تكاد الأزمة المالية التي تتخبط فيها الفرق الوطنية تعلن نفسها وباءً يفتك بكل نادي، مهما توفر قميصه على أكبر عدد من لوغوهات شركات ممولة ومساندة له.. وباء لم يفاضل بين الأندية، فأصاب صغارها وكبارها، لتصبح بخسة التقييم مادياً بقدر طموحها الكبير رياضياً. أزمة لمسناها بجلاء، خاصةً بعد دخولنا منعرج الإحتراف، في خزائن الفرق الوطنية، حرمت بعضها من الدخول في تربصات إعدادية قبيل بداية المواسم الكروية، وجعلت البعض الآخر إما تلعب دور المتفرج في كل فترة ميركاتو، أو تتخلى عن أبرز أسلحتها، لصالح فرق أخرى، لا لشيء سوى لتسوية الوضعية المادية لما تبقى لها من لاعبين، فيما تنهمك الأندية الأفضل حالاً، رغم نذرتها، في البحث عن موارد مالية قارة لها.مشكل خاضت في مناقشاته مجلة "تيلكيل"، واضعةً مقارنة بين قيمة أهم مورد مالي للفرق الوطنية الممارسة بالقسم الوطني الأول ألا وهو عائدات النقل التلفزيوني، وبين قيمة نفس المورد بالنسبة للفرق الأوروبية، أو حتى فرق شمال إفريقيا، حيث لا تتعدى المنح التي تحصل عليها الأندية الوطنية الخاصة بهذا الجانب 3,5 ملايين درهم لكل فريق سنوياً، في الحين الذي تتقاضى فيه أندية الليغ 1 ما بين 330 و390 مليون درهم مقابل حقوق النقل التلفزيوني لمبارياتها، أما أندية البوندسليغا فتضخ في خزائنها 890 مليون درهم. أما ميزانيات الأندية الوطنية، فتظل ضئيلة بالنظر لمتطلبات كرة القدم الحديثة ومستلزمات الإحتراف، حيث تتراوح ميزانيات الفرق من الأغنى إلى الأفقر، بين 50 و9 ملايين درهم كأدنى ميزانية تخول لصاحبها الممارسة بالقسم الأول من البطولة الوطنية الإحترافية وفق ما ينص عليه دفتر التحملات. ميزانيات إذا قارناها بنظيرتها في شمال إفريقيا، نكون قد سلمنا بأن هنالك خلل ما في تسيير الأندية المغربية، حيث أن نادي الأهلي المصري مثلاً، ورغم الظروف السياسية التي تعرقل السير العادي للدوري المحلي، فتتوفر على ميزانية تشكل خمسة أضعاف ميزانية أغنى الأندية المغربية. وضعية مؤرقة، تجعل من الأندية تتربص برؤساء أغنياء لها، تنتظر منهم استثمار جزء من ثروتهم لإنتشال الفريق من براثن الأزمة، لكن أكرمهم يقرض النادي بهدف الترويج لإسمه، متمسكاً بكرسي الرئاسة حتى استرجاع آخر سنتيم مما أنفقه على الفريق، مع الفائدة في أغلب الأحيان. وحتى الشركات الراعية أو الممولة للفرق بالدوري المغربي للمحترفين، فلم تعد ترضى بالتكفل مادياً بفريق يعيش أزمة على مستوى النتائج، أو لديه أسلوب لعب غير ممتع، مبخسة القيمة المالية التي تمنحها للأندية بحجة أن بطولتنا تفتقد للإثارة والمتعة، وأن كيفية تسيير أمور الفرق غير مهيكلة، لتبقى العشوائية والارتجالية عنوانان لواقع تدبيري -إداري متخلف و لا تتعدى رؤيته المدى القريب.