لم يكن مسار الكوري الجنوبي سون هيونغ-مين الذي يأمل غدا الأربعاء، قيادة توتنهام الإنجليزي إلى نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، نحو النجومية مماثلا لزملائه أو خريجي أكاديمية أياكس الهولندي الذي يستضيف النادي اللندني إيابا بعد فوزه ذهابا في لندن 1-صفر. وبعد أن غاب عن لقاء الذهاب بسبب الإيقاف، يعود سون إلى توتنهام الأربعاء، من أجل محاولة تكرار ما قدمه في ربع النهائي ضد الخصم المحلي مانشستر سيتي بتسجيله ثلاثة أهداف في الذهاب والإياب. وعلى بعد قرابة 8500 كلم، سيكون شقيقه المهاجم سون هيونغ-يون الذي يكبره بثلاثة أعوام، جالسا خلف شاشة التلفاز وهو يشجع رفيق الدرب بكل ما لديه من حماس، على أمل أن يحقق الإنجاز ويقود توتنهام إلى النهائي الأول له على الصعيد القاري منذ 1984. لسنوات، تولى الوالد سون وونغ-جونغ مهمة تدريب ولديه هيونغ-مين وهيونغ-يون، هادفا إلى حملهما إلى القمة من خلال النظام الصارم والمنضبط الذي اتبعه اللاعب المحترف السابق. وفي مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، يتذكر هيونغ-يون "كل شيء فعلناه كان يتمحور حول كرة القدم. كان والدنا يطلب منا الذهاب إلى الفراش مبكرا من أجل لعب كرة القدم، وأنه يتعين علينا تناول الطعام جيدا للعب كرة القدم". وتابع "لقد قال دائما إن الحياة قصيرة ويجب أن نفعل الأشياء التي نحب. وعندما نفعل ذلك، يجب أن نتابعها إلى حد الوصول إلى الجنون بعض الشيء". اهتم الوالد في تمارينه بالتركيز على مهارات الكرة وعدم السماح لهما بالتسديد أو الانضمام إلى فريق، لأن الهوس بتسجيل الأهداف كان سيشتت تركزيهما. ومن هنا وضع الوالد الأسس للابن الصاعد. لم يفوت وونغ-جونغ أي فرصة لمحاولة تعزيز قدرات ولديه، ويتذكر هيونغ-يون التمارين التي أجراها وشقيقه في يوم عيد رأس السنة على أرض مغطاة بالثلوج وفي البرد القارس، حين كان في الثالثة عشرة من عمره. وبسبب البرد القارس، غطى أذنيه بيديه فما كان من الوالد الذي كان يُظهر لولديه كيف يراوغان بالكرة، أن توجه إليه قبل أن يصب غضبه عليه، كما كان يفعل في كثير من الأحيان عندما كان يشعر بأنهما لا يبذلان قصارى جهدهما. وقال هيونغ-يون الذي وصل لاعبا فقط إلى دوري الدرجة الخامسة في ألمانيا لكنه الآن مدرب في أكاديمية سون لكرة القدم التي يديرها والده، "نشأتنا كانت قاسية جدا. شكك بعض جيراننا في أنه والدنا الحقيقي". - اشتاق إلى الكيمشي - كان الولدان يتطلعان إلى والدهما الذي أمضى ساعات في التقاط أصغر الحصى من أجل تهيئة الأرض لتمارينهما، واعتبرا كلامه "منزلا". لكن الشقيق الأكبر كان يتشاجر غالبا مع الوالد، بعد أن ورث منه مزاجه الحاد، بينما كان هيونغ-مين لا يعارض أي شيء يفرض عليه. ويتذكر الأخ الأكبر لوكالة فرانس برس "حتى عندما يتعرض للتوبيخ من قبل والدنا، كان هيونغ-مين يواصل عمله مع ابتسامة". إن انتقال سون من الكوري الواعد إلى النجم الأوروبي مر عبر أكاديمية الشباب في نادي هامبورغ الألماني التي التحق بها حين كان في السادسة عشرة من عمره، تاركا المدرسة للقيام بذلك في قرار غير مألوف وبدعم من والده. لكن البداية كانت صعبة للغاية، فبعد وقت قصير من وصوله إلى ألمانيا، اتصل هيونغ-مين بأسرته ليقول إنه اشتاق إليهم وحتى أنه اشتاق للكيمتشي، وهو طبق الكرنب المخمر الذي يعد الوجبة الأساسية على طاولة الطعام لدى الكوريين. وكشف هيونغ-يون "لم يكن حتى يحب الكيمتشي لكنه كان يبكي ويقول إنه يريد أن يأكل الكيمتشي ويفتقد عائلتنا"، مشيرا إلى أنه كان على شقيقه أيضا مواجهة حاجز اللغة والعنصرية. وأخبر هيونغ-مين شقيقه الأكبر أنه تعين عليه التغلب على الصعوبات، ما دفع بجميع أفراد الأسرة للانتقال إلى هامبورغ من أجل دعم الابن الأصغر. - "الرغبة في تحقيق الفوز" - في المدرسة الابتدائية، كان هيونغ-مين يتناول الكثير من الوجبات السريعة ما جعله بدينا بعض الشيء بحسب ما كشف شقيقه، لكنه كان عازما دائما على النجاح كلاعب كرة قدم. وكشف استاذ سون في المدرسة المتوسطة، كوون سون-يونغ، أن تلميذه "كان مصمما لبلوغ هدفه. حاول تعلم اللغة الإنجليزية واحتفظ بمذكراته حيث كتب أنه سيحقق حلمه كلاعب كرة قدم". كان سون ذكيا وودودا وطفلا سعيدا، بحسب شقيقه، لكنه كان دائما تنافسيا، موضحا "عندما كنا صغارا، لعبنا في ألعاب الفيديو كثيرا وهيونغ-مين كان جيد جدا، وكنا نكره الخسارة، ولذلك كنا نتمرن بألعاب الفيديو كل على حدة". لكن في النهاية "تشاركنا أنا وهيونغ-مين هدف الانضمام إلى المنتخب الوطني. وفي هذه الناحية أنا لم أفلح، بينما نجح هيونغ-مين". شوهد هيونغ-مين متأثرا جدا والدموع في عينيه بعد أن خسر "محاربو التايغوك" أمام المكسيك في نهائيات كأس العالم العام الماضي، مما مهد الطريق لإقصائهم من الدور الأول. بالنسبة إلى هيونغ-مين، شقيقه كان "يبكي من الغضب. وأعتقد أنك في حاجة إلى التمتع بهذه الرغبة الكبيرة لتحقيق الفوز".