استؤنفت الخميس في الدارالبيضاء محاكمة مدير صحيفة “أخبار اليوم” المغربية المستقلة توفيق بوعشرين المتهم بارتكاب “اعتداءات جنسية”، في جلسة سادها جدل حول عدد ضحاياه المفترضات. وخلال الجلسة التي رفعت الى الخميس المقبل، ذكر القاضي أسماء 15 سيدة وصفهن ب”المطالبات بالحق المدني”. لكن 8 من المدّعيات ال15 تخلّفن عن حضور الجلسة، رغم استدعائهن، وبينهن ثلاث نفين تعرضهن لأي اعتداء. وأوقف بوعشرين (49 عاما) في 23 فبراير الفائت في مقر الصحيفة بالدارالبيضاء، بناء على شكويين من سيدتين اتهمتاه بالاعتداء الجنسي. وإثر التحقيق معه، وجّهت له اتهامات تتعلق “بارتكاب جنايات الاتجار بالبشر” و”الاستغلال الجنسي” و”هتك عرض بالعنف والاغتصاب ومحاولة الاغتصاب والتحرش الجنسي”. وبعد ثلاثة ايام من توقيفه قالت النيابة العامة إن هذه الأفعال ارتكبت بحق ثماني ضحايا، مشيرة الى أنهن يظهرن في أشرطة مصوّرة تم ضبطها أثناء اعتقال بوعشرين. ومنذ ذلك التاريخ يلفّ الغموض عدد الضحايا المفترضات. ففي 12 مارس الماضي، وجهت إحداهن وتدعى عفاف برناني شكوى الى المحكمة تقول فيها إن الشرطة حوّرت أقولها وإنها لم تصرّح بتعرضها لأي اعتداء من طرف المتهم. لكن الشكوى رفضت وقررت النيابة العامة ملاحقة المشتكية بتهمة “التشهير” بالشرطة. بدورها قالت أمل هواري، وهي ايضا من الضحايا المفترضات، في تصريح لوكالة فرانس برس إنها “ترفض أن تُستغل في تصفية حسابات سياسية”، مضيفة “لم أكن يوما ضحية لأي اعتداء جنسي من طرف السيد بوعشرين، ولم أقدّم أي شكاية في حقه، ولا صرّحت بما يفيد ذلك بمحض إرادتي”. وأبلغ محاميها إسحاق شارية القاضي أن موكّلته لن تحضر أي جلسة مقبلة. كما أكّدت سيدة ثالثة لفرانس برس طالبة عدم نشر اسمها أنها لن تحضر المحاكمة كونها لم تتقدم من الشرطة بأي اتهام في حق بوعشرين. وطالب الدفاع بإسقاط أسماء المتراجعات عن الاتهام من لائحة المطالبات بالحق المدني. وقال أحد محامي الدفاع في جلسة الخميس إن “بوعشرين لا يريد إظهار براءته بقدر ما ينتظر بفارغ الصبر أن يكشف الحقيقة”. واعتبر عضو آخر في هيئة الدفاع المحامي البريطاني رودني ديكسون أن المحاكمة تتم وفق “إجراءات تعسّفية”. ولكن أربعا من المطالبات بالحق المدني، على الأقل، يتمسكن بالاتهامات التي وجهنها الى بوعشرين. وقال محاميهن الحبيب حاجي لفرانس برس إن تراجع واحدة أو أكثر ممن ذُكرت أسماؤهن في التحقيقات لا يؤثر على “مسؤولية” المتهم عن الأفعال المنسوبة إليه، معتبرا أن اعتقاله كان إجراء “ذكيا إذ منعه من إمكانية إتلاف أدلة الإدانة”. ويطالب محامو الدفاع عن بوعشرين بالإفراج عنه بدعوى أن استمرار اعتقاله غير قانوني. وقد أرجأت محكمة النقض النظر في هذا الطلب إلى 11 نيسان/أبريل. وتُستأنف محاكمة بوعشرين بالدارالبيضاء الخميس المقبل. وتثير هذه القضية ردود فعل وتستقطب اهتمام الرأي العام في المغرب. فبوعشرين معروف بافتتاحياته الناقدة، وقد حكم عليه قبل شهر بدفع 40 الف يورو لوزيرين بتهمة “التشهير”. و”أخبار اليوم” بين الاكثر نفوذا من الصحف المغربية الصادرة بالعربية. وقضايا الاعتداء الجنسي نادرة في المغرب، خصوصا مع خوف الضحايا من الوصم الاجتماعي في بلد محافظ الى حد كبير.