حين كان بنكيران برلمانيا. لم يكن يجد غضاضة في انتقاد معاشات الوزراء. والمطالبة بإلغائها. لكنه اليوم يرد على نفسه. ويحرجها. ويقبل ما كان يحتج عليه أمس لا أحد له القدرة على هزم بنكيران إلا بنكيران نفسه. وها هو بنكيران الماضي يحرج بنكيران الحالي. ولا يكتفي بذلك، بل يفضحه، ويعريه. ويسقطه بالضربة القاضية. ويكشف تناقضاته. في ما يتعلق بموضوع التقاعد الذي حصل عليه. فحين كان بنكيران برلمانيا. لم يكن يجد غضاضة في انتقاد معاشات الوزراء. والمطالبة بإلغائها. ومعه في ذلك سعد الدين العثماني. وكل الإخوان في العدالة والتنمية. لكنه اليوم يرد على نفسه. ويسفهها. ويقبل ما كان يحتج عليه أمس. وبعد أن كان يستشهد بعمر بن الخطاب. وبمخاطبته لبطنه بأن قرقرقي وغرغري. أو لا تقرقري ولا تغرغري. فو الله لن تذوقي اللحم حتى يشبع منه صبية المسلمين. فإن قضية الغرغرة والقرقرة هذه لم تعد تعنيه كثيرا في الوقت الحالي. وفضل أن يذوق اللحم. والسمن. والعسل. وملايين التقاعد. مهتما ببطنه. وبالصوت الذي يصدر عنها. وملبيا لصرختها. وخاضعا لها. ولهذا فلا أفضل من كاشف للشعبوي إلا الشعبوي ذاته. وأي كلمة. وأي شعار يرفعه. وأي دغدغة للعواطف. سيأتي الوقت المناسب لتضعه أمام صورته في المرآة. وقد يتأخر ذلك الوقت. لكنه سيأتي لا محالة. وقد كان الفيديو الرائج ردا مفحما لبنكيران الحالي. ورغم كل التوضيحات المقنعة الذي قدمها فتح الله ولعلو لنواب العدالة والتنمية في ذلك الحين. فقد أصر بنكيران أن يغرغر ويقرقر. وأن يستمر في لعبة المعارضة من أجل المعارضة. ولذلك لم يحتجْ من يسعى إلى النيل من بنكيران. حين كشف عن حصوله على التقاعد. إلى بذل أي مجهود. كما أن ماضيه كبرلماني قدم خدمة مجانية إلى كل هؤلاء الذين يمارسون شعبية مضادة حول موضوع تقاعد الوزراء هذا. وبسهولة هزم بنكيران نفسه بنفسه. وأسقطها أرضا. ومرغها في التراب. وجعلها محط هزء. وقام بذلك لوحده. معفيا خصومه من الاجتهاد. ولا شك أن الشعبوية سهلة. ومغرية. وغير مسؤولة. وتعميك مكاسبها الآنية عن الواقع. وعن الغد. وعن التناقضات التي قد تقع فيها. ولا أعرف كيف يمكن لبنكيران أن يدافع عن نفسه أمام هذا الفيديو القديم. وهل ينتقد نفسه. وهل يلومها. وهل يعتذر ويقول كنت شعبويا ولم أعد. وهل يقول كنت مخطئا. وكنت جاهلا. وكنت أدغدغ العواطف. وهل يقول غلبتني بطني. ولم أقو على تحمل غرغرتها. وهل يشكو حاله. ويتمسكن. وربما لم يكن بنكيران يتخيل نفسه يوما رئيس حكومة. لا هو ولا إخوانه. ولهذا سيبقى ماضيهم دائما يفضحهم. كما أن الفيديوهات كثيرة ومسجلة وموضبة ومؤرشفة وتظهر في الوقت المناسب. وحسب المناسبة وحسب الموضوع. إلا أن الثابت في التاريخ أن لا شعبوي اعترف بأنه كذلك ولا شعبوي كف عن شعبويته وقد يرد بنكيران على نفسه وقد يواجهها وقد يصفها بالتحكم وقد ينتصر عليها.