قال المخرج المغربي الكبير، الجيلالي فرحاتي، إن السينما المغربية استطاعت أن تثبت حضورها الفعال وتقنياتها المتميزة للعالم. وأضاف المخرج المغربي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش فعاليات الدورة ال17 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أن السينما المغربية تمتلك كل المقومات الفنية والإبداعية اللازمة، التي تخول لها المنافسة على أهم الجوائز العالمية، سواء من حيث الممثلين أو المخرجين، مشيرا إلى أن عدة أفلام مغربية حصدت جوائز عالمية مهمة، وبصمت على مشاركات متميزة في أهم المهرجانات الدولية. وفي هذا الصدد، أكد المخرج الحائز على جوائز وطنية ودولية هامة، على الدور الكبير الذي يضطلع به المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في التسويق للصناعة السينمائية المغربية، خصوصا وأنه يستقطب أهم المبدعين العالميين، الشيء الذي يمنح، حسب قوله، فرصا متعددة للتعاون بينهم وبين المبدعين المغاربة. وأبرز الجيلالي فرحاتي الذي يعتبر أحد مؤسسي السينما المغربية المعاصرة، أن الإخراج عملية إبداعية بالدرجة الأولى، تختلف فيها الرؤى من مخرج إلى آخر حسب منظوره الشخصي أو المدرسة التي ينتمي إليها، داعيا في هذا السياق المخرجين الشباب إلى ضرورة التحلي بالجدية في العمل والإكثار من التساؤلات حول مواضيع مختلفة لأنها تشكل بداية الطريق الصحيح نحو رؤية إخراجية متميزة. وتابع “عراف السينما المغربية” كما يلقبه زملاؤه في المهنة، أن الإخراج يحتاج إلى خلفية غير محدودة، أي إلى أبعاد يرتكز عليها المخرج، حيث يترك شاشة السينما تحمل قراءات متعددة وعميقة، معتبرا أن نجاح المخرج يرتبط بفهم المشاهد لتلك الرؤية. من جهة أخرى، أوضح الجيلالي فرحاتي، أن “السينما كلما تحدثت أكثر كلما فقدت قوتها في الصورة، وكلما اعتمد الفيلم على الحوار أكثر كلما فقدت الصورة خطابها”، مضيفا أن السينمائي الحقيقي تكون له غيرة على أفلامه ويراها بعين مختلفة عما يراها الآخرون، “أعتقد أن هذا ما يمنح المبدع مجالا أوسع ليتقدم في مسيرته”. وعبر المبدع المغربي عن رغبته المتجددة في صناعة أفلام أخرى، وعن رغبته في تعلم المزيد والنهوض بالسينما المغربية، “ما يستهويني هو حب الاستطلاع والفضول الفني، كلما تقدمت في العمر ونضجت أكثر زاد فضولي”. ولد الجيلالي فرحاتي سنة 1948 بمنطقة آيت واحي قرب الخميسات، ونشأ في طنجة التي احتضنته وساهمت في تشكيل شخصيته. ودرس المخرج المغربي الأدب وعلم الاجتماع في فرنسا، فولع بأبي الفنون قبل أن ينتقل إلى السينما ويخرج فيلمه الطويل الأول “جرحة في الحائط” في 1977، الذي لفت الانتباه إليه في أسبوع النقاد بمهرجان “كان” بفرنسا. وسيعود فرحاتي إلى “كان” في 1982 لكن هذه المرة ضمن فئة “أسبوعا المخرجين” من خلال فيلمه “عرائس من قصب” الذي فاز بجائزة الإخراج، وجائزة أفضل دور نسائي لسعاد فرحاتي، ضمن المهرجان الوطني للفيلم. وفي 1991 ، شارك المخرج المغربي بفيلمه الطويل “شاطئ الأطفال الضائعين” في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية، كما فاز بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم، ثم الجائزة الكبرى وجائزة أفضل ممثلة لسعاد فرحاتي في بينالي السينما العربية بباريس سنة 1992، والجائزة الكبرى في مهرجان السينما الإفريقية بميلانو، والجائزة الخاصة بلجنة التحكيم، وجائزة أفضل مساهمة فنية في مهرجان نامور، والبرونز في مهرجان دمشق سنة 1993. وتكريما لمسيرة فنية تجاوزت ال30 سنة من العطاء، كرم المخرج الكبير الجيلالي فرحاتي مساء أمس الأربعاء بالنجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته ال17، وذلك عرفانا بما قدمه من أعمال سينمائية جسدت رؤيته الفنية المنتصرة للقيم الإنسانية والوطنية القريبة من نبض المجتمع المغربي.