تنفست الأرجنتين الصعداء ومعها قائدها ليونيل ميسي وذلك بعد تجنب الخروج من دور المجموعات لبطولة كوبا أميركا لأول مرة منذ 1983، بالفوز على قطر، ضيفة النسخة ال46 المقامة في البرازيل، بهدفين نظيفين الأحد. وبعد بداية صعبة جدا لوصيف النسختين الأخيرتين بخسارته أمام كولومبيا صفر-2 ثم تعادله مع الباراغواي 1-1 بفضل ركلة جزاء من ميسي بالذات، نجح المنتخب الأرجنتيني في حجز بطاقته إلى الدور ربع النهائي ثاني المجموعة الثانية. ورغم إنهائه دور المجموعات بفارق 5 نقاط عن كولومبيا الأولى، أزال ميسي حملا كبيرا عن كتفيه وتجنب إحراجا جديدا كان سيجعله في قلب العاصفة وسيعجل على الأرجح من قرار اعتزاله اللعب مع المنتخب، لاسيما بعد خيبة "مونديال روسيا 2018" حين عانى الأمرين للتأهل إلى ثمن النهائي ثم خرج على يد فرنسا (3- 4). وكان التأهل إلى ربع نهائي البطولة القارية التي يغيب لقبها عن الأرجنتين منذ 1993، أفضل هدية لميسي في عيد ميلاده الثاني والثلاثين الذي يحتفل به الإثنين، وهو يأمل أن لا تنتهي الأمور هنا بل أن يذهب مع رفاقه حتى النهاية والفوز باللقب الذي أفلت من نجم برشلونة الإسباني ثلاث مرات بعد أن سقط في النهائي أعوام 2007 و2015 و2016. وبعد أن تنفس الصعداء، رأى أفضل لاعب في العالم خمس مرات أن "بطولة كوبا أخرى تبدأ الآن. هذا الانتصار (على قطر بطلة آسيا) سيجعلنا أقوى من أجل التمكن من مواصلة تحسننا". وتابع من بورتو أليغري حيث أقيمت مباراة الأحد "الأهم كان أن نفوز. سيعطينا هذا الأمر دفعا كبيرا لما ينتظرنا لاحقا. من الصعب أن تلعب مع ضرورة أن تحقق الفوز ومع الخوف من الإقصاء، لكن قمنا بما يجب القيام به". وما ينتظر الأرجنتين وميسي لاحقا ليس سهلا على الإطلاق، إذ يتوجه رجال المدرب ليونيل سكالوني في ربع النهائي الجمعة مع فنزويلا التي أنهت منافسات المجموعة الأولى دون هزيمة، إذ أجبرت البيرو والبرازيل المضيفة على التعادل السلبي قبل أن تفوز في الجولة الأخيرة على بوليفيا 3-1. - تجدد الموعد مع فنزويلا - ويدرك ميسي ورفاقه صعوبة المهمة، فهم اختبروا اللعب ضد فنزويلا في تحضيراتهم لكوبا أميركا حين خسروا أمامها 1-3 في لقاء ودي أقيم على ملعب "واندا متروبوليتانو" في مدريد أواخر مارس الماضي، كما أجبروا على الاكتفاء بالتعادل معها خلال المباراتين اللتين جمعتهم بها في تصفيات "مونديال روسيا 2018". وأقر مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي سيرجيو أغويرو الذي عاد الأحد إلى التشكيلة الأساسية وسجل الهدف الثاني لبلاده في مرمى قطر، بصعوبة المهمة في ربع النهائي، معتبرا فنزويلا "خصما صعبا، يتقن الهجمات المرتدة". وكان أغويرو سعيدا بعودته إلى التشكيلة الأساسية وخيار المدرب سكالوني بإشراكه إلى جانب ميسي ومهاجم إنتر ميلان الإيطالي لاوتارو مارتينيز الذي سجل الهدف الأول، موضحا "كنت سعيدا باللعب أساسيا وكنا متفقين تماما نحن الثلاثة". ومن المرجح أن يعتمد سكالوني على هذا الثلاثي في مباراة فنزويلا التي تشكل إعادة للدور ربع النهائي من النسخة الماضية عام 2016 حين فازت الأرجنتين 4-1 بفضل ثنائية للغائب عن النسخة الحالية غونزالو هيغواين وهدف لميسي الذي يواصل سعيه لنقل تألقه على صعيد الأندية إلى المنتخب الوطني. ورغم أربعة ألقاب في دوري أبطال أوروبا، عشرة في الدوري الإسباني، اكتفى ميسي مع منتخب "البيسيليستي" بألقاب متواضعة على غرار ذهبية الأولمبياد في بكين 2008 أو كأس العالم تحت 20 عاما في 2005. ويدرك ميسي أن الوقت بدأ يداهمه، وقال لشبكة "فوكس" الأمريكية قبيل انطلاق البطولة الحالية "أريد إنهاء مسيرتي بإحراز أمر ما مع المنتخب الوطني". خاض أربع مباريات نهائية خسرها كلها، في كأس العالم 2014 وثلاث مرات في كوبا أميركا، بينها آخر نسختين ضد تشيلي بركلات الترجيح. والخسارة الأشد وقعا كانت في "المونديال البرازيلي" عام 2014، عندما سقط بصعوبة أمام ألمانيا (صفر-1 في الوقت الإضافي) على ملعب ماراكانا الذي يأمل في العودة إليه يوم 7 يوليوز المقبل لخوض نهائي كوبا أميركا، لكن هذه المرة مع أمل انتزاع ميدالية ذهبية وليست فضية. كان نهائي كوبا أميركا الأخير صعبا جدا على ميسي من الناحية النفسية، فأعلن اعتزاله دوليا قبل أن يعود عنه. وقال عن تلك المرحلة التي واجه فيها المنتخب انتقادات حادة "هاجمنا الناس من كل حدب وصوب". دام اعتزاله ستة أسابيع فقط، وبثلاثيته في مرمى الإكوادور، ضمنت الأرجنتين تأهلها إلى نهائيات كأس العالم 2018. لكن، مرة جديدة، عجز ميسي في "المونديال الروسي" عن نقل نجاحه إلى ساحة المنتخبات، فودعت الأرجنتين من ثمن النهائي. وعلى رغم أنه غاب عن المباريات الست الودية التي تلت "المونديال"، لم يتحدث أحد عن اعتزاله هذه المرة، وعاد "البعوضة" من أجل محاولة أخرى على أمل ألا تكون الأخيرة بقميص المنتخب الوطني.