقينة السدود المغربية. في هذا السياق، قال أيوب كرير، خبير مغربي في التنمية المستدامة، إن "التوحل ظاهرة بيئية لا تقتصر على المغرب فقط، بل تشمل كل بلدان العالم"، مبرزا أنها "تكلف ميزانية ضخمة من المالية العمومية". وأضاف كرير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المغرب نهج سياسة فريدة من نوعها في ما يتعلق بتشييد السدود منذ الحصول على الاستقلال، وذلك رغبة من الدولة في الحفاظ على الأمن المائي". وواصل بأن "التحدي المائي ليس وحده المطروح على المغرب، وإنما هناك تحدٍ آخر يرتبط بصيانة السدود، خاصة في الظرفية الحالية بسبب الجفاف النسبي لعدد منها". وذكر الباحث المغربي في التنمية المستدامة بأن "مجموعة من السدود الصغيرة والكبرى تعاني بشدة من التوحل، ما يستدعي ضرورة البحث عن حلول ميدانية مستعجلة خلال الأشهر المقبلة". واعتبر أن "صيانة السدود تتوزع بين الحلول الطبيعية المتمثلة في غرس الأشجار لتفادي انجراف التربة، والحلول التكنولوجية المجسدة في اعتماد الأسماك التي تقتات على الكائنات الحية". ويرى كرير أن "الحلول التكنولوجية مكلفة للغاية، ولا تعتمدها سوى البلدان الكبرى"، لكنه دعا إلى "الاستفادة من خبرة الكفاءات المغربية بالخارج التي تدير العديد من الشركات الأجنبية".