حصلت “كود” على القصة الكاملة للكمين الذي نصب لرئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق بولاية مراكش، والذي قاد إلى إلقاء القبض عليه متلبسا بتلقي رشوة قيمتها 12 مليون. وفي تفاصيل حكاية الإطاحة بالرجل النافذ في ولاية عاصمة النخيل، تشير المعطيات المتوفرة ل “كود”، من خلال ما تسرب من التحقيقات الأمنية المنجزة في الملف، إلى أن التحضير لهذه العملية انطلق بالاستماع إلى الشاكي (س.ع) وشريكه (ح.س)، وهو مسير شركة تستغل مسبحا معروفا في عاصمة النخيل، واللذين أفادا أنهما أصبحا مجبرين على أن “يدفعا ل (ع.ع) مبالغ مالية كرشوة كي يتدخل بحكم منصبه وتجنيبهم العراقيل التي يقوم بها مجموعة من العمال، إثر إفصاحه لأحدهما بأن عليهما القيام بذلك مقابل أن يتدخل لصالحهما بقصد إيجاد حل للمشكل”. وبمجرد الانتهاء من هذا الإجراء وتحصيل معطيات وافية حول القضية، شرع في إعداد الفخ الذي سيؤدي إلى سقوط المشتبه فيه في شراك فضيحة مدوية. وكانت أول خطوة في مرحلة الإعداد هي ربط الاتصال بالمعني بالأمر لضرب موعد معه لتسليمه مبلغ 12 مليون سنتيم بعد الاتفاق على النزول عند رغبته، وهي العملية التي كلف بها س.ع) عقب إيهام المشتكى به بأن ذلك بطلب من ((ح.س). وبعدما تلقف المشتبه فيه الطعم محددا مكان اللقاء في مكتبه، جرى العمل على نسخ بعض الأوراق النقدية من مجموع المبلغ الذي كان جله من فئة 200 درهم. وعند اقتراب موعد التسليم كانت رتبت جميع تفاصيل المرحلة الثانية من خطتها، والتي أريد من خلاله إلقاء القبض على المعني بالأمر متلبسا بجريمة الرشوة. ولتحقيق ذلك، تفيد المعطيات التي تحصلت عليها “كود”، انتقل عناصر من المكتب الوطني لمكافحة الجريمة الاقتصادية والمالية بالفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى مقر ولاية جهة مراكش، حيث انتشروا بكل من الطابق السفلي والطابق الأول أين يوجد مكتب المشتكى به لمراقبة الوضع ومعاينته عن كثب. وفيما استكملت جميع الترتيبات، أعطي الضوء الأخضر ل (س.ع) لدخول مقر الولاية متوجها مباشرة إلى كتابة رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والتنسيق وبيده ملف بلاستيكي أحمر اللون يحتوي على المبلغ المالي المزمع تسليمه ل (ع.ع)، حيث انتظر لفترة مقابلته قبل أن يسمح له بذلك وبيده الملف المذكور الذي غادر بدونه بعد انتهاء اللقاء. وما إن خرج المشتكي من مكتب الرجل النافذ في ولاية عاصمة النخيل، حسب معطيات “كود”، حتى جرت مداهمته من قبل العناصر الأمنية، حيث عاينت (ع.ع) واقفا والملف الأحمر البلاستيكي فوق طاولة صغيرة أمام مكتبه. وعقب إفادته بصفات العناصر التي ولجت مكتبه، شرع أمام أنظاره في كشف محتوى الملف ومعاينة مبالغ مالية من فئة 200 درهم عبارة عن ستة رزم قدرها 12 مليون سنتيم. وجرت أيضا مقارنة بعض الأرقام التسلسلية لبعضها مع تلك المستنسخة، فتبين أنها مماثلة فيما بينها ليجري حجزها، كما جرى العمل على حجز هاتف محمول من نوع (آيفون 7) الخص به لعرضه على الخبرة التقنية، وإيقاف المعني بالأمر عقب إشعاره بحقوقه المنصوص عليها في المادة 66 من قانون المسطرة الجنائية. وبعد ثلاثة أيام من التحقيق التمهيدي بمقر الفرقة الوطنية بالدر البيضاء، حول التهم الخطيرة المنسوبة له، نقل إلى مراكش، حيث مثل أمام نائب الوكيل العام المكلف بقضايا جرائم الأموال، الذي استنطقه لمدة ثلاثة ساعات قبل إيداعه سجن الأوداية بتهم غليظة تتعلق ب “لارتشاء واستغلال النفوذ وخيانة الأمانة”.