عرفت رياضة الملاكمة المغربية خلال سنة 2015 إشعاعا دوليا توجت خلاله بلقب عالمي غير مسبوق حققه الملاكم الشاب محمد ربيعي بعد إحرازه الميدالية الذهبية، لوزن أقل من 69 كلغ، ضمن بطولة العالم، بالعاصمة القطرية الدوحة، وذلك بعد انتصاره على الملاكم يلوسينوف دانيار من كازاخستان، بإجماع الحكام، في مباراة أثبت فيها الملاكم المغربي، عن قوته وعلو كعبه. وعلى مدار البطولة، أكد محمد ربيعي، جدارته واستحقاقه باللقب العالمي، بعد أربعة انتصارات متتالية، على أبطال مرموقين من مختلف المدارس العالمية في رياضة الملاكمة. وخلال البطولة نفسها، توج البطل العالمي الجديد محمد ربيعي بجائزة أفضل ملاكم على صعيد السلسلة العالمية للملاكمة للموسم الرياضي، بعد أن احتل الصف الأول في المنافسة ذاتها، الشيء الذي منح المغرب بطاقة التأهل لمنافسات الألعاب الأولمبية المقبلة بريو دي جانيرو البرازيلية. كما تمكن البطل المغربي أشرف خروبي من منح المغرب بطاقته الثانية في الألعاب الأولمبية المقبلة، إثر احتلاله الصف الثالث في منافسات السلسلة العالمية للملاكمة السابقة، بعد أن تمكن صاحب الصف الأول في المنافسة ذاتها، الكوبي يوزباني، من التأهل إلى نهائي البطولة العالمية للملاكمة. وتعد كل الإنجازات المحققة فخرا للرياضة الوطنية ومنبع اعتزاز للجامعة الملكية المغربية للملاكمة للشعب المغربي عموما، تنضاف إلى سلسلة الإنجازات السابقة، ومنها حصول المنتخب الوطني للملاكمة على لقب البطولة الإفريقية للأمم، والتي أقيمت ببلادنا شهر غشت الماضي. وتأتي مشاركة الملاكم محمد ربيعي في الأدوار النهائية لهذه التظاهرة العالمية تتويجا لمسار رياضي متميز دشنه بإحرازه لقب بطل إفريقيا في وزن (69 كلغ) خلال البطولة الإفريقية التي شهدتها مؤخرا مدينة الدارالبيضاء، وكرسه بخوضه نزالات بطولية في مختلف المراحل الاقصائية لبطولة العالم للملاكمة في الدوحة، حيث حسم مختلف اللقاءات بنفس النتيجة (3 - 0) ضد أبطال من العيار الثقيل ينتمون إلى كبريات المدارس الرياضية في مجال الملاكمة. ويعتبر وصول الملاكم محمد ربيعي لنهائي بطولة العالم للملاكمة - الدوحة 2015 -، وإحرازه الميدالية الذهبية وبطولة العالم، أفضل إنجاز في تاريخ المشاركات المغربية في بطولة العالم للملاكمة، والتي كانت أفضلها دورة 1995 ببرلين (ألمانيا)، حينما فاز كل من الملاكمين حميد برحيلي في الوزن الخفيف الذبابة ومحمد مصباحي في الوزن المتوسط، بميداليتين برونزيتين. وقد ضمن المنتخب الوطني المغربي للملاكمة تأهله إلى البطولة العالمية للدوحة من خلال حصوله على 5 ميداليات ذهبية وفضيتين وبرنزية في الدورة 17 لبطولة إفريقيا للأمم التي أقيمت بالدارالبيضاء، مسترجعا بذلك لقبه القاري المسجل (حسب الفرق) في سنة 2009 بجزر الموريس. وتقدم المنتخب المغربي على منتخبات الجزائر ، الثانية بأربع ميداليات (4 ذهبيات و2 فضية و5 بطاقات مؤهلة لبطولة العالم) ومصر الثالثة بثلاث ميداليات (ذهبية واحدة و3 فضيات و3 بطاقات مؤهلة لبطولة العالم). أما منتخب تونس، وصيف بطل النسخة الماضية، فقد اكتفى بالمركز الرابع بخمس ميداليات (ذهبية واحدة و4 برونزيات و3 بطاقات مؤهلة لبطولة العالم). وكانت الميداليات الذهبيات من نصيب الأبطال محمد العرجاوي ( فوق 91 كلغ) وعماد أحيون (46-49 كلغ) ومحمد حموت (56 كلغ) ومحمد ربيعي (69 كلغ) وعبد الجليل أبو حمادة (91 كلغ). أما الميداليتين الفضيتين