نعى عالم كرة القدم رحيل العديد من الأساطير في 2014 أمثال ألفريدو دي ستيفانو، اوزيبيو دا سيلفا، لويس أراجونيس، ماريو كولونا، الذين ودعوا العالم ليخوضوا مونديالهم الخاص في العالم الآخر، ليكون مونديال الاساطير التي لن تنسى بعد أن صنعوا التاريخ في يوم من الأيام. ولكن هذا العام لم يشهد فقط رحيل أساطير كرة القدم التي تسمى ب"ملكة الرياضات"، حيث خسرت الرياضة أيضا نجوم آخرين أمثال العداء الإسباني ياجو لاميلا والملاكم الأمريكي روبن كارتر "الإعصار". ففي فبراير/شباط، بكت إسبانيا رحيل لويس أراجونيس، أسطورة أتلتيتكو مدريد سواء في الملعب أو من على دكة البدلاء، وكان المدرب الذي أسس قاعدة منتخب إسبانيا الأفضل على مر التاريخ، والذي تربع على عرش العالم بإنجازاته التي لحقت التتويج بلقب بطولة أمم أوروبا 2008 بسويسرا والنمسا. فقد كان أراجونيس هو القائد الأكبر الذي أنهى حقبة عجاف لإسبانيا امتدت ل44 عاما دون الفوز بأي لقب منذ التتويج بيورو 1964 الذي توج به منتخب "لاروخا" ضد منتخب الاتحاد السوفييتي بملعب سانتياجو برنابيو. وأسس "حكيم هورتاليزا"، الرمز والعلامة البارزة، طريقة اللعب الخاصة بمجموعة اللاعبين الدوليين الإسبان، الذين اعتمد عليهم خليفته فيسنتي ديل بوسكي، للتتويج بلقب مونديال جنوب افريقيا 2010 وأمم أوروبا بأوكرانيا وبولندا 2012 ليتربع على عرش الكرة. لكن أراجونيس لم يؤسس فقط قواعد منتخب حفر اسمه في تاريخ كرة القدم، لكن أيضا مشواره الكروي يحمل أوقاتا رائعة، فلن ينسى "الروخيبلانكوس" هدفه في نهائي كأس أوروبا ضد بايرن ميونخ في 1974 ، رغم أنه لم يفد في التتويج باللقب، حيث توج الألمان في لقاء فاصل. وتوج أراجونيس كلاعب ومدرب بإجمالي 4 ألقاب لليجا، ولقب كأس سوبر إسبانيا، و6 ألقاب للكأس، واحدة منها مع برشلونة. وفي الأول من فبراير، وعمره 75 عاما، وجراء اصابته باللوكيميا، انطفأ للأبد رجل خاص للغاية لكرة القدم. وعن عمر ناهز 71 عاما، توفي أحد اللاعبين التاريخيين لكرة القدم البرتغالية، فقد بكي العالم رحيل اوزيبيو "الفهد الأسمر"، الذي تألق في ستينيات القرن الماضي مع بنفيكا، الفريق الذي قاده للقب كأس أوروبا في 1962. وتمتليء خزائنه أيضا ب11 لقب دوري برتغالي، و5 للكأس، و3 جوائز للحذاء الذهبي كأفضل هداف في أوروبا، وجائزة الكرة الذهبية في نسخة 1965. لكن أيضا يبرز اوزيبيو بمشاركته في مونديال 1966 بإنجلترا، والتي حققت فيها البرتغال المركز الثالث، أفضل مركز تحققه في تاريخه، وسجل وقتها اوزيبيو تسعة أهداف في ست مباريات. ووصفه مواطنه وأحد أفضل مدربي العالم حاليا، جوزيه مورينيو، بأنه "لاعب كرة القدم الخالد"، ويكفي ان اول مباراة له مع بنفيكا، وكان وقتها عمره 18 عاما، كانت في باريس ضد نادي سانتوس البرازيلي الذي كان يلعب في صفوفه وقتها الاسطورة الآخر، بيليه. وكانت هذه خير انطلاقة لتاريخ لاعب كان يسجل أهدافا بشتى الطرق، بالرأس والقدم اليمنى واليسرى بفضل "سرعة النمر" و"انطلاقة النسر"، كما كان يلقبه عشاقه. وفي الخامس من يناير/كانون ثان، عشية احتفالات الملوك المجوس، ودع اوزيبيو العالم، وبكي