البعض يخشى هيمنة التيار الفرنكفوني عليها وإقصاء التيارات المخالفة، ومنها الإسلامية عبر ناشطون أمازيغيون في المغرب عن تخوفهم من أن تمثل القناة الفضائية الأمازيغية الرسمية، المرتقب انطلاقها في يونيو 2009، التوجه الفرنكفوني النافذ في البلاد، وتقصي التيارات المخالفة، ومنها التيارات ذات المرجعية الإسلامية. "" ففي تصريح لشبكة "إسلام أون لاين.نت" عبر الهاتف قال عبد الله أوباري، الناشط في جمعيات مختصة بالعمل الأمازيغي في منطقة سوس (جنوب)، إن: "الهيئات المدنية والسياسية تأمل أن تمثل القناة المرتقبة جميع التوجهات الفكرية والسياسية، ضمن محددات الهوية الوطنية التي يضمنها الدستور". ورأى أوباري في القناة المرتقبة "مبادرة مهمة نحو الانفتاح على قطاع واسع من الشعب بما يسلط الضوء على مكونات الثقافة الأمازيغية، التي لم تجد مكانا لائقا بها على مستوى المشهد الإعلامي الوطني طيلة العقود الماضية". غير أنه عبر عن تخوفه وباقي المؤسسات العاملة في الحقل الأمازيغي من أن "تقصي القناة فئات واسعة من التيارات الأمازيغية". وأوضح أوباري: "لا نريد كناشطين أمازيغ من ذوي المرجعية الإسلامية تكرار تجربة القناة الثانية (دوزيم)، بحيث تركز القناة المقبلة على إبراز أفكار وتوجهات التيار الأمازيغي النافذ، وهو تيار فرنكفوني ينادي بالعلمانية؛ مما يعني إقصاء الغالبية العظمى من الأمازيغ التي تتشبث بالهوية المغربية المتنوعة التي يؤطرها الإسلام". وتتلقى القناة الثانية المغربية سيلا من الانتقادات اللاذعة من خبراء الإعلام والناشطين السياسيين؛ جراء توجهها الفرنكفوني وسيطرة اللغة الفرنسية على أغلب برامجها، في حين يتم التضييق على البرامج المعدة باللغة العربية، ومن بينها البرامج الدينية. بدوره، قال محمد بوشعرة، رئيس جمعية الشروق للثقافة والتنمية، والناشط في العمل الأمازيغي: "ننتظر بدء بث القناة لمتابعة برامجها قبل أن نعلن موقفنا منها، وسنطرح مقترحاتها لتصويب عملها". غير أن بوشعرة أضاف في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" أن "الجميع متخوف من برمجة القناة؛ لكونها لن تخرج عن الإطار الرسمي المحدد للعمل الإعلامي بما يفقدها بريقها.. ما علينا سوى الاطلاع على القنوات المغربية الأخرى، التي تعاني هروب المشاهدين نحو القنوات الأجنبية، لنتأكد من هذه الحقيقة". الحكومة تطمئن الحكومة من جهتها تكرر أن القناة الأمازيغية ستسعى إلى تثبيت "الهوية المغربية بتراكماتها الغنية وروافدها المتنوعة التي تحتل فيها الثقافة الأمازيغية موقعا متميزا". وقال وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة، خالد الناصري، إن القناة "ستجسد التنوع الثقافي والحضاري الذي ميز الهوية المغربية على مر العصور". لكنه أضاف "أن هذا المنتج، الذي سيشكل إضافة نوعية في المشهد الإعلامي، سيعكس من خلال برامجه مغرب الحداثة والديمقراطية والانفتاح". ووقعت الحكومة عقدا مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية بشأن الترتيبات النهائية لإطلاق القناة، ورصدت للمشروع الأول من نوعه في المنطقة، حوالي 500 مليون درهم (57 مليون دولار أمريكي) على مدى أربع سنوات. ووصف أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (رسمي)، تأسيس القناة بأنه "حدث تاريخي بالنسبة للمغرب؛ لكونه سيشكل محطة أساسية في مسار تعميق الحق في الإعلام". وأضاف بوكوس في تصريح صحفي أن المشروع يأتي مؤكدا ل"منظومة حقوق الإنسان، باعتبارها منظومة متكاملة غير قابلة للتجزيء تتضمن الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية". وأعرب عن استعداد المعهد لتقديم الخبرات الضرورية للقناة في مجال اللغة والثقافة الأمازيغيتين. ثلاث لهجات ولم تعلن الجهات المختصة عن تفاصيل المواد المرتقب بثها في القناة، غير أن مصادر عاملة في القناة الأولى الرسمية، فضلت عدم الكشف عن هويتها، قالت ل"إسلام أون لاين.نت" إن القناة ستبث برامج وثائقية عن البيئة والثقافة الأمازيغية المغربية، إضافة إلى نشرات إخبارية، وبرامج دينية للإجابة عن تساؤلات المواطنين. وينتظر أن تشمل القناة برامج ناطقة باللهجات الأمازيغية الثلاث، وهي "تاريفيت"، التي ينطق بها أهل الشمال، و"تامازيغيت"، التي ينطق بها سكان الوسط في جبال الأطلس، و"تشلحيت" التي ينطق بها أهل الجنوب. ومنذ أكثر من عشر سنوات شرعت القناة الأولى والثانية في تخصيص نشرات إخبارية باللهجات الثلاث، غير أن الجمعيات الناشطة في الحقل الأمازيغي كانت تعبر دوما عن رفضها لهذا "التحجيم"، وتطالب بتخصيص مجال أوسع للأمازيغ. وتعد دسترة اللغة الأمازيغية وجعلها لغة رسمية من أبرز مطالب الحركة الأمازيغية المغربية، إلى جانب إدماج اللغة ضمن برامج التعليم، باعتبارها مكونا رئيسيا من مكونات الهوية المغربية. وتحاول السلطات احتواء مطالب الأمازيغ، وأسست من أجل ذلك في عام 2001 "المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية"، بهدف الحفاظ على الأمازيغية وتطويرها لغة وثقافة.