لا تفغروا أفواهم أيها المغاربة في المتظاهرات اللبنانيات. ولا تتعجبوا. ولا تنبهروا. فمن تقويرة الصدر سيخرج إخوان مسلمون. ومن السرة. ومن الجمال. ومن الحياة. سيخرج سلفيون. دائما. دائما. وكما العادة. هذا ما يحدث. دائما. دائما. وفي كل مرة. ومن ثقب سروال الجينز المقطع. ومن السوتيان. ستخرج طوائف كثيرة. سيخرج قبح. سيخرج سواد. وسوف تختفي كل الألوان. ومن الصايات القصيرة سيخرج شيعة ومسيحيون وسنة متطرفون. وسيخرج حزب الله. وستخرج إيران والسعودية وقطر. وسيخرج مال كثير لزعماء الطوائف. ومال للسنة. ومال للشيعة. وسيخرج متدخلون جدد في الشأن اللبناني. وسيخرج غيورون على المحاصصة الطائفية. وستخرج أمريكا وروسيا وفرنسا. وسيخرج من يهدد بحرب أهلية جديدة. وسيخرج فساد. وستخرج تبرعات. وستخرج أسلحة. وستخرج مليشيات. فلا تغرنكم هذه المظاهر. ولا تضعوا المقارنات. ولا تغرنكم الحرية فهي خداعة. فلا شيء سيقع. ومن هذه الحياة سيخرج موت. وستخرج اغتيالات. وسيارات مفخخة. ومن الفرح سيخرج حزن. كما دائما يحدث في لبنان. ومنذ قديم الزمان. وقد سبق لبنان العرب في كل شيء. وكان حقل تجارب للأحلام الشيوعية. وللاشتراكية. وللرأسمالية. وللفوضى. وللأدب. وللغناء. وللفنيقيين. وللقومية العربية. ولدولة السنة. ولدولة الشيعة. ولدولة يسوع. وجرب فيه الفلسطينيون دولتهم. ودارت حروب كثيرة فيه. وحارب في أرضه الفلسطينيون. وحاربت فيه سوريا. وإسرائيل. وحارب في أرضه الحالمون بالثورة. وإيران. والسعودية. وحتى الجيش الأحمر الياباني. وثوار مغاربة ذهبوا إلى الجبهة الشعبية. ومن أراد أن يجرب شيئا ذهب إلى لبنان. أي شيء. لكن لا شيء يتغير في لبنان. وتعبره الحرية. وتظنها هي. لكنها لا تستقر في لبنان. وظاهرها حرية لكنها ليست هي. ويظن البعيد عن لبنان المرأة اللبنانية حرة لكنها ليست كذلك. ويظن ديمقراطية في لبنان لكن ليست. وهناك دائما سلطة كامنة. وستعود. كما في كل مرة. لكن ما يميز لبنان أنها براقة. وتلمع. وتقلد الحرية. وبارعة في التقليد. ومفتوحة. كأن لا حدود لها. كأن لا دولة في لبنان. وما يميزها أنها حالمة أكثر من كل العرب. وما يميزها لعنة موقعها. وطوائفها الكثيرة. ولم تغن بلاد عن الثورة كما غنت لبنان. ولم تكتب بلاد شعرا عن الحرية كما كتب شعراء لبنان. وقد وهب الله لبنان الرقة. ووهبها القدرة السفر وعدم العودة. والقدرة على الاندماج في بلاد الآخرين. ووهبها الانفتاح على الغرب. ووهبها صوت فيروز. ورغم هذه المعجزة. ورغم فيروز. فإنها لم تؤثر في اللبنانييم فهزموا الرقة. وهزموا الصوت الملائكي وهزموا رسولة التعايش. وغلبتهم الطوائف. وانتصرت في النهاية. ومن هذه الحياة سيخرج رفض للحياة ومن الفرح سيخرج إخوان وسنة وسلفيون وشيعة ويسوعيون وسيخرج مال كثير وسيعود الوضع كما كان في السابق. فلا تغرنكم المظاهر. ولا تفغروا أفواهم أيها العرب وأيها المغاربة في اللبنانيات فليس ذنبهن أنهن جميلات وتأكدوا أن خلف هذه الصور يوجد فقر وخلف هذا البريق يوجد بؤس تماما كما هو حال كل الدول العربية. وكما هو حالنا هنا. وهذا ما لا نراه في لبنان وهذا ما لا تظهره لنا قنواناتهم وبرامجهم ومسلسلاتهم لكن لا أحد يهتم به ومنه تخرج الطائفية. ويخرج الفساد. ومن التقويرة. ومن الشعر الأشقر. ومن كل هذه الحياة. وهذا العطش إلى الحرية. وما يميز اللبنانيين أنهم من الذكاء كي لا يصدقوا أن ما يحدث في بلادهم ثورة ولن يقولوا عنه إنه حراك. وغالبا أنهم على علم بكل ما سيقع في المستقبل القريب. وبأن الطوائف لهم بالمرصاد وبأن نظامها لن يقف مكتوف الأيدي ولن يسمح بأبعد من هذا. وهو أيضا يقدر حاجة اللبنانيين إلى الفرح. ويتفهم جيدا ما يقومون به. ويجد له الأعذار. على أن لا يتجاوزوا الخط الأحمر. وحينها سيخرج منهم الشيعة والسنة وسيخرج حسن نصر الله وسيخرج السلفيون وستخرج كل الوحوش صارخة وهاتفة باسم الله.