بنفيكا رحيله، قبل أن تتضاعف الاحزان بعدها بشهر برحيل رفيقه بفريق النسور ومنتخب بنفيكا، ماريو كولونا. وتوج كولونا بلقب كأس أوروبا إضافة للذي حققه اوزيبيو، في عام 1961 ، وخسر ثلاث نهائيات اخرى. كما شارك أيضا في مونديال 1966 وكان رئة المنتخب التاريخي. وقد لقي رفيق اوزيبيو حتفه في مابوتو (موزمبيق) لعدوى رئوية عن عمر ناهز 78 عاما. وبعدها بعدة أشهر رحل عن العالم ألفريدو دي ستيفانو أو "السهم الأشقر"، الصديق المقرب لأفضل لاعب في تاريخ البرتغال، مع الاعتذار لكريستيانو رونالدو، وذلك في السابع من يوليو/تموز، خلال فعاليات بطولة كأس العالم بالبرازيل. فقد أصبح ريال مدريد يتيما لرحيل اللاعب الأرجنتيني الأصل الذي غيّر تاريخه. فقدومه للنادي الأبيض في عام 1953 قادما من ميوناريوس الكولومبي ساهم في تغيير مسار فريق كان قد توج فقط قبل مجيئه بلقبين. ومع رحيله عن الفريق في عام 1964 كان قد اضاف لجعبة الريال 8 ألقاب لليجا و5 لكأس أوروبا ولقب لكأس الملك. وساهمت طريقة لعب دون ألفريدو، الذي وصف باللاعب الكامل، في تصنيفه ضمن أفضل أربعة لاعبين في تاريخ الكرة، إلى جانب يوهان كرويف ودييجو مارادونا وبيليه. وكما يتذكر كل من شاهدوه في الملعب، فقد كان أنيقا ومجتهدا وتكتيكيا وفنيا وهدافا وخجولا ويجذب احترام جميع منافسيه بأنحاء العالم. وكانت النقطة السوداء الوحيدة في تاريخه هو فشله في خوض أي نسخة لبطولة كأس عالم سواء مع التانجو أو لا روخا، فقد سافر مع إسبانيا إلى تشيلي للمشاركة في مونديال 1962 لكنه غاب للإصابة. أيضا لم يشارك في مونديال 1958 لمباراة سيئة ضد سويسرا في مرحلة التصفيات. ولكن دي ستيفانو كان له حضوره الدائم بهذه البطولة العالمية. ففي البرازيل، وللمرة الثانية في تاريخ المونديال، يقف الجميع دقيقة صمتا حدادا على وفاته بمباراة الأرجنتين-هولندا. وقبلها في عام 1978 نال هذا الشرف سانتياجو برنابيو، خلال مونديال الأرجنتين. لينال دي ستيفانو نفس شرف الرجل الذي جلبه إلى إسبانيا. كما لقي فويادين بوسكوف، المدرب الصربي السابق لريال مدريد، حتفه عن عمر ناهز 82 عاما في مدينة جنوه الايطالية. وقد قاد الملكي للقبين كأس الملك، ولقب لليجا، وقاده لنهائي كأس أوروبا في موسم 1981 ، المباراة التي خسرها امام ليفربول. لكن يتذكر العالم دوما عباراته، التي كانت دوما مباشرة وغير القابلة للشك "كرة القدم هي كرة القدم" و"الفوز أفضل من التعادل والتعادل أفضل من الخسارة"، و"النقطة هي النقطة"، و"ركلة الجزاء تحتسب عندما يصفر الحكم". وتألق في ريال مدريد أيضا مدافعه فرناندو زونزونيجي بين عامي 1966 و1974 الذي رحل عن العالم في 2014 أيضا مثل بوسكوف، عن عمر ناهز 70 عاما، حيث توج بلقب الليجا أربع مرات وبلقب الكأس مرة. لكن لاتزال الجماهير تتذكر نقطة سوداء في مشواره عندما سجل هدفا في مرمى فريقه بالخطأ بنهائي كأس الملك أمام برشلونة في 1968 وفاز الفريق الكتالوني باللقب بهذا الهدف، وانتهى اللقاء بالبرنابيو بإلقاء الجماهير للزجاجات على الملعب للاحتجاج على القرارات التحكيمية. ليس فقط المدريديين من بكوا فقدان