كان لإقصاء المنتخب المغربي أمس، أمام المنتخب البنيني، من دور ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا، طعم العلقم في حلق كل المغاربة، الذين توسموا خيراً في "أسود" الفرنسي، هيرفي رونار، بعد 43 سنة من الانتظار لإنهاء وحدة اللقب الوحيد الذي توج به المغرب في السبعينيات. وككل مرة، وبعد كل خروج مذل، يعتبره البعض مفاجئا دون استناد لمعطيات، فيما يراه البعض الآخر تحصيل حاصل، قامت "هسبورت" بجرد مسببات هذا الإخفاق، والمسؤولين عن اغتيال أحلام شعب مغربي بأكمله في رؤية منتخب بلاده يتوج. لقجع ومن معه.. يوجد فوزي لقجع، بصفته رئيساً للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، ورئيس لجنة المنتخبات الوطنية، في أعلى هرم المسؤولين عن الفشل المتكرر للمنتخب المغربي، حيث غابت عنه استراتيجية عمل قاعدية لبناء منتخب ينافس على الألقاب، مفضلاً الاعتماد على لغة المال والنجوم، فما كان إلا أن بذرت الملايير على معسكرات ومنح ورواتب وامتيازات فوق الخيال لمكونات الفريق الوطني، فيما أفل نجم الأسماء البارزة في أنديتها داخل المنتخب، لغياب خطة عمل، فكان العنوان الأبرز للمرحلة هو الإخفاق.. ومن جهة أخرى، يتحمل المسؤولية كل المحيطين بلقجع، من مستشارين ومكتب جامعي ولجان وإدارة تقنية، التي انسل منها ناصر لاركيت بدون حساب، وذلك لاختيارهم مبدأ المجاملة، وعدم وقوفهم في وجه المسؤول الأكبر في الجامعة، فوزي لقجع، وإبلاغه بأن السياسة المتبعة ليست الأسلم،ولا تعدو أن تكون ترقيعاً لتجميل الواقع، دون الوضع في الحسبان أن "الميك آب" سرعان ما يزول، بل ويشوه الوجه ما إن يتعرض للعاصفة، كتلك التي عاشها الأسود أمس بإقصاء مذل على يد منتخب جد متوسط، ويسير بميزانية أقل بخمسة مرات من ما يسير بها المنتخب المغربي. واختار المقربون من لقجع حمايته عن طريق حماية سلبية منقطعة النظير للمنتخب المغربي، لم توفر سابقاً لمنتخب تحت إشراف إطار وطني، وذلك عن طريق التستر عن الأخطاء ومسايرة مرتكبيها، دون قدرة عن التعقيب، وهو ما زاد الوضع فداحة. رونار ومن معه.. أطلت علينا صورة بهية من الطائرة المسافرة إلى مصر للطاقم الكبير عدداً، الذي يشتغل مع الناخب الفرنسي، هيرفي رونار، والذي يكاد يناهز اللائحة التي سافر بها التعلب إلى أرض الكنانة، من طاقم تقني وطبي وحتى مختص في التغدية وغيرها من الاختصاصات.. هؤلاء يوصفون ب"ومن معه". وأما عن هيرفي رونار، فمسؤليته تأتي في الدرجة الثانية لأن الثقة جددت فيه لأكثر من مرة رغم فشله في تحقيق الأهداف التي كانت عبارة بلوغ نصف نهائي كان 2017، والتتويج بلقب 2019، قبل أن يلين الخطاب ويتغير، ويتم التساهل مع بنود العقد، الذي تم الرفع من شروطه المالية، لما يفوق 80 مليوناً سنتيماً كراتب شهري، دون الحديث عن الامتيازات التي قد تناهز قيمة الراتب أو تفوقه بكثير. وعجز رونار عن تدبير الأسماء التي يتوفر عليها، وظل تحت رحمة التكتلات وعقدة "النجومية" التي تتحكم في عدد من اللاعبين، فوجد نفسه وسط الدوامة، وعود القضاء على المشاكل التافهة داخل المنتخب المغربي عززها، وعوض القضاء على الفكر النقابي لمجموعة على مجموعة داخل المنتخب، شجع سيطرته. وأما تقنيا، فالمنتخب المغربي والمغاربة، كانوا ضحية عناد بئيس من "الثعلب"، بإصراره على إبعاد أسماء وإلحاحه على الاعتماد على أخرى، وما في حالة حكيم زياش سوى صورة عن طريقة تفكير رونار وتدبيره للمجموعة، حيث أصر على إقحام اللاعب رغم أنه أنه يمر من فترة فراغ رهيبة غيبته ذهنياً عن المسابقة، بل والأكثر من ذلك، كلفه أمس بتنفيذ ركلة جزاء كانت لتعبر بالأسود إلى دور الربع بسهولة، لكن اللاعب الذي حمل فوق طاقته ضيعها، ليصبح مشواره الدولي على المحك، بسبب هدية مسمومة من "الثعلب". وبالعودة إلى حدود مسؤولية "ومن معه"، ظهر جلياً غياب شخصية المدرب المساعد في بنك البدلاء، كما غابت شخصية البقية في تحديد نمط عيش سليم للاعبين خلال معسكرات الأسود وتحضيراتهم لمهمات يعتبرها الشعب وطنية، لكنهم يرونها ربما محطات لكسر روتين العطل الصيفية، ولمن يتساءل عن المقصود، فله أن يتأمل في المردود البدني للاعبين في مباراة الأمس..