يوحى إلى متتبع الدوري المغربي في نسخته الإحترافية الثالثة، خاصةً في دورتيه الأخيرتين، أن ألفريد هيتشكوك، المخرج السنيمائي الشهير، قد بعث من جديد ليحبك تفاصيل المشاهد الأخيرة، من فيلم عنوانه الرئيسي التحليق في سماء العالمية.. قلق، خوف، تعاطف وترقب قبل أن يغتال القرش المسفيوي أحلام النسور، ويحمل بشرى العالمية لمغرب آتليتيكو تطوان. تسعون دقيقة جردت نسور الرجاء من حلم المشاركة في المونديال لثالث مرة في تاريخها والثانية على التوالي، في وقت كان مصير التتويج بين أرجلها، إلا أن تفاصيل صغيرة حالت دون حسم اللقب لصالحها في موقعة آسفي. كبرياء القرش يغتال طموح النسر.. لم يكن أولمبيك آسفي خلال السنوات الأخيرة بذلك الفريق الذي يضعف أمام أندية البيضاء، سواء داخل أم خارج قواعده، فما بالك إذا تعلق الأمر بمباراة مصيرية أمام الرجاء البيضاوي، فيها يطير النسور إلى العالمية أو يغطس القرش المسفيوي في القسم الثاني. تشبث المسفيويون بالبقاء جعلهم يلعبون مباراة العمر أمام الرجاء البيضاوي، قبل أن يستغل رفيق عبد الصمد الهفوة المشتركة بين خالد العسكري والدفاع الرجاوي ليسجل الهدف الوحيد لفريقه الذي صمد منذ الدقيقة 37 حتى إطلاق الحكم يوسف الهراوي صافرة النهاية، معلناً بذلك ضمان بقائه ضمن أندية الصفوة مهدياً العالمية للمغرب التطواني. ضغط اللقب والملعب أثرا في مردود النسور بآسفي بدا جلياً لمن تابع لقاء الرجاء البيضاوي الذي حل ضيفاً على أولمبيك آسفي، انخفاض أداء رجال فوزي البنزرتي مقارنةً مع ملحمة الأسبوع الماضي التي سحق فيها المغرب التطواني بخماسية جعلته المرشح الأقوى للفوز باللقب. تيه جماعي للفريق الرجاوي وسط الميدان، وتضييع لكرات منحت الأفضلية لأصحاب الأرض، وعجز في اختراق الجدران المسفيوية فشل معه أبورزق والرفاق في بناء هجمات وصنع محاولات، وإن أتيحت، ضلت طريقها نحو شباك حمزة حمودي. غياب شخصية الرجاء له ما يبرره، ففعاليات الفريق أبدت تخوفها قبل المواجهة من أرضية ملعب المسيرة أكثر منه من أولمبيك آسفي، وهو ما برز في جل أطوار اللقاء حيث بدا لاعبو الرجاء عاجزون عن ترويض الكرة ليستحيل بذلك فرض وصيف بطل العالم إيقاعه في هذه المباراة. تمريرات الصالحي الحاسمة غيبتها الإصابة من تابع مردود ياسين الصالحي في المباريات الأخيرة رغم عودته حديثاً من الإصابة، لاحظ تطوراً كبيراً في مستواه التقني، حيث ساهمت تمريراته في العمق ووراء ظهر المدافعين في حسم نتيجة مجموعة من اللقاءات للصالح النسر الأخضر ليصبح من أهم الركائز في تشكيلة فوزي البنزرتي، لكن الإصابة التي عاودت محبوب الجماهير الرجاوية هذا الأسبوع، حرمت الفريق من خدماته خلال هذه المباراة، حيث لم يتم إقحامه إلا في ربع الساعة الأخير من اللقاء مكان حمزة أبورزوق، لم يستطع أن يبلي خلالها أحسن مما قدمه الرفاق. انتكاسة بلون أخضر و نشوة الفوز بالأزرق و الأحمر "غير لعبوا غادين تربحوا.." هكذا حاولت الجماهير الرجاوية التي حضرت بأعداد محترمة رغم الكوطة التي فرضتها إدارة الفريق المضيف، ولم تتوقف طيلة 90 دقيقة +6 عن التغني بإنجازات الخضر لعل متولي والرفاق ينتفضون لإعادة إنجازات الماضي وتخليدها، قبل أن تصطدم بواقع لقب ضاع من أقدام لاعبيه، مانحين مشعل العالمية للحمامة التطوانية التي ستمثل المغرب في مونديال الأندية دجنبر المقبل. بالمقابل، ألهب هدف رفيق عبد الصمد مدرجات الجماهير المسفيوية التي عبرت عن فرحتها بشكل هستيري، قبل أن تواصل الإحتفال بطريقتها بعد انتهاء المباراة لضمانها البقاء في القسم الأول من جهة، ولإطاحة فريقها بوصيف بطل العالم وتجريده من حلم العالمية من جهة أخرى. بودريقة.. هل يلتزم بالإستقرار التقني..؟ بعد تبخر حلم المونديال، وقبله "الشامبيانزليغ" التي تغنى بهما شعب الرجاء شوقاً، سيكون مكتب الرجاء البيضاوي برئاسة محمد بودريقة أمام أولى الإمتحانات قبل الشروع في التحضير للموسم الكروي المقبل والمتمثل في تقرير مصير الطاقم التقني للرجاء وما إذا كان سيلتزم بمبدأ الإستمرارية لإستثمار مكتسبات الكتيبة الخضراء هذا الموسم في غياب الألقاب لتحصيلها الموسم المقبل خاصةً وأن الفريق مشارك رسمياً في منافسات دوري أبطال إفريقيا. فوزي البنزرتي، صاحب اللمسة الخفية، كثير ممن تساءلوا عما قدمه للرجاء عدا نهائي كأس العالم للأندية الذي يعتبر تتويجاً لعمل محمد فاخر أكثر منه لمسةً للتونسي البنزرتي.. الرجل قاد الرجاء إلى الفوز بخماسية سيحفظها التاريخ أمام ممثل المغرب في المونديال المقبل، هو من قاد الرجاء للفوز على الوداد البيضاوي في الديربي وعلى الجيش الملكي في الكلاسيكو، هو من عاد بالرجاء من بعيد للمنافسة على لقب البطولة حتى الدورة الأخيرة، هو وعزيمة مساعديه واللاعبين، فهل يستمرون؟