يتحدث الدكتور سعد الدين العثماني في كتابه "في فقه الدين والسياسة " الصادرعن مؤسسة الانتشار العربي ص 201 ،عن بعض أمراض الحركة الاسلامية وعن أساليب مرضية في التعامل مع الأطراف السياسية الأخرى حيث "يتضخم "فقه الطاعة "ويضمر "فقه الحرية".ويضيف سعد الدين العثماني واصفا الخطاب الناجم عن تلك العقلية الجامدة:"وعلى مستوى الخطاب نجد سمات كثيرة ذات تأثير سلبي خطير.فهو أحيانا خطاب انفعالي عاطفي ،هزيل حظه من الموضوعية والعلمية والتريث ،خطاب يشكل مصدر توجس وقلق ،وربما مصدر خوف وفزع ،يؤدي إلى فقد الأصدقاء وتكثير الأعداء ،وفتح جبهات لا مبررلها .وهو أحيانا خطاب يلغي من حسابه الآخر وظروفه وردود فعله.كما يلغي من حسابه ذوي الفضل أو العلم أو ذوي السابقة ،ولا يطرح نفسه بوصفه اجتهادا أو رأيا فيه اقتراح فيه ما فيه من اجتهادات البشر من القصور والمحدودية ،بل يضفي على نفسه مطلقية الوحي وعصمة من نزل عليه.وهو أحيانا خطاب قادح جارح ينتقل من انتقاد الأفكار إلى اتهام الأشخاص والهيآت ،ونبش النوايا ،لا يعرف التلطف ولا الرفق". لست أدري إن كان الدكتور العثماني لما كان يكتب هاته السطور يستحضر عن وعي أو لاوعي شخصية وأسلوب أخاه في الدعوة والحزب عبد الالاه بنكيران الذي شكل ظاهرة فريدة في الخطاب السياسي الشعبوي بل وكان له "الفضل" بمعية زعيم شعبوي أخر (حميد شباط) في الجعل من السياسة ليس مجرد فرجة للجمهور بل "إثراء" القاموس السياسي المغربي بمصطلحات جديدة ك"الثريات" و"ديالي اكبر من ديالك" و"التماسيح " و"العفاريت"...الخ بالمقابل أنا متأكد أن اختيار الحزب الدكتور العثماني لرئاسة الحزب سنة 2004 اثر أحداث البيضاء التي كادت تعصف بالوجود القانوني للحزب ،لم تكن صدفة بل نابعا من تقدير الحزب لشخصية وأسلوب ودبلوماسية الطبيب النفسي الأول للحزب.كما أن اختيار بنكيران لاحقا بأغلبية ساحقة كان تعبيرا عن قناعة جماعية داخل البجيدي بضرورة اختيار شخصية شعبوية تحرك وتدغدغ عواطف الجماهير وقادرة على ان تقود مواجهة وصراع وجود مع المشروع السياسي ل"الوافد الجديد" الذي أسسه فؤاد عالي الهمة. فهل يعيد التاريخ نفسه اليوم؟وهل سيتخلى حزب العدالة والتنمية خلال المؤتمر القادم للحزب عن بنكيران ويعيد العثماني إلى الواجهة بعد أن أصبح ألأسلوب الفج والشعبوي لبنكيران يضر أكثر مما ينفع في العلاقة مع القصر وباقي الفرقاء السياسيين ،خصوصا وأن التغيرات الدولية والإقليمية تدفع بإخوان بنكيران للتراجع التكتيكي والمهادنة في انتظار ظروف أفضل للصراع السياسي من أجل الظفر بمواقع أفضل داخل مؤسسات الدولة؟