اعفاء بنكيران، تعيين حكومة بستة احزاب، اعتقال ناصر الزفزافي، التدخلات الامنية في حق المتظاهرين في مختلف مناطق المغرب، التضييق على حرية الصحافة، متابعة المهداوي، التضييق على الصحافي انوزلا، الاعتداء على مصور موقع لكم، الحكم ب500 سنة فما فوق على مجموع معتقلي حراك الريف بالحسيمة والدار البيضاء وفاس والناظور، القضاء يعتبر فيديو الزفزافي لم يمس بكرامته وليس جريمة، الرميد ينتفض ضد القضاء ويصف الاحكام الصادرة في حق معتقلي الريف ب”غير العادلة”، كلها احداث تؤكد الخطورة التي يعيشها المغرب سياسيا وحقوقيا. هذه الاحداث تجرنا للحديث عن مسألة جوهرية في أي حياة سياسية، وهي مكانة الاحزاب السياسية التي تعتبر الوسيط الأول بين الشعب ومراكز الحكم أي المؤسسسة الملكية بالمغرب، حيث يتضح جليا اختفاء دور الاحزاب وتعثر مساراتها وضعف استقلاليتها في اكثر من مناسبة، وأجلى تجلياتها ما حدث لحزب العدالة والتنمية خلال جولات الحوار الداخلي التي جاءت في سياق انقسام داخلي وتشكيك كبير لدى قواعد ومتعاطفي هذا الحزب من تحول هذا الاخير إلى حزب بدون قرار مستقل وبدون مواقف وبدون نقاش سياسي رفيع. فطريقة معالجة قيادات حزب العدالة والتنمية لموضوع الفيديو المسرب لمقطع من كلمة عبد العلي حامي الدين انتقد فيها بشدة المؤسسة الملكية في شكلها الحالي وطالب بضرورة تعديل، يؤكد بما لاشك فيه أن هذا الحزب تحول إلى حزب عاد ولم يعد له القدرة طرح نقاش سياسي في مرحلة صعبة يمر منها المغرب. ولو عدنا قليلا الى الوراء، فمنذ اعفاء بنكيران وما تلاه احداث سياسية والتي وصفت ب”التراجعات” خصوصا بعد اعتقال ناصر الزفزافي قائد الحراك الريف والمئات من النشطاء، فإن بنكيران استغل أول خرجة اعلامية له في الملتقى الوطني لشبيبة حزبه الصيف الماضي، للمطالبة بتعديل الدستور، بالقول: “خصنا نراحعوا أنفسنا، وإذا اقتضى الأمر نراجعو الدستور ديالنا، نراجعوا الدستور ديالنا باش نعرفوا بالضبط شكون المسؤول على شكون، وشكون كيتكلم مع شكون”. ومن الكلمات الخالدة التي قالها بنكيران : “المغاربة يجب أن يعرفوا من أجمع الأحزاب الأربعة على كلمة واحدة، في إشارة إلى أحزاب الأحرار والحركة الشعبية والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي، وتوحدها ضدها من أجل منعه من تشكيل الحكومة حينئذ”. وقال كذلك : “أطالب الملك أن يستعمل صلاحياته وإمكانياته لحل مشكل الحسيمة”، مضيفا قوله: “يمكنه فعل ذلك، هو الذي يعرف كيف يفعل ذلك، ما عندنا ما نديروا، ملي كاتحراف لينا كندوروا لجلالة الملك، ما يمكنلوش يواخد علينا هاد القضية، هادشي لاش دارو الله اعلم”. لذلك فالنخبة التي تسير حزب العدالة والتنمية لم تواكب هذا الكلام وتهربت من نقاش دستوري حقيقي في العمق سياسي مرتبط بضرورة تقديم اصلاحات حقيقية في أفق الملكية البرلمانية، وهو ما كشفته مداخلة حامي الدين في الحوار الداخلي.