في ملاعب كرة القدم المتربة المنتشرة في أنحاء غانا، اعتاد الأطفال أن يتجمعوا لاستعراض مهاراتهم، ومعظمهم يلعب لتسلية أبناء مجتمعهم، أو الفوز بالألقاب في البطولات المحلية، الكثير منهم يراوده حلم الاحتراف، والانضمام إلى منتخب بلاده الملقب ب"النجوم السوداء". لكن "عثمان سمايلي" (13 عامًا)، من بلدة "مامبونغ"، في منطقة غانا الشرقية، يعتقد أن لديه فرصة أفضل لتحقيق هذا الحلم، إثر التحاقه بأكاديمية خاصة ترعي المواهب الكروية في البلاد. "من الطريقة التي ألعب بها، والطريقة التي يتحدث بها مدربي معي، أعلم أنني يمكن أن أصبح لاعب كرة قدم جيد".. هكذا استهل عثمان حديثه لوكالة الأناضول خلال زيارة إلى مقر "أكاديمية كرة القدم في غرب أفريقيا (وافا). ويوجد مقر "وافا" في "سوغاكوب"، وهي بلدة صغيرة في مقاطعة "تونغو" جنوبي منطقة "فولتا" الواقعة جنوب شرق غانا. وقبيل انضمامه إلى الأكاديمية، لعب "سمايلي" ضمن فريق كرة قدم "أمانسي بيبيز" للناشئين. وأضاف: "إذا حصلت على فرصة، سوف ألعب في صفوف النجوم السوداء"، مشيرا إلى أنه يحلم باللعب لصالح أحد أندية كرة القدم الكبيرة في أوروبا. وتخرج في "وافا"، التي كانت تعرف سابقا باسم "أكاديمية فينورد لكرة القدم"، قبل أن يتوقف النادي الهولندي العملاق العريق عن رعايتها عام 2009، عددا من لاعبي المنتخب الوطني، من بينهم هاريسون أفول، وكريستيان أتسو، وأوال محمد، ودومنيك أديا. ولا يزال بعض من هؤلاء الأبطال القوميين، يزورون في بعض الأحيان مقر الأكاديمية لإلهام اللاعبين الشباب. من جانبه، أعرب أحمد تيجاني، (14 عاما) من كوماسي، ثاني أكبر مدن غانا، عن أمله في أن يكون الاتحاقه بالأكاديمية جيدا لمشواره مع كرة القدم. وقال في حديث لوكالة الأناضول "كنت ألعب لفريق يسمى سلتيك، قبل أن يحضرني مدير أعمالي هنا". وأضاف الشاب الطموح: "خطتي للمستقبل، عندما أصبح لاعب كرة قدم، أن أقوم برعاية جميع أفراد أسرتي عائلتي". وترحب الأكاديمية أيضا بالتحاق لاعبين أجانب من خارج غانا، حيث قال جوماندي (13 عاما) الذي جاء من ساحل العاج: "سمعت أن وفا أكاديمية جيدة، لذلك جئت إلى هنا للتعلم". وأضاف "أريد أن أصبح لاعب كرة قدم محترف مثل (لويس) سواريز"، في إشارة إلى مهاجم أوروجواي الذي يلعب حاليا لنادي برشلونة الإسباني. مبتسما أستدرك "جوماندي" بالقول، لكني أريد أن ألعب لنادي ريال مدريد (منافس برشلونة اللدود)". وقال المدير الإداري للأكاديمية، وهو بلجيكي الجنسية، كاريل بروكن، إن "فينورد أسس النادي، والأكاديمية، في غانا عام 1999". وأشار إلى أن المديرين الفنيين يبحثون عن لاعبي كرة القدم الصغار، ويضمونهم للأكاديمية، وإذا ظهر أنهم لاعبين واعدين، يبدؤون مناقشات مع أسرهم. وتوفر الأكاديمية، منحا دراسية كاملة لثمانين طفلا لمدة تصل إلى سبع سنوات، تغطي تكاليف النقل والسكن والتغذية والتأمين الصحي. وفي الوقت ذاته، يدرس اللاعبون الشبان في المدرسة الثانوية العامة المجاورة، ويعودون في حوالي الثالثة مساء بالتوقيت المحلي للتدريب لمدة ساعتين قبل أن يعودوا إلى المساكن المخصصة لهم. وتتميز أكاديميات كرة القدم في غانا بالمرافق الحديثة، ومن بينها ملاعب كرة القدم والمسابح والصالات الرياضية. وأوضح "بروكن" أن الأكاديمية لديها ميزانية سنوية تتراوح بين 900 ألف، ومليون دولار، مشيرًا إلى أن اللاعبين الناشئين يتدربون بأسلوب المدرسة الهولندية لكرة القدم. وأضاف: "كل لاعب ينتهي به المطاف في مكان ما، فهناك لاعبون مناسبين للدوري الغاني، وآخرون جيدون لأفريقيا والساحة الدولية، وننتج كل منهم هنا". وأشار بروكن إلى أن الأكاديمية تعمل بالتعاون مع نادي "ريد بول سالزبورغ"، وهو ناد نمساوي حقق 8 ألقاب في الدوري الوطني. ولفت إلى أن الأكاديمية كانت أيضا على اتصال مع خورخي مينديز، وكيل لاعبي كرة القدم ذو الشهرة العالمية ومن بين عملائه كريستيانو رونالدو نجم نادي ريال مديد الإسباني، مضيفا: "أنا أقابله بانتظام". أما أكاديمية "رايت تو دريم" (الحق في الحلم) لكرة القدم في أكوسومبو، وهي بلدة صغيرة في منطقة غانا الشرقية، فهي معتمدة من جامعة كامبريدج التي تزودها منهج دولي، إلى جانب مواد المنهج الغاني. ويقيم 91 طالبا، في الأكاديمية التي يعود تاريخ تأسيسها إلى 15 عاما، وتوفر برنامجا لنخبة لاعبي كرة القدم، حيث تخرج منها لاعبون انضموا إلى المنتخب الوطني للكبار، ومن بينهم عبد المجيد الوارث، وديفيد أكام، ومحمد أبو، وكينغ أوسي جيان، كما يتواجد خريجو الأكاديمية أيضا في منتخبات غانا الوطنية للناشئين تحت 20 عاما، وتحت 17 عاما. وفي حديث لوكالة الأناضول، قال مؤسس الأكاديمية ورئيسها التنفيذي، توم فينوم، إنه "في إنجلترا البالغ عدد سكانها 52 مليون نسمة، هناك حوالي 90 أكاديمية (كرة القدم)". وأضاف معربا عن أسفه: "في غانا، حيث يعيش 25 مليون شخص، هناك أكاديميتان أو ثلاثة فقط تعمل بكامل طاقتها لكي تصل إلى المعايير الدولية". وأشار إلى أن أكاديميات كرة القدم هي السبيل الوحيد للاعبين لتطوير مهاراتهم بشكل صحيح. واختتم حديثه بالقول: "إذا نظرتم إلى بقية العالم، معظم الأندية المحترفة تدير أكاديمية كرة قدم، وهذا أمر ضروري لكي يصبح لدينا فريق وطني ناجح".