ما من شيء أفضل من أن يقدّم المرء عرضا جيدا في كأس العالم للأندية، يمحو به الصورة الباهتة التي كان ينظر بها العالم إليه. هكذا بدأ موقع الفيفا بورتريه عن حارس الرجاء البيضاوي خالد العسكري الذي نال جائزة أحسن لاعب في مقابلة فريقه أمام مونتيري المكسيكي، ليصعد بالنسر الأخضر إلى نصف نهاية الموندياليتو. شكلت الثقة التي وُضعت في خالد العسكري للدفاع عن عرين الفريق في هذه المسابقة فرصة جيدة لإزالة الشوائب العالقة في مسار هذا الحارس الذي ارتكب في الماضي أخطاء لا تغتفر التقطتها عدسات الكاميرات وحققت نسب مشاهدة عالية على الشبكة العنكبوتية. حدث ذلك في سبتمبر من 2012 حين اشتهر العسكري على الشبكة العنكبوتية بلقب "الحارس المنحوس"، بعدما تصدى لركلة ترجيحية وذهب يحتفل بإيقافه للكرة بينما هي تتسلل في الجانب الآخر ببطء داخل الشباك. الأسوء من ذلك أن ضربة الجزاء تلك كانت حاسمة وخرج بسببها فريقه الجيش الملكي من كأس العرش أمام المغرب الفاسي، وسرعان ما انتشر فيديو بتلك اللقطة على مواقع التواصل الإجتماعي محطما جميع الأرقام حيث حصل على أكثر من 10 ملايين مشاهدة في ثلاثة أيام فقط. كانت ضربة موجعة للحارس ولسمتقبله الرياضي، حتى أنه قرر الاعتزال في لحظة يأس وإحباط كبيرين. بعد ضربة الجزاء أمام فريق "الماص" لازم سوء الطالع العسكري مرة أخرى، فلم يكد يمر أسبوع على ذلك الخطأ حتى نشر على الشبكة العنكبوتية فيديو آخر انتشر كالفطر في كل بقاع العالم. وفي هذه المرة، كانت الكرة بين قدمي العسكري قبل أن ينتزعها منه مهاجم الفريق الخصم ببرودة ويودعها في الشباك، وما كان من الحارس إلا أن انفجر غاضبا وفقد أعصابه وانتزع قميصه وهرول خارج الملعب بينما زملاؤه يحاولون ثنيه عن ترك الميدان. واهتزت معنويات العسكري بشكل فظيع في ذلك الشهر وطلب مغادرة نادي الجيش الملكي، وكان عزاؤه تضامن زملائه معه وبفضلهم احتفظ ببعض من كبريائه الرياضي.يحكي العسكري لموقع الفيفا عن تلك اللحظات المظلمة من حياتها الرياضية فيقول: "أصبحت مشهورا في العالم بفضل مقاطع الفيديو تلك. حيث شاهدها العديد من حراس المرمى عبر العالم واتصل بي بعضم ومنهم جيانلويجي بوفون. أتمنى أن يكون قد شاهد المباراة أمام مونتيري، لأني أظن أنني قدّمت فيها عرضا طيّبا". ولم يدع الحارس المغربي الفرصة تمر دون أن يشكر مدرب حراس مرمى نادي مونبلييه دومينيك ديبلاين: "لقد ساعدني كثيرا في تلك اللحظات الصعبة." - التألق من جديد وجد العسكري نفسه وهو على مشارف إكمال عقده الثالث ملزما بالبدء من الصفر، حيث انتقل إلى صفوف نادي شباب الريف الحسيمي المتواضع قبل أن يحط الرحال بنادي الرجاء البيضاوي عام 2012. بعد عام من ذلك، تحول العسكري إلى بطل قومي بعد أن ساهم بشكل كبير في تأهل بطل الدوري المغربي إلى المربع الذهبي لكأس العالم للأندية لمواجهة أتليتيكو مينيرو، وذلك بفضل استماتته وصلابته أمام مونتيري المكسيكي وصده لست كرات حاسمة من بينها هجمة وجها لوجه مع نيري كاردوزو والتي كانت فرصة سانحة كادت ترجح كفة المكسيكيين في المباراة. ويقول العسكري بعد اختياره رجل المباراة وقبل أن يغادر ملعب أكادير تحت تصفيقات مشجعي النسور الخضر: "يصل خصومنا باستمرار لمربع العمليات بسبب أسلوبنا الهجومي. وقد خلق الخصم محاولات عدة للتهديف، لكني وقفت سدا منيعا وبرهنت أنني حارس كبير وبإمكاني التصدي لأصعب الكرات." ثم أكد قائلا: "إنه حلم لا يصدق. نريد أن نعطي صورة جيدة عن كرة القدم المغربية وليس فقط عن نادي الرجاء البيضاوي. لم يحقق بلدنا نتائج طيبة منذ زمن بعيد، ونحن هنا لإعادة الإعتبار للكرة المغربية. ليس لدينا ما نخسره حاليا، لكننا نريد الذهاب بعيدا في هذه المسابقة ولم لا الوصول للمباراة النهائية. اللعب أمام فريق كبير يضم نجما كبيرا مثل رونالدينيو هو حلم أيضا يراود معظم اللاعبين." - الرجل المناسب في المكان المناسب إن حلم الرجاء هو أيضا إنجاز شخصي للعسكري. ففي نهاية المطاف، وبعد الأوقات الصعبة التي عاشها في الماضي، يشعر اليوم بالفخر بإنجازات فريقه المفضل، وهو العشق الذي لم يخفِه عندما كان يدافع عن ألوان الجيش الملكي. وللإشارة، فقد بدأ هذا الحلم يراوده منذ سنة 2000، حين شارك الرجاء البيضاوي لأول مرة في كأس العالم للأندية في البرازيل. وصرح العسكري ضاحكا:" أتذكر أني شاهدت تلك المسابقة عبر التلفاز. كان الرجاء فريقا كبيرا بمستوى مرموق، وأصبحت معجبا به منذ ذلك الحين. وعشت مشاكل مع الجيش الملكي، لكن ذلك دليل على حبي الكبير لقميص النادي. لقد أحس الجميع بالفخر على الرغم من الهزيمة ضد ريال مدريد. أتمنى أن يحقق جيلنا نتائج تعيد الإعتبار لنا." ويبدو أن العسكري قد وجد أخيرا مكانه في الفريق الذي لطالما عشقه بشغف كبير وها هو يحقق معه اليوم إنجازا تاريخيا في كأس العالم للأندية.