سقطت دفاتر تحملات وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مجددا في الاختبار. فقد أظهر مختبر الإعلام العمومي أنه ملقح جيدا ضد الإصابة بعدوى نقل المعلومة للمواطنين وإخبارهم بما يحدث في بلادهم من تطورات تطايرت شظاياها خارج المغرب. وبالقدر نفسه أظهرت الحكومة أنها محصنة بجدار سميك لا تخترقه الرصاصات الإعلامية مهما كانت شديدة البأس ومهما أثارت من ملفات وصل دويها للخارج من دون أن يكون لذلك رد الصدى لدى ساكني البيت الحكومي.
وبرغم أن المقابلة التي أجرتها "الأخبار" مع وزير الوظيفة العمومية محمد مبديع هزت الأوساط السياسية والإعلامية في إيطاليا, حيث لا حديث سوى عما تضمنته من اعترافات تهدد بإعادة فتح ملف رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني مع المغربية كريمة المحروق المعروفة بروبي, إلا أن حكومتنا لا تزال غارقة في صمت عميق لم تحركه حتى الإنابة القضائية التي توصلت بها من قبل سلطات روما عن طريق السفارة الإيطالية في الرباط قصد الحصول على نسخة من عقد الازدياد الخاص بروبي. وهذا العقد مهم للغاية بالنسبة للقضاء الإيطالي الذي اعتمد في إدانته لبرلسكوني على كون المغربية روبي كانت قاصرا حين مارس معها الجنس. وهي تهمة كلفت رئيس الوزراء الإيطالي السابق حكما بسبع سنوات سجنا.
لكن وثيقة ميلاد ابنة الفقيه بنصالح كريمة المحروق تعني أيضا الحكومة الإيطالية التي تواجه مطبات كثيرة كان آخرها استقالة وزيرة الزراعة نونتسيا دي جيرولامو الأحد الماضي بعد تسريب تسجيل صوتي لها يعود لعام 2012,تتحدث فيه عن مكافأة وهي تناقش عقودا عامة لإدارة مستشفى بمسقط رأسها في بينيفنتو جنوبإيطاليا.
كما أن الوزيرة المستقيلة قد تنضم لحزب برلسكوني الذي كانت غادرته بعد اختيارها دعم ائتلاف رئيس الوزراء الإيطالي أنريكو ليتا في أعقاب انسحاب برلسكوني من الائتلاف الحاكم. وهذا يعني أن أزمة حكومية على الأبواب في بلاد الفاتيكان. وقد زادها الوزير مبديع تعقيدا بعدما فجر قنبلته حول السن الحقيقية لابنة مدينته روبي, ولم يكن يعلم أنه يسدى خدمة كبيرة لرئيس الوزراء الإيطالي السابق خصوصا أن برلسكوني يواجه تهما جديدة في قضية تحمل اسم "روبيغيت" ترتبط بدفعه رشاوى لشهود للتأثير عليهم في ملف روبي. وقيمة شهادة مبديع بالنسبة لبرلسكوني هي أنها قد تشكل طوق نجاة له على بعد ثلاثة أشهر من النطق بالحكم النهائي في حقه. حيث من المقرر أن تحسم المحكمة في مصير برلسكوني في القضايا التي أدين بشأنها في العاشر من أبريل المقبل.
لذلك,فإن برلسكوني سيكون ممتنا لحكومة المغرب نصف الملتحية لو سارت الأمور باتجاه قبول القضاء الإيطالي شهادة ميلاد روبي التي أعلنها الوزير مبديع. فهذا من شأنه أن يسقط عنه تهم الزنا والتربص بالقاصرات. خصوصا أن شهادات جديدة تتهمه بتنظيم حفلات عري ترتدي فيها الفتيات لباس الراهبات. ولأن برلسكوني يسابق الزمن لإثبات براءته من التهم الموجهة إليه بخصوص روبي والتي ستنعش آماله في العودة إلى السلطة, فإن الحكومة الإيطالية الحالية تسابق الزمن بدورها لإثبات عكس ذلك. وقد طلبت من دبلوماسييها في الرباط ترجمة كل ما يتداول حول برلسكوني وروبي على خلفية ما صرح به مبديع لاستباق أي تطور مفاجئ لهذه الكرة التي بدأت تكبر مثل كرة ثلج.
ولأن القضية حامضة كما كان يمكن أن يقول ابن كيران,فإن الحكومة"دايرة عين ميكا",رغم أن الأجهزة الدبلوماسية الإيطالية في المغرب أصبح هذا هو شغلها الشاغل, كما هو الحال بالنسبة للقنوات الإعلامية في روما. وربما يلجأ رئيس الحكومة لوزيره في السكنى والتعمير نبيل بن عبد الله, الذي كان سفيرا للمغرب في إيطاليا في عام 2009 لتقريب الصورة إليه, رغم الفترة القصيرة التي قضاها في روما والتي لم تتجاوز ثلاثة أشهر بعد إعفائه من مهامه إثر الشجار الذي اندلع بين زوجته وزوجة الطيب الفاسي الفهري وزير الخارجية الأسبق على هامش مهرجان للفنون التشكيلية بمدينة البندقية بإيطاليا, الشجار كان حول كرسي, لكن الأزمة التي فجرها مبديع قد تتدحرج لتنتهي بأزمة دبلوماسية بين الرباطوروما.