تركت الوعكة الصحية التي تعرض لها الرئيس الجزائري أبريل الماضي بصمة كبيرة على الحياة السياسية في البلاد خلال عام 2013، وغيّبت الرجل الاول في الدولة ثلثي العام عن النشاط الميداني حيث اقتصر حضوره على لقاءات وبيانات نقلتها وسائل الإعلام الرسمية للمشاهد الجزائري. وتعرّض الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 27 أبريل الماضي لجلطة دماغية سميت رسمياً "نوبة إقفارية عابرة" نقل على إثرها للعلاج بفرنسا وجعلت من الرجل المعروف بنشاطه السياسي والدبلوماسي الكثيف وجولاته الميدانية الكثيرة خلال السنوات الماضية، لا يظهر إلا من خلال صور تبث على التلفزيون الرسمي وهو يستقبل مسؤولين في الدولة أو ضيوف أجانب. وانتظر الجزائريون قرابة شهرين كاملين ليروا رئيسهم للمرة الأولى بعد تعرضه للوعكة صحية، حيث بثت في 12 يونيو الماضي صوراً له وهو يستقبل بلباس غير رسمي الوزير الاول عبد المالك سلال وقائد أركان الجيش أحمد قايد صالح بمقر إقامته ب"مستشفى ليزانفاليد" الباريسي. وعاد بوتفليقة للجزائر منتصف يوليو الماضي لإكمال فترة نقاهته بعد مدة غياب عن البلاد دامت 80 يوما لكن الجدل السياسي بشان وضعه الصحي تواصل بعد نشر وسائل الإعلام الفرنسية خبرا عن عودته على كرسي متحرك من مشفاه الباريسي. وكان الرئيس الجزائري يرد في كل مرة على هذا الجدل بصور في التلفزيون الرسمي تظهره على أنه استأنف نشاطه الرسمي وهو يستقبل المسؤولين الكبار في الدولة وحتى الضيوف الأجانب بمقر إقامته الرئاسية الواقعة غرب العاصمة الجزائر. وأصدر الرئيس الجزائري مطلع سبتمبر سلسلة قرارات هامة بإجراء تعديل حكومي كبير طال وزارات سيادية والمجلس الدستوري نصب عليها أشخاصاً موالين له، إلى جانب تغييرات داخل المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات القوي وكذلك تغييرات في سلك محافظي الولايات أظهرته كرجل سياسي متحكم في مفاصل الدولة. ورغم عودته القوية إلى الساحة السياسية بهذه القرارات إلا أن بوتفليقة لم يظهر في أي نشاط رسمي ميداني يتطلب جهدا بدنيا واكتفى باستقبال ضيوفه وهو جالس باستثناء مرة واحدة ظهر فيها واقفا لأول مرة عندما استقبل المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي في العاشر من نوفمبر الماضي. وبذلك تغيّب بوتفليقة عن النشاط الميداني لأكثر من 240 يوماً وذلك منذ الإعلان عن الوعكة الصحية التي تعرض لها في أبريل/ نيسان ولغاية نهاية عام 2013. وينوب عن الرئيس الجزائري في الإشراف على النشاطات الرسمية في الجزائر وحتى المحافل الدولية عادة الوزير الأول عبد المالك سلال وعبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان). وعقد بوتفليقة منذ عودته من العلاج بفرنسا اجتماعين فقط لمجلس الوزراء الأول في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي والثاني، الإثنين الماضي، لكن الصور التلفزيونية الرسمية حول اللقاء أظهرته في المرتين وهو جالس. ولم يعلن بوتفليقة لحد اليوم ترشحه الرسمي أو حتى نيته في الاستمرار لولاية رابعة رغم دعوات لترشحه بشكل أبقى على الغموض في الساحة السياسية الجزائرية بخصوص تطورات الوضع مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة المقررة أبريل القادم بحكم أن وضعه الصحي لا يسمح له بخوض حملة دعائية بنفسه وسط تسريبات بشأن وجود تعديل دستوري يستحدث بموجبه منصب نائب للرئيس يقوم مقام بوتفليقة في الاجتماعات والجولات الميدانية.