بمجرد ما انتهت مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره الألماني بفوز الأخير بهدفين لواحد، سرت شائعات في مستودع لاعبي الأسود أن زملاءهم في منتخب البيرو، الذي كان يوجد معهم في نفس المجموعة، يعتزمون الانسحاب من المونديال والعودة إلى بلادهم التي ضربها زلزال عنيف. وأودى ذاك الزلزال، الذي حدث في 31 ماي 1970 أي غداة انطلاق فعاليات مونديال المكسيك، بحياة أكثر من 75 ألف من سكان البيرو وأكثر من 25 ألف مفقود. يذكر سعيد غاندي، أصغر لاعبي المنتخب المغربي، أن المدرب اليوغوسلافي بلاكوج فيدينتش كان هو أول من أخبر اللاعبين باحتمال انسحاب منتخب البيرو، “بل سمح لنا بمغادرة الفندق والتجول في المدينة… لم نتدرب في الغد، ولم نعد إلى التداريب إلا بعدما علمنا أن لاعبي البيرو قرروا البقاء واستكمال المونديال إلى حين خروجهم”، يقول غاندي. برمج الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” موعد المباراة بين المنتخبين، يوم 6 يونيو 1970، أي بعد ثلاثة أيام فقط عن المباراة الأولى ضد الألمان. دخل منتخب البيرو تلك المباراة برغبة جامحة في تحقيق انتصار ثانٍِ يهديه إلى جمهور بلاده الحزين، فيما أظهر المغاربة أنهم غير قادرين على فعل شيء، خاصة أمام مهاجم شاب يبلغ 21 سنة فقط، هو تيوفيلو كوبياس. استمرت مقاومتهم، مرة أخرى، حوالي ساعة، قبل أن ينهاروا وتدخل شباك علال بنقصو ثلاثة أهداف، افتتحها كوبياس في الدقيقة 65. وأضاف زميله روبرطو شال الهدف الثاني في الدقيقة 67، قبل أن يعود كوبياس، أحد كبار الهدافين في تاريخ المونديال، لتسجيل الهدف الثالث، في الدقيقة 75، على مرمى الحراس علال بنقصو، الذي دخل المباراة “وهو يعاني من إصابة. لقد أخبر علال فيدينتش أنه غير مستعد ليكون رفقة زملائه، غير أن المدرب اليوغوسلافي أصر على حضوره”، وفق رواية سعيد غاندي. غادر المغاربة الملعب، وفي نفس الوقت خرجوا، رسميا، من التنافس على تذكرة المرور إلى الدور المقبل، وأصبحت مباراتهم الثالثة والأخيرة أمام المنتخب البلغاري “مجرد بروفة شكلية”، ما دام الأخير قد فقد، هو أيضا، أي أمل بعد هزيمتين متتاليتين أمام البيرو والألمان. كان كل منتخب يأمل في الخروج من المباراة بما يمكن أن يحفظ به ماء الوجه، وكانت نتيجة التعادل يمكن أن تنصف الطرفين معا. وذلك ما وقع بالفعل، إذ انتهت المباراة بهدف لمثله، كان الخصم سباقا إلى التسجيل من الدقيقة الأخيرة من الشوط الأول، ثم عادل المحجوب الغزواني للمغاربة في الدقيقة 61. هكذا انتهت المغامرة الأولى للمغرب في المونديال ب”خيبة أمل”، غير أن إدريس باموس، عميد المنتخب حينها، رأى عكس ذلك، حين صرح قائلا: “إن مشاركة أسود الأطلس في المونديال، ستساهم في إعطاء انطلاقة جديدة لكرة القدم المغربية”. هل صدقت توقعات باموس الذي ترأس، فيما بعد، الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم؟ ما تلا ذلك، يحمل الكثير من الإجابات.