في الصورة المطربة اللبنانية نانسي عجرم "لماذا نشبه المغربيات اللواتي يتجهن إلى الغناء بالعاهرات؟" "" كان السؤال صادما ومؤلما في آن وأنا أسمعه من صديقة أذهلتها هذه الأخبار القادمة من كل شارع عربي عن فتيات مغربيات يتسكعن في الملاهي والشقق المفروشة باسم الفن . أصحيح أن هذه الدعارة الفنية إنتاج طبيعي للكبت الخليجي العابر عبر الفضائيات،. أم تلك الفضائيات أوصلت إلى كل البيوت ما كان حكرا على الفنادق الفاخرة والحفر الليلية التي لا تصحو إلا إذا هل الظلام. المغنية المغربية قبل الفضائيات وقبل التلفزيون وحتى الراديو كانت مرتبطة بالإغراء وسوء الخلق. المغنية المغربية كانت شيخة أيتها السادة. والشيخة قبل أن يحملها تلفزيون القمعي البصري إلى كل البيوت المغربية كانت تمارس الغناء مصحوبا بقوى إغراء تدميرية. بداية بالشعر المنسدل حد التحيار في زمن كان الحجاب والنقاب فريضة اجتماعية وأخلاقية بديهية. مرورا بالتلواز الذي فاق فداحات روبي وشاكيرا، وصولا إلى البوط الذي يرتعد أمام أنف الرجال مغريا إياهم بترك الكف تفعل ما تريد فقط مع واجب التعلاق. إن من يقول إن المغنيات المغربيات تفسخن في زمن الفضائيات البترولية واهم. إن من يريد أن يحمل المسؤولية للوليد بن طلال يتعسف على الحقيقة. إن من يبكي الفضيلة التي كانت وما عادت في زمننا المغربي كذاب. إن من يصور بوشعيب البيضاوي كنجم كبير دون أن يشمئز من لباسه النسائي وماكياجه الأنثوي ويرجم المخنثين من مطربي اليوم مجرد منافق. إن من ينظر إلى نانسي عجرم أو هيفاء وهبي كمطربة إغراء. وينظر إلى المغنية المغربية وهي تتدلل في الفيديو كليب وتتغنج في السهرات الفضائية كعاهرة مجرد مخادع. يجب أن نعترف بشجاعة بأن ما تغير فينا هو قبولنا كأسر بأن تنحدر بناتنا إلى هذا النوع من الفن. كانت البنت التي تختار الغناء الشعبي تهرب من بيت والديها فيتلقفها البار وصيادو المتعة. كانت الشيخة سبة، وابنها منبوذا، وأسرتها تستحيي أن ترفع رأسها في الدرب. كانت دكاكين الغياطة أوكارا مشبوهة، وكانت لغة الشيخات وثقافتهن تلتقط مفرداتها من الأزقة المظلمة وتستعيرها من ليالي الغرف الواطئة. والآن الآن فقط،صارت الأسرة تدفع لبناتها مصاريف السفر مدججة بدعوات الرضا. صار الأب يخرج إلى المسجد وهو يدعو الله أن يوفق صغيرته في شوارع القاهرة وبيروت. المهم هناك، وليس هنا في راس الدرب. وصارت التي كنا نعتبرها عاهرة بكلامها الساقط ،تتقن اللغات كل اللغات، ولم تعد تخجل. هذا ما تغير فينا. لذلك ،لا ينبغي أن نبكي الغناء المغربي الجميل الطاهر العفيف الفاضل، لأن ذات الغناء لم يكن جميلا تماما ولا طاهرا تماما ولا فاضلا تماما. وأكثر من كل هذا ،لم نكن نحن بنفاقنا أكثر طهرا مما نحن عليه اليوم. فعذرا فنانتنا العظيمة نانسي عجرم. [email protected]