تعاقب على تدريب أندية القسم الوطني الأول طيلة سنة 2013 حوالي 38 مُدرباً، وهو رقم جد مخيف، يعكس بالملموس عدم الاستقرار الذي يميز الإدارة التقنية للأندية الوطنية، واستعجال مسيري هذه الأندية في حصد ثمار لم تترك لها الوقت اللازم حتى تنضج، غافلين في الوقت نفسه أن فشل المدرب هو أولا فشل للمكتب المسير، الذي كان صاحب القرار في استقدام هذا الاسم أو ذاك للإشراف على الإدارة الفنية للفريق. "هسبريس الرياضية" قامت بجرد دقيق لعدد المدربين الذين تعاقبوا على تدريب أندية الصفوة خلال الشطر الثاني من الموسم المنصرم وإلى آخر يوم من السنة التي ودعناها، واستقت آراء كلا من عبد الحق رزق الله الملقب ب"ماندوزا" رئيس ودادية المدربين، والإطار الوطني حسن مومن. مُدَرِّبَيْن في السَّنة ! 38 مدربا منهم 7 أجانب تعاقبوا على تدريب الأندية الوطنية في قسمها الأول خلال سنة واحدة. النصيب الأكبر منهم كان لأولمبيك آسفي وشباب الريف الحسيمي، حيث تعاقب على تدريب الأول كل من عبد الهادي السكتيوي ويوسف لمريني وبادو الزاكي ثم يوسف فرتوت، فيما درب الثاني كل من مصطفى الضرس وسعيد الزكري وكريستيان زيرماتن ثم الحسين أوشلا. بمعنى أن الأندية الوطنية تقوم بتغيير المدربين بمعدل مرة واحدة في السنة تقريبا، علما أن هذا الرقم يضم مدربي كلا من رجاء بني ملال والنادي المكناسي خلال النصف الثاني من الموسم الكروي الماضي، مع الإشارة إلى أن كل الأندية التي غيرت مدربيها أكثر من مرة واحدة في السنة تعيش حالة من عدم الاستقرار في النتائج، وعدم توازن في المردود بين مباراة وأخرى، وهو ما يؤكد أن تغيير المدربين لا يخدم بتاتا مصالح الأندية. وفي نظرة على الترتيب العام للدوري المغربي للمحترفين بعد مرور 15 دورة يتبين بالواضح معاناة جل الفرق التي أحدثت تغييرات في الطاقم التقني بشكل متكرر مثل "الواف" وجمعية سلا و"الماص" وشباب الريف، مع تسجيل استثناءات قليلة كنهضة بركان. العَرب تَفوَّقُوا على أوروبا.. والاستقرار مِفتاح النَّجاح تفوق المدربون العرب الذين يشرفون على تدريب بعض الأندية الوطنية على مدربي القارة العجوز الذين بحثوا عن نجاح ما في القارة السمراء. ونذكر هنا كلا من عز الدين آيت جودي الذي كان مساره مع "الماص" ممتازا للغاية بقيادته الفريق لاحتلال المركز الثالث في بطولة الموسم الماضي رغم ضعف الإمكانيات، وكذلك الإطار الجزائري عبد الحق بنشيخة الذي قاد الجديديين لنيل أول لقب في تاريخهم مرورا بفوزي البنزرتي الذي وضع لمسته على المجموعة الرجاوية التي بلغت بإنجازها المونديالي العالمية. بالمقابل لم يُعَمِّر مدربو أوروبا كثيرا في البطولة، إذ سرعان ما فسخ كل من السويسريان كريستيان زيرماتن وهومبيرتو باربوريس و الصربي زوران بوجوفيتش عقودهم مع شباب الريف ونهضة بركان والنادي القنيطري دون تحقيق شيء يذكر، في انتظار إنجاز من السويسري الآخر شارل روسلي الذي يعيش فترة حرجة رفقة المغرب الفاسي. وتحتل جل الأندية التي حافظت على طاقمها التقني في السنتين الأخيرتين المراكز الأولى في الترتيب العام. المغرب التطواني، الكوكب المراكشي، حسنية أكادير والفتح الرباطي، كلها أندية وضعت ثقتها في الإطار الوطني ومنحته وقتا كافيا لتشكيل مجموعة متوازنة وقادرة على تحقيق نتائج إيجابية، ورغم غياب السيولة المالية الكافية عند بعضها إلا أنها استطاعت تجاوز هذا العائق وتكوين فرق منسجمة ومتكاملة. ماندوزا ومُومن يُطالبان بِمَنح الوقت للمُدرِّبين "هي ظاهرة غير صحية تنخر كرتنا الوطنية، يجب احترام المدرب، واحترام العقد المبرم بينه وبين النادي، المدربون لا يملكون عصا سحرية، ويجب إعطائهم الوقت الكافي لتكوين فريق قادر على مجاراة إيقاع الدوري المغربي" يقول ماندوزا رئيس ودادية المدربين، مؤكدا في الوقت نفسه أن المدربين المغاربة يمتلكون شواهد تؤهلهم لتولي قيادة أعتد الأندية. رئيس "الراك" أضاف أن دور الودادية ينحصر في تكوين وإعادة تكوين جميع الأطر الوطنية، مشيرا إلى أن العقد الذي يربط المدرب مع النادي هو ما يضمن حقه أولا وأخيرا، وأن المدرب بدوره من الواجب عليه احترام بنود العقد والوفاء بكل الشروط الذي يتضمنها حتى لا نحمل المسير لوحده المسؤولية، يقول رزق الله. بدوره، قال الإطار الوطني حسن مومن إن مسؤولي الأندية الوطنية لا يمنحون المدربين الوقت الكافي لتكوين فريق تنافسي، مشيرا إلى تجربة النادي القنيطري هذا الموسم الذي يبصم على واحدة من أحسن انطلاقته في البطولة منذ سنوات، و"الذي كان قريبا من ارتباك خطأ فادح بالانفصال عن الإطار الوطني عبد الخالق اللوزاني الذي أكد بعد دورات قليلة أحقيته في تدريب فريق من حجم "الكاك" وقيادته لتحقيق نتائج ممتازة في النصف الأول من البطولة"، يضيف مومن.