قضية حرق القرآن في السويد والبوليس لم يتدخل ويعتقل الفاعلين ويزج بهم في تازمامارت هي قصة ضياع الوقت في متاهات لا طائل ولا طحين من وراءها.. حتى لو سألنا محمد بن سلمان حامي الحرمين الشريفين سيقول لنا أتصور.. إنسوهم.. حتى لا تكبر قضية مبنية على والووو الخاوي.. لننس الموضوع ... حتى لا يأخذ أكثر من حجمه.. حرقوا قرآن أو العهد القديم أو تعاليم بوذا.. العالم يعيش أزمات أصعب وأخطر جدا من حرق كتب ديانات.. لقد حرقوا في التاريخ مكتبة الإسكندرية وكتب ابن رشد وكتب فلاسفة سبقوا عصر الأنوار.. وحرقوا ابن الخطيب شخصيا في فاس.. وماذا فعلوا مع ابن الراوندي والسهروردي وإبن باجة عالم علماء سرقسطة والأندلس..؟؟ أعطوهم وساما شرفيا وحلوى.. ثم إنه من زاوية نظر أخرى فالمنع لا ينفع في حالات يكون فيه الطرف الممنوع عصابيا أو انتقاميا في سلوكه.. لا يمكن أن تمنع مجنونا فاقدا للعقل من حرق القرآن أو التوراة أو صور رموز دينية.. الأحمق المريض سيعود لفعلته.. سيطبق معك مبدأ التبوحيط... ضربني وبكى وسبقني وشكا.. ثم إن القمع والمنع يعطي نتائج معكوسة حتى مع من كان المنع ظلما وعدوانا على حقهم في التعبير والرأي والوجود.. الأمثلة كثيرة وتحتاج بالتفصيل إلى كتاب وكتب.. منع الكبير طه حسين جعل شهرته أوسع.. منع كتاب علي عبد الرزاق الإسلام وأصول الحكم سار في نفس الاتجاه.. منع صادق جلال العظم جعلنا ونحن تلاميذ نبحث بالريق الناشف عن كتابه ونلفه في غلاف أصفر ونقرأه بالتناوب ولا أتذكر اليوم ما قرأت فيه لكنه كان كتابا عاديا جدا .. منع الثالوث المحرم ..الدين ..الجنس..السياسة .. منع الكاتب والمفكر الليبي الصادق النيهوم جعله أكثر شهرة وإقناعا هو في منفاه الاختياري في جنيف.. منع سلمان رشدي وإصدار فتوى إيرانية لقتله.. منع رواية مغربية من معرض الكتاب العام الماضي جعل منها الكتاب الأكثر طلبا...وباع الناشر كل النسخ.. العالم اليوم وصل إلى ما يسمى cancel culture .. وهو طريقة منع بأساليب ناعمة مخدومة غير مفضوحة.. جعل كل شيء ممنوع مناقشته والسخرية منه باسم كذا.. وكذا وكذا... باسم هذه الفلسفة الجديدة صار المنع يمر كما نبلع حبة أسبرين ونصمت.. ممنوع السخرية من النساء لأنه سلوك ميزوجين.. ممنوع كاريكاتير عن الأديان لأنه إساءة للأديان.. ممنوع كوميديا أو دراما عن المثليين...عن اليهود..عن الكنيسة..عن كوكا كولا وبيبسي ونيستلي وماك دونالدز.. عن النازيين..عن الفاشية..عن الشعوب الإصلية ..عن الأكراد والأرمينيين وهنود البيرو.. سيارات رونو نبيذ فرنسا وماء زمزم.. ودور الموضة والعطور وسراويل ليفيس وشوارما..وطيران الخليج.. ممنوع.. ممنوع.. كل شيء... إلا أن تمس بالشركات العملاقة فذاك رجس من عمل الشيطان.. شارلي إيبدو لم يرسموا فقط استثناء رموز الإسلام بسخرية إنما رسموا كل الإديولوجيات المنغلقة والأديان والهويات القاتلة وبلادة ونفاق أفكار عالمية جارية.. كان بإمكان الشاب المغربي الريفي تجاهل صور المخرج فان كوخ عن الإسلام والقرآن في فيلمه الرديء جدا لأنه ببساطة شخص اعتدى على السينما وحرية التعبير..لا يستحق القتل ولا الحديث عن فيلمه المقود جدا.. كان الغرض من الفيلم هو الاستفزاز وزرع الكراهية للإسلام وقد نجح في ذلك بعد أن ذبح في الشارع بأمستردام .. ويعود الشاب يؤكد أمام القاضي أنه غير نادم... ومعه تلطخ صورة المسلمين وصعود الطوندونس لليمين المتطرف وحليقي الرؤوس.. نيويورك تايمز منعت مرة كاريكاتيرا قويا عن ترامب رسمه صحافي برتغالي..وكان ذلك هزة و تراجعا عن مبادئ حرية الصحافة و حرية التعبير .. منع الصحيفة العالمية الكبيرة صار نموذجا يدرس.. من كان سقف وركن بيته حديد وحجر لا خوف عليه من كاريكاتير أو مسرحية وقصيدة شعر تزعزع عقيدته.. من تزعزع قناعاته بمقال أو رسم أو رواية لا يعول عليه.. ماهي أحوال الطقس اليوم..وهل نزل ما يكفي من المطر.. هاااا الصح.. وغير ذلك غرائز خوف لا غير..