العناقات الحارة والابتسامات التي وزعت في أولى جولات مفاوضات تشكيل الحكومة تحت قيادة خليفة عبد الإله بنكيران، المعفى بقرار ملكي، لا تعني أن مهمة الطبيب النفسي في حل عقدة "البلوكاج" ستكون يسيرة. فبعد أقل من 24 ساعة على تدشنيه المشاورات، وما إن غادرت قيادات الأحزاب مقر "البيجيدي" الذي احتضن أول محطة في رحلة البحث عن الأغلبية الحكومية، حتى فتح، سياسيا، كتاب لرئيس الحكومة المعين لتوثيق ما وصف ب "بالأخطاء" التي يرتكبها خليفة بنكيران في تدبير ملف تشكيل الحكومة المتعسرة الولادة منذ أزيد من 5 أشهر. ورغم سرعة فتح هذا الكتاب، إلا أن بعض السياسيين خطوا فيه "4 أخطاء"، اعتبروا أنها مؤشرا على عدم قدرة الطبيب النفسي على علاج "عقدة" البلوكاج، التي يعرف العام والخاص من المتسبب فيها.
وأول هذه الأخطاء، حسب ما تسرب من المشاورات التي دخلت السرعة القصوى منذ يومها الأول المهلة الزمنية الضيقة الممنوحة لخليفة بنكيران، والتي لا تتجاوز 15 يوما لإعلان تشكيل الحكومة، هو استقبال العثماني قيادات الأحزاب السبعة، أمس الاثنين، في مقر حزب العدالة والتنمية، وليس في مقر رئاسة الحكومة، وهو ما قرأ سياسيا على أن "العثماني لم يفصل بعد ما هو حزبي عن المهمة التي كلف بها وهي رئيس حكومة لكل المغاربة".
مسألة أخرى لم ترق لبعض قيادات المكونات السياسية التي شملتها المشاورات، وهي عدم تقديم العثماني الخطوط العريضة لبرنامجه الحكومي، واختفاءه، خلال أولى جولات التفاوض بالحديث في العموميات، وفق ما أسر به مصدر حزبي ل "كود".
أما "الخطأ" الثالث المدون في الكتاب المذكور، الذي تشهر فوق رأسه عدد من الأقلام سعيا لملأ باقي صفحاته البيضاء في أقل من 15 يوما، هو عدم إحاطة لقاءات التشاور بالخصوصية اللازمة التي تتيح لقيادات الأحزاب الحديث بأريحية عن "شروطها" للدخول إلى الحكومة، إذ شبه المصدر نفسه الطريقة التي دشن بها الطبيب النفسي التفاوض ب "سوق عكاظ"، في إشارة إلى عدد قيادات "البيجيدي" التي رافقت العثماني خلال لقاءه بزعماء الأحزاب السبعة، وأيضا إلى الأسلوب الذي سمح به لوسائل الإعلام بمواكبة الحدث.
ورغم اليقين بأن لسان "حكيم البيجيدي" لن ينطق إلا ب "كلام موزن ورصين"، إلا أن البحث عن تصيد "أخطاء العثماني" لم يغفلوا هذا الجانب الذي كان سببا، حسب آراء مختلفة، سببا في توتر العلاقة بين بنكيران والقصر.
و"الزلة" التي يرى سياسيون أنه لا يجب أن تصدر عن رئيس حكومة معين في بداية مهمته، هي الحديث، في أول خرجة إعلامية بعد الاستقبال الملكي، عن "الثقة الشعبية" في الحزب، وإغفال التطرق إلى "الثقة الملكية" التي وضعت فيه، والتي تفتح له الباب إلى البحث عن ثقة البرلمان.