أحبائهم في عالم كرة القدم، بل خسر برشلونة أيضا رحيل واحد من علاماته، تيتو فيلانوفا، الذي جذب الانتباه لوفاته شابا متأثرا بمرض السرطان الذي حاربه لوقت طويل. فقد كان مدرب برشلونة السابق أحد الشرايين الرئيسية لفريق برشلونة الأفضل في التاريخ، وكان مساعدا وفيا لبيب جوارديولا، وشهد معه أفضل فترة من النجاحات المستمرة للفريق، وبعدها انفرد بقيادة الفريق الأول، ليتوج معه بلقب الليجا 2012/2013. وعقب هذا اللقب، أجبره المرض على مغادرة منصبه، لكنه لم يهزم المرض ليبكي عشاق البلاوجرانا رحيل رجل ساهم بشكل أساسي في تحقيق أكبر نجاحات للفريق الكتالوني. كما ودع برشلونة أيضا ثلاثة من لاعبيه بالفريق الذي تألق في خمسينيات القرن الماضي. إسيدري فلوتاتس وإنريكي ريبيلس وجوستافو بيوسكا الذين ملئوا خزينة البرسا بالألقاب في أول مرحلة كبيرة تاريخية أحياها بعدها بعقود فريق الهولندي يوهان كرويف. وعلى مستوى كرة القدم الدولية، خسرت البرازيل أيضا لاعبها هيدرالدو لويس بيليني، قائد منتخب البرازيل في حقبة بيليه وجارينتشا، الذي توج بلقب كأس العالم مرتين في 1958 و1962. أدائه في الملعب لم يكن يحظى بتسليط الضوء بشكل كبير، لكنه كان أساسيا في الفريق وفي مساعدة باقي زملائه من نجوم منتخب بلاده الذي لا ينسى للتتويج بالألقاب. كما رحل أيضا بشكل مأساوي اللاعب السابق فرنانداو، أسطورة فريق جريميو دي بورتو أليجري، الذي ترك العالم في حادث تحطم مروحية قبل انطلاق المونديال في بلاده، الذي لم يشاهده بكل أسف. وأعلن ناديه الذي قاده للقب كأس ليبرتادوريس الحداد لعدة أيام حزنا على وفاته. أيضا فقدت الأرجنتين رئيس اتحاد كرة القدم السابق، خوليو جروندونا، الذي أنهى رحيله فترة طويلة على رأس المنصب استمرت ل35 عاما بشكل غير متقطع منذ 1979. وتوج التانجو تحت قيادته بلقب مونديال 1986 وخسر نهائي 1990 و2014. كما فقد عالم ألعاب القوة، البطل الإسباني ياجو لاميلا، وصيف بطل العالم للوثب الطويل بمونديال عام 1999 ، وقد لقي حتفه في منزله بأفيليس (اقليم استورياس) عن عمر ناهز 36 عاما. وكان لاميلا مرشحا للقب أفضل لاعب ألعاب قوى في تاريخ إسبانيا وللمنافسة على أفضل الألقاب بالعالم، لكن الإصابات أطفأت مشواره. ليرحل رجل لم يجد أبدا مكانه مرتفعة مستحقة بمجال الرياضة. وفي كندا توفي احد كبار الملاكمة، الأمريكي روبن كارتر، الشهير ب"الإعصار" عن عمر ناهز 72 عاما، اثر معاناته من سرطان البروستاتا. ورغم انه لم يكن أبدا بطلا للعالم في الاعوام التي لعب فيها ملاكما (1961-1966) كان دائما مرشحا لهذا اللقب، حتى تم حبسه لاتهامات بعملية اغتيال ثلاثية. وأنشد بوب ديلان في عام 1975 اغنية "هوراكان" او الاعصار، في اشارة للظلم الذي تعرض له كارتر، والذي لم تسوى قضيته حتى عام 1985 بصدور حكم جديد منحه البراءة بعد نحو 20 عاما قضاها في السجن دون أي معنى. وقال ديلان عن الراحل الذي كان اكثر من تغنى له الجمهور من بين الراحلين في 2014 "هنا نذكر قصة الاعصار، الرجل الذي ادانته السلطات بتهمة لم يرتكبها قط. وضعوه في زنزانة ولكنه كان بإمكانه أن يصبح بطلا للعالم".