المشهد الذي تناقلته مواقع إلكترونية كثيرة لما وقع في معهد "الهاش أو إيم" لعبد الإله بنكيران مع طلبة المعهد ومع بعض الحاضرين في الندوة التي نظمت هناك الخميس الفارط, هو مشهد مخجل بكل اختصار. لا أتفق كثيرا مع حزب "العدالة والتنمية", بل قل على سبيل الحق الذي لامجال لتزويره إنني لا أتفق إطلاقا مع هذا الحزب, لكنني وجدت نفسي متعاطفا مع الرجل في وجه الطريقة غير المتحضرة نهائيا التي كانت تعامله بها القاعة ليلتها. صفير وصراخ, وطرق بدائية للغاية في التعبير عن مواقف سياسية, أتصور أنه كان ممكنا لها أن تعبر عن نفسها بطرق أخرى أكثر حضارة, وأكثر تأدبا. لكن ماوقع للأسف الشديد كان هو العكس, والشباب الذين كانوا أغلبية القاعة, والذين كان يفترض فيهم أن يمثلوا هذا "البديل" المنتظر للانهيار المسمى طبقتنا السياسية أبدوا عجزا منقطع النظير عن تحمل كلام بنكيران, بل صاحوا في بعض اللحظات بشكل هيستيري, تاركين لدى جميع أو أغلب من شاهد هذه المقاطع على الأنترنيت لهذه الندوة, شعورا بأنه سيكون صعبا علينا أن نعثر في المستقبل البعيد أو القريب على من سيقدمون لنا شيئا آخر غير هذا الدمار الموجود في ساحتنا السياسية.
هذا عن الطلبة أو الجمهور الذي كان حاضرا ليلتها. آرانا دابا الأستاذ الباحث محمد ضريف الذي سمعه الحاضرون يقول لبنكيران بالحرف حين قال له "غادي نرد عليك": "يلا بغيتي ترد, سير للطواليط".
لا أعرف حقيقة المجال البحثي السياسي الذي تنتمي إليه هذه الجملة بالضبط والتحديد, ولكنني أعرف أن هناك حدودا لكثير من الأشياء. وأعرف في الوقت ذاته أن هناك شعبا يشعر بيأس كبير من هذه الكارثة التي يقال لها نخبته, وينتظر منها أن تعطيه برهانا على أنها قادرة على التغيير, أو قادرة على أن تجبر نفسها على بعض من التغيير. وجمل مثل هاته, وصور مثل التي تناقلها الناس فيما بينهم عن هذه الندوة, هي الأشياء التي نفرت الناس بالضبط من هذا المشهد السياسي, وجعلتهم يؤمنون أن لا خير في هذه النخبة المتحكمة, وأن لا أمل نهائيا في أن تسمع يوما صوت الشعب, بل صراخ الناس واستغاثاتهم "أننا تعبنا من كل هذا الهراء".
ربما كان الحل الذي لجأ إليه الوزير أغماني وهو يترك منصة الندوة هو الحل الأفضل, وهو الحل الذي يلجا إليه شعبنا باستمرار حين يهرب من منصات الانتخابات, ومن صناديقها, ومن النقاشات التي يرتكبها هؤلاء الناس فيما بينهم, حيث يفضل ترك الجمل بما حمل لهم, وهو متأكد من قدوم يوم سيندمون فيه على كل هذه الارتكابات التي يجنونها في حق شعبنا. لكن إلى متى سنكون مضطرين لكي نخلي لهم المكان ونخلي لهم الجو ونخلي لهم كل الساحات في الوقت الذي يخلون هم فيه حاجة وحدة هي "دار بونا كاملين", ويخلون معها البلد من أي أمل في تحسن الأمور في يوم من الأيام؟
البعض سيقول إننا نحمل الأشياء أكثر من حجمها, وأن الأمر لايعدو كونه احتدادا وقع في ندوة صحفية "لايف" زادها الجمهور الحاضر حماسا ما جعل المتنادين فيها يفقدون في أحايين كثيرة الشعور بأنفسهم. لكنني أتصور أن ماوقع هو برهان فعلي آخر على مشكل حوار لا نستطيعه مع بعضنا البعض. وقد عشنا الأمر ذاته يوم الجمعة مع برنامج الزميلة سناء زعيم "ولاد البلاد شو" على أُثير إذاعة أصوات ونحن نسمع ناشطة من 20 فبراير تقول لعبد الكريم بنعتيق إنه "سكيزوفريني" ليرد عليها إنها "يلزمها الكثير لكي تكون طبيبته النفسية", ولكي ترد عليه هي الأخرى "أنت فعلا في حاجة إلى طبيب نفسي".
"فين حنا آعباد الله؟". في الكوكب المسمى المغرب, وفي المجرة التي يطلقون عليها لقب مجرة "المروك", والتي تعتقد اليوم واهمة أنها لاتشبه ماعداها من الدول التي تخلصت من "هبالها" القديم ودخلت عهد المجهول فرحة به ومستعدة لتحمل كل نتائجه عوض البقاء أسيرة للكثير من الكوارث التي كبلتها على امتداد هذه السنوات.
وآسفون مجددا على الإزعاج وعلى تعكير صفو المقتنعين بأن الأمور كلها على خير مايرام, وأنها تسير في الاتجاه السليم, لكن مانشاهده حتى الآن, وما نحياه, ومايقع استعدادا لموعد 25 نونبر, وهاته النقاشات العقيمة, وهاته الكلمات التي سمعناها آلاف المرات, وهاته الوجوه التي سئمناها لكنها تصر على أنها فعلا الشيء الوحيد الموجود, كل هذا وغيره كثير, يقولان لنا إننا سائرون بأرجلنا نحو إزالة هذه الخصوصية عن مجرتنا المغربية, وجعلها مشابهة تماما لغيرها من المجرات.
من سيخسر نهاية في مثل هذا الإصرار الغبي على تكرار نفس الأخطاء التي وقع فيها الآخرون قبلنا؟ نعتقد أن الجواب سهل للغاية. الخاسر الأكبر مجددا سيكون هو البلد والشعب الذي يحيا فيه. الآخرون, أولئك الذين استفادوا دائما, سيواصلون الاستفادة, ونبينا عليه السلام
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق أثارني فعلا مشهد ياسمينة وهي شادة الصف من أجل الانتخابات, في صورة مرتبة بعناية لكي توصل رسالة واضحة للغاية عن السيدة. في فرنسا, ودون أي رابط واضح, يتحدثون هذه الأيام عن صورة نيكولا ساركوزي وزوجته كارلا بروني وهما يسيران جنبا إلى جنب حاملين الصغيرة جيوليا معهما.
ساركوزي ومحيطه قالا إن الصورة اعتداء على الحياة الشخصية, لكن الصحافة الفرنسية كشفت أن الصورة كانت مرتبة بعناية كبيرة, وأن ساركوزي هو الذي أعطى الضوء الأخضر لالتقاطها خدمة لحملته الانتخابية من أجل العودة إلى الإليزيه.
آش من علاقة بين ساركو وياسمينة؟ نترك لجنابكم الموقر العثور على معطيات الجواب