أتمت هيئة العصبة الاحترافية الوطنية لكرة القدم سنة كاملة على تأسيسها، انتخب سعيد الناصيري رئيسا لها، خلال الجمع العام المنعقد خلال يونيو من السنة الماضية، وظلت عدة علامات استفهام تطرح حول هذا المولود الجديد في أسرة كرة القدم الوطنية، وما قدمه من إضافة إلى الحقل الكروي. بدأ "المولود" يخطو بين أروقة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في أشهره الأولى، فظل فوزي لقجع وصيا عليه في بداياته كما كان منصوصا عليه في النظام الأساسي، في وقت استبشر فيه القيمون على "المستديرة" خيرا في فصل السلط بين جامعة لقجع وعصبة الناصيري، اقتسم المسؤولون كعكة الميلاد ونسوا أن "ما لقيصر لقيصر وما لله لله". اختلط الحابل بالنابل، وأضحت صورة "العصبة الاحترافية" مشوهة المعالم، في تداخل صارخ للمسؤوليات وتضارب كبير للمصالح، فظل المتتبع مندهشا لا يملك أدوات ربط المسؤولية بالمحاسبة. والبديهي في الأمر أن القانون واضح، وينص على أن "العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية تعمل على اتخاذ كل قرار يتعلق بتنظيم وتنمية كرة القدم الاحترافية وهي تتمتع بتنظيم وتدبير البطولة الاحترافية لقسميها الأول والثاني". العصبة الاحترافية.. المولود المشوه في حديثه حول الموضوع لجريدة "هسبورت"، طرح بحيى السعيدي، الباحث في قانون الرياضة، تساؤلا عميقا، وقال "أين تبدأ اختصاصات الجامعة وتنتهي، وأين تبدأ اختصاصات العصبة وتنتهي؟، أعدت قراءة النظامين الأساسين المتعلقين بهما وأدركت أن هناك تداخلا، وخلطا بينهما". هذا في الوقت الذي اعتبر فيه المتحدث نفسه أنه لا يمكن تقييم الحصيلة السنوية ل"مولود" ولد مشوها، إذ أن الاتفاقية التي من المفروض أن تجمع بين الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصبة الاحترافية الوطنية، (الاتفاقية) لم توقع بعد، حسب ما ينص عليه القانون 30.09 المتعلق بالتربية البدنية والرياضية. "جسد بدون روح"..جهاز التحكم في أيادي الجامعة "لا يمكن للأجهزة القضائية، المتمثلة في لجان (التحكيم، النزاعات، الأخلاقيات،البرمجة..) أن تظل تابعة للجامعة وهي تبت في قضايا مرتبطة بالعصبة الاحترافية، لاسيما أن ذلك يتعارض مع القانون"، يضيف يحيى السعيدي، ملمحا في الآن ذاته إلى عدم تمكين العصبة الوطنية من استقلالية تدبيرها لشؤون البطولة الاحترافية، واتخاذ القرارات المناسبة في هذا الإطار، أمام وجود جهاز التحكم في أيادي المسؤولين الجامعيين. وعند تصفح قانون النظام الأساسي للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، يتضح جليا أنه أصبح لزاما أن يشهد الأخير تعديلات جذرية، بغية تكييفه وملاءمته مع نظيره للعصبة الاحترافية الوطنية، وذلك في إطار التفرغ إلى الاهتمام بالمنتخبات الوطنية والنهوض بالسياسة الكروية عن طريق دعم العصب الجهوية، كما جاء على لسان رئيسها فوزي لقجع، في تصريحات سابقة. وعاد السعيدي للتطرق إلى موضوع "فصل السلط"، واعتبره مبدأ أساسيا تبنى عليه الديمقراطية والشفافية، لأن تمثيلية الأندية في إطار القانون الأساسي للجامعة يتعارض مع الفصل 23 من القانون 30.09، والذي ينص على أن المكاتب الجامعية تنبثق من الأشخاص الذاتيين المحايدين الذين يملكون رخصة فردية جامعية. أي مستقبل للعصبة الاحترافية؟ في ظل الوضع الحالي الذي تعيشه "عصبة" سعيد الناصيري، وأمام التضارب التام للمصالح، على حد تعبير العارفين بالشؤون القانونية للموضوع، يبقى ورش "الإصلاح القانوني" مفتوحا على مصراعيه، وذلك قصد ضمان شروط الاستقلالية وفصل السلط، وتكريس نمط "الحكامة" الرياضية الشريفة. "الاستقلالية والديمقراطية هما شرطان أساسيان لتنمية القطاع الرياضي بصفة عامة، لأن آن الأوان لانتخاب أشخاص وفق شروط الكفاءة والمهنية والاحترافية، كما نص على ذلك الفصل 26 من الدستور المغربي. على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن تقفز إلى تكريس الحكامة الجيدة باعتبار كرة القدم القاطرة لباقي الرياضات"، يضيف يحيى السعيدي.