لم يكن أي من حارسي المرمى المصري عصام الحضري والكاميروني فابريس أوندوا يتوقع أن يترك هذه البصمة الهائلة التي تركها من خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية الحادية والثلاثين المقامة حاليا في الجابون. ولكن الظروف التي مر بها كل من المنتخبين المصري (أحفاد الفراعنة) والكاميروني (الأسود غير المروضة) دفعت بالحارسين إلى الواجهة للدرجة التي يتوقع معها أن يلعب الحارسان الدور الأكبر في حسم اللقب بهذه النسخة من البطولة الأفريقية. وساهم كل من الحارسين بشكل فعال وهائل في قيادة فريقه إلى المباراة النهائية للبطولة والتي تقام غدا الأحد في العاصمة الغابونية ليبرفيل. وعلى طريقة البرنامج الشهير "من سيربح المليون ؟"، أجاب الحضري وأوندوا على الأحجيات التي واجهها كل منهما خلال مباريات البطولة وتصدى للعديد من الفرص الخطيرة في المباريات التي خاضها فريقه عبر الأدوار السابقة من البطولة ليصبح الحارسان على مسافة خطوة واحدة من إحراز الجائزة الكبرى والفوز بكأس البطولة. وخلال مسيرتهما في البطولة، استعان كل من الحارسين بالأصدقاء من مدافعي المنتخبين المصري والكاميروني في بعض المواقف الصعبة لكن الإجابة والكلمة النهائية كانت لهما في العديد من المواقف. وساعد الحضري وأوندوا منتخبيهما في إقصاء أقوى المنافسين حيث تصدى الحضري للعديد من الفرص الصعبة في مباريات الفريق أمام غانا في الدور الأول وأمام المغرب في دور الثمانية وبوركينا فاسو في المربع الذهبي علما بأن لقاء بوركينا انتهى بركلات الترجيح التي شهدت تصدي الحضري لركلتين. وفي المقابل، ساعد أوندوا فريقه على اجتياز أكثر من عقبة صعبة وفي مقدمتها عقبة السنغال في دور الثمانية حيث تصدى أيضا لركلة ترجيح كما كان حصنا منيعا لفريقه في مواجهة هجمات المنتخب الغاني (النجوم السوداء) بالمربع الذهبي للبطولة ليفوز المنتخب الكاميروني 2 / صفر. وقدم الحضري دورا بارزا في بلوغ المنتخب المصري (أحفاد الفراعنة) المباراة النهائية للبطولة منذ مشاركته بديلا في المباراة الأولى للفريق بالبطولة وحتى تصديه لركلتي ترجيح أمام بوركينا فاسو. والآن، يعلق أحفاد الفراعنة الكثير من آمالهم على الحضري غدا في المباراة النهائية للبطولة. وأصبح الحضري 44/ عاما/ هو الظاهرة المثيرة في هذه البطولة للدرجة التي يستحوذ معها على مجموعة من الألقاب مثل "الأسطورة" و"بوفون الأفريقي" لتضاف هذه الألقاب إلى لقبه المشهور السابق "السد العالي" . وقاد الحضري الفراعنة إلى نهائي البطولة الأفريقية بعد 17 يوما فقط من احتفاله بعيد ميلاده الرابع والأربعين حيث تصدى لركلتي ترجيح يوم الأربعاء الماضي في لقاء منتخب بوركينا فاسو لينتهي اللقاء بفوز المنتخب المصري 4 / 3 بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 1 / 1 . ويتطلع الحضري إلى الفوز بلقبه الخامس في بطولات كأس الأمم الأفريقية حيث كان ضمن قائمة الفراعنة في نسخة 1998 التي فاز الفريق بلقبها وإن لم يشارك الحضري في مباريات البطولة. كما لعب الحضري دورا بارزا في فوز الفريق باللقب في ثلاث نسخ متتالية أعوام 2006 بمصر و2008 بغانا و2010 بأنجولا. وخلال نسخة 2006 بمصر، تصدى الحضري لركلتي ترجيح أيضا في النهائي ليفوز الفراعنة بلقب البطولة على حساب أفيال كوت