ربما لو كانت طعنته. ربما لو كانت فقأت عينه. ربما لو كانت قتلته. لما صدر قرار طرد تلميذة من الثانوية التي تدرس فيها بهذه السرعة. لكن جريمتها أفظع. أفظع بكثير. وعقابها لا يحتمل أي تأخير. ولا يختلف في هذا الأساتذة والمدير والتلاميذ. ولكم أن تتخيلوا ما اقترفته تلك التلميذة. إنها قبلت زميلا لها في القسم. وفي فترة الاستراحة. يا للهول. وهل يوجد إنسان يفعل هذا. هل البشر يقبلون. ولو لم يصدر قرار طردها. تخيلوا لو لم يصدر هذا القرار. ولو لم يتدخل المجلس التأديبي. لطبع التلاميذ مع القبل. ولانتشرت. ولذاع الحب. وتفشى. وصار يشكل خطرا على التلاميذ. وقد اتفق الجميع على أن تلك التلميذة خطيرة وتتحرش بزملائها. وتقبلهم. أما الولد الذي شاركته القبلة فقد كان ضحية لها. بشهادة الجميع. وبموافقة من المدير. وتم تنقيله إلى مؤسسة تعليمية أخرى. حماية له. ولئلا تستفرد به من جديد. كأننا عدنا إلى قصة الغواية الأصلية. وإلى أن المرأة-التلميذة هي السبب. وأي مراهق هذا لا تأتيه الرغبة في اختلاس قبلة. وأي مراهق أو مراهقة لا يحلم بذلك. ولو كان كل رجال التعليم في العالم مثل ذلك الأستاذ. ومثل مجلس الانضباط بالثانوية التأهيلية محمد الخامس بويسلان. لما تعلم أحد. ولما حصل تلميذ على البكالوريا. وهو مستوى دراسي يكون فيه للقبل طعم خاص. ويبقى في الذاكرة. وكم هو محروم وضحية من لم يختلسها ومن لم يجربها. لكنها صارت في هذا المغرب الذي نعيش فيه جريمة وتستوجب الطرد. كمن ضبط وبحوزته سلاح. كما لو أن القبلة قنبلة. وستنفجر في حجرة الدرس. وستقتل الأستاذ والتلاميذ والمدير والوزارة الوصية. طبعا ليس القسم مكانا لتبادل القبل. وليس درس الفيزياء حصة للحب. لكن أي بلاد هذه التي تطرد فيها تلميذة بسبب قبلة. ومن يعاقب من أصدر هذا القرار . ومن يفكر في مصير ونفسية تلك التلميذة وفي مستقبلها. ومن ينصفها. ومن يطرد أستاذها ومن شارك معه في ارتكاب جريمة الطرد هذه. وبعد أن كنا نظن أن قوم يأجوج ومأجوج هم الأغلبية في المجتمع. وبعد أن كنا نظن أن مجتمعنا مريض. ويفزعه الحب. وترعبه الحياة. ويمارس الشيء ونقيضه. ويتساهل مع القاتل. ومع المجرم. ومع اللص. ونتعايش مع ذلك. ونتخذ كل الاحتياطات الضرورية. هاهم يأجوج ومأجوج يزحفون. ومنهم الآن أساتذة. ومهندسون. ولهم نخبة. ومنهم رجال تعليم. ويدرسون أبناءنا. ويطردون مراهقة بجريمة قبلة. رغم أنها لذيذة. وتساعد على التحصيل. رغم أنها من أحلى ما يمكن أن يحصل عليه مراهق وهو في هذه السن رغم أنها مهمة وتحمي من كثير من الأمراض التي يعاني منها المغاربة. رغم أن نظرتنا إليها وإلى الحب هي سبب في كثير من عقدنا وهي التي تضطر شيخا عليه علامات الوقار إلى أن يفعل ما فعل في شاطىء القمقوم. وهي التي تتسبب في كثير من جرائمنا وفضائحنا واختلالاتنا النفسية. وهي التي تجعلنا متوترين وهي التي تفرز كل هذا العنف الظاهر فينا. إنها مجرد قبلة قبلة يا أستاذنا الجليل وربما جربتها وتعرف طعمها ولا أظنك تختلف معي أنها مثل السكر وتتسبب في خدر لذيذ ولا تؤذي أحدا. ولا تقتل. ولا تسرق. وهي صادقة. ويتغنى بها الشعراء. ولا تستوجب الطرد. وطبيعي أن يسرقها مراهق. أو مراهقة. وغير الطبيعي هو أن لا يفعلا ذلك. وغير الطبيعي هو ما يقع في المغرب حيث نطبع مع كل الجرائم ونجرم الحب ونجرم قبلة. Envoyé depuis mon appareil mobile Samsung.