بغيتي تعيش فابور كون من خدام الدولة. هذه هي الخلاصة التي خرج بها المغاربة من خلال متابعة فضيحة عبد الوافي الفتيت، والي جهة الرباط-سلا-القنيطرة، الذي فوتت له 3755 مترا مربعا في السويسي، الذي يعد أغلى حي في العاصمة، بمبلغ مليون و389 ألف درهما (138 مليون سنتيم) فقط لا غير. فعندما تكون من هذه الشريحة، فأنت ضامن لكل شيء، العيش في مستوى الأغنياء والاستفادة من البقع الأرضية بأثمنة زهيدة وعدد من الامتيازات الأخرى، والأكثر من هذا تكون محزم بمحامي صحيح ألا وهو وزارتي الداخلية والمالية، اللتين تترافعان على رجالاتها باعتماد منطق "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" حتى لو كانوا غارقين في الفساد.
وزارتا الداخلية والمالية أثبتتا، من خلال "البلاغ الفضيحة" الصادر في قضية الفتيت، أن القانون في المغرب يطبق على الفقراء فقط، وأن هناك شريحة مهمة في هذا البلد فوق القانون، والاقتراب منها خط أحمر، لأن المملكة محظوظة بهذا النوع من الرجالات الذين ندين لهم بالكثير.
ندين لهم بأن المغرب أصبح يسير بسرعتين، سرعة لا يمكن السير بها إلا لمن يتوفر على سيارات فارهة قادرة على الثبات رغم تجاوز حاجز ال 160، وأخرى لا خوف على أصحابها لأنهم لم يتحركوا من مكانهم لسنوات طويلة حتى اعتقدوا أن لا روح فيهم تثبت أنهم على قيد الحياة. يأكلون ما بقي لهم من فتات أسيادهم وينتظرون أن يردوا إلى خالقهم ردا جميلا.
ندين لهم بأن دائرة الفقر في اتساع
ندين لهم بتنظيف جيوب المواطن يوميا من وسخ الدنيا
ندين لهم بالعيش كالفئران في صناديق إسمنتية
ندين لهم بجعل أبناء الشعب يواجهون قساوة الحياة عزلا بلا سلاح العلم والصحة والوظيفة ليكونوا فريسة سهلة للإدمان والتشرميل وإنهاء الحياة بطرق قاسية ومدمية للقلب لأن الأفق مسدود ونقطة الضوء فيه لا تظهر إلا لأنباء خدام الدولة الذين درسوا في أحسن المدارس الأوروبية وتنتظرهم وظائف ولا في الأحلام
ندين لهم بتقطع قلوبنا على من أحببناهم بعد أن شاهدنا كيف تمارس عليهم كل أنواع "التعذيب الطبي"، من أخطاء وإهمال وغيره، ونحن لا نقدر على نخفف عنهم حتى فارقوا الحياة وفي قلبهم غصة من هذا الوطن
ندين لهم بأن شاهدنا بأم أعيننا ما يكن أن تفعله "الحكرة" في أجساد أبناء هذا البلد وتحولها إلى بقايا الرماد
ندين لهم والدين ثقيل لا قدرة لمسؤول على أداء الجزء اليسير منه
ولكن، وبما أن هذا الشعب صبار ومتسامح وقنوع، فهناك طريقة تنسيه في آلامه ولو لحين. جعله رجل دولة وليس رجلها ولو لفترة وجيزة، لأن هذا قد يكون كفيلا بحل مشاكله ومشاكل طاسيلتو كاملة وحتى جيرانه وأبناء قريته. فخزائن الدولة، حسب ما يظهر، أن الأزمة لم تمسسها بسوء والدليل على ذلك أنها مفتوحة على مصراعيها لخدامها.