ديفوار. وقال المهاجم الإيفواري السابق ديدييه دروجبا :"الحضري هو أفضل حارس مرمى لعبت أمامه". والحقيقة أن الحضري سافر إلى الجابون كحارس احتياطي حيث كان الثالث في ترتيب حراس مرمى المنتخب المصري في هذه البطولة. ولكن الإصابات دفعت الحضري إلى مقعد الحارس الأساسي لمنتخب الفراعنة حيث أصيب الحارس شريف إكرامي خلال تدريبات الفريق قبل بدء مسيرته في البطولة ثم أصيب زميله أحمد الشناوي خلال الشوط الأول من المباراة الأولى للفريق في البطولة والتي انتهت بالتعادل السلبي مع منتخب مالي ليعود الحضري لحراسة مرمى الفراعنة. وحافظ الحضري على نظافة شباكه في البطولة حتى سجل أريستيد بانسيه هدف التعادل 1 / 1 لمنتخب بوركينا فاسو في الدقيقة 73 من مباراة الفريقين في المربع الذهبي للبطولة. وقال الحضري ، بعد مباراة المربع الذهبي، : "روح وشخصية الفريق وراء هذا المنتخب القوي. هذه كانت دائما نقاط القوة بفريقنا". وأوضح: "فزت بالعديد من الألقاب على مستوى الأندية والمنتخب الوطني. ولكن اللاعب يجب أن يضع لنفسه دائما الأهداف الطموحة". ويتشابه أوندوا مع الحضري في أمرين رئيسيين أولهما هو دوره البارز في قيادة فريقه للمباراة النهائية والثاني هو أن الظروف هي التي دفعت به إلى أن يكون الحارس الأساسي لفريقه في هذه البطولة. ومع خروج الحارس المخضرم كارلوس كاميني من حسابات المنتخب الكاميروني وانضمام الحارسين أندري أونانا وجاي رولاند نداي إلى قائمة اللاعبين المعتذرين عن عدم المشاركة مع الفريق في البطولة الحالية ، وجد أوندوا 21/ عاما/ الفرصة الذهبية للمشاركة أساسيا مع الفريق رغم كونه حارسا احتياطيا في الفريق الثاني بنادي أشبيلية الأسباني. ومع غياب العديد من النجوم الكبار عن صفوف المنتخب الكاميروني في هذه البطولة ، كان لتألق أوندوا دور هائل ليس فقط في تأهل الفريق للمباراة النهائية وإنما أيضا في منح الفريق الثقة التي يحتاجها. وكان لمستواه الرائع في دور المجموعات وتصديه لفرصة خطيرة في الوقت بدل الضائع من مباراة الفريق أمام الجابون في ختام فعاليات دور المجموعات دور كبير في اختياره ضمن التشكيلة المثالية للدور الأول للبطولة. كما واصل أوندوا سطوعه في الأدوار الفاصلة وحافظ على نظافة شباكه في الوقتين الأصلي والإضافي خلال مباراة دور الثمانية رغم قوة الهجوم السنغالي ثم تصدى لركلة الترجيح الخامسة الحاسمة والتي سددها ساديو ماني ليقود فريقه إلى التأهل للمربع الذهبي الذي قدم فيه عرضا متميزا جديدا في مواجهة هجوم غانا ليكمل الطريق نحو النهائي بفوز الفريق 2 / صفر. والحقيقة أن موهبة أوندوا الرائعة ظهرت في وقت مبكر للغاية حيث تعاقد معه نادي برشلونة الأسباني في 2014 لكنه ظل في الفريق الثاني بالنادي كما بدأ مشاركاته الدولية مع المنتخب الكاميروني في الثامنة عشر من عمره وخاض مع الفريق فعاليات بطولة كأس الأمم الأفريقية الماضية عام 2015 بغينيا الاستوائية. ورغم هذا، رحل أوندوا من برشلونة في العام الماضي إلى فريق خيمناستيك تاراخونا الأسباني الذي أعاره إلى أشبيلية. وفي ظل الإمكانيات التي يتمتع بها وتألقه مع الأسود في هذه السن المبكرة ، ينتظر أن يصبح أوندوا الامتداد الطبيعي لحراس الكاميرون المتميزين السابقين مثل جوزيف أنطوان بيل وتوماس نكونو وكارلوس كاميني.