فنالهما الملاكمان عبد الحق العتقاني (64 كلغ) وأشرف خروبي (52 كلغ) ، في حين حاز الملاكم حسن سعدة (وزن 81 كلغ) بالميدالية البرونزية الوحيدة. ومن أصل الملاكمين المغاربة العشرة الذين شاركوا في الدورة السابعة عشرة لبطولة إفريقيا للملاكمة، نجح الثمانية منهم الذين بلغوا الأدوار النهائية، في التأهل إلى نهائيات العرس العالمي الذي نظم بقطر ( مابين8 و18 أكتوبر). يذكر أن هذه البطولة القارية، التي ينص قانون منافساتها على تأهل الملاكمين الثلاثة الأوائل في مختلف الأوزان إلى بطولة العالم بشكل تلقائي، عرفت مشاركة 115 ملاكما مثلوا 19 بلدا، وهي الغابون ومصر وكوت ديفوار وتشاد والكونغو برازافيل وبوركينافاسو وبوتسوانا وأنغولا والجزائر وغانا ومالي وجزر الموريس والسيشل والسودان وسوازيلندا والطوغو وتونس وأوغندا وغانا،إضافة إلى المغرب. وبعيدا عن المنافسة الرياضية، فإن هذه الدينامية فرضت على المغرب تحديا آخر وهو الجانب التنظيمي، إذ أن المملكة أبلت بلاء حسنا في تنظيم مختلف التظاهرات الرياضية، سواء تعلق الأمر بنزالات السلسلة العالمية للملاكمة، التي تفرض معايير دولية تستجيب لنزالات الملاكمة الاحترافية أو في البطولة الإفريقية التي عرفت نجاحا كبيرا بشهادة مسؤولي أعلى الهيئات الإفريقية والدولية . وفي هذا الصدد، أشاد رئيس الكونفدرالية الإفريقية للملاكمة بالمجهودات التي بذلتها الجامعة الملكية المغربية للعبة من أجل إنجاح هذه البطولة القارية بمدينة الدارالبيضاء، التي سبق لها أن احتضنت عدة تظاهرات كبرى من بينها، على الخصوص، الجموع العامة العادية والاستثنائية للكونفدرالية الإفريقية سنتي 2006 و2008 والدورة التاسعة للبطولة الإفريقية 2002 والدوري الإفريقي المؤهل لأولمبياد لندن 2012. وأعرب الطوغولي كيلامي بايور، الذي يشغل أيضا نائب منصب رئيس الجمعية الدولية للملاكمة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن ارتياحه للمستوى الذي بلغته رياضة الملاكمة بالمغرب وفي القارة السمراء، مضيفا أن نجاح هذه الدورة برهن على أن الجامعة الملكية المغربية للملاكمة برئاسة السيد عبد الجواد بلحاج، كانت عند حسن ظن الاتحادين الإفريقي والدولي للعبة، بعدما وفرت كل الظروف الملائمة لإنجاح هذا الحدث الرياضي، مما يؤكد بالملموس على "أن المغرب يبقى وجهة مفضلة لاستضافة أكبر التظاهرات العالمية". وقال "إنه لشرف كبير لنا جميعا أن نرى تظاهرة من هذا النوع تجمع أفضل الملاكمين على الصعيد الإفريقي، تجرى في ظروف جيدة وتضاهي كبريات الاستحقاقات كبطولة العالم، بفضل تنظيمها الراقي". وأوضح بايور أن "البطولة خلفت أصداء إيجابية لدى الوفود المشاركة ( 115 ملاكما يمثلون 19 بلدا)، سيعودون إلى بلدانهم وهم يحملون ذكريات جميلة عن كرم الضيافة وحسن الاستقبال الذي خصهم به المغرب ". وتجدر الإشارة إلى أن المغرب أشرف على تنظيم نصف نهائيات بطولة العالم الاحترافية في 24 يوليوز بقصر المؤتمرات بمراكش ، وذلك بعد احتضانه بنجاح ربع نهاية بطولة العالم في المدينة الحمراء. ويعد هذا الحدث الرياضي الهام ، الذي كان قبلة لملاكين من الوزن الثقيل من إفريقيا وأوروبا وأمريكا وأسيا، دليلا آخر على الثقة التي يحظى بها المغرب من طرف الجمعية الدولية للملاكمة . وهكذا اختتمت السنة على وقع مشاركة مغربية أكثر من متميزة في انتظار البصم على انجازات أخرى في دورة الألعاب الأولمبية بريو ديجانيرو 2016.