قال عبد المجيد الشرفي، وهو أحد أبرز الباحثين والمفكرين التونسيين في دراسة الفكر الإسلامي وعلاقته بالحداثة، ومن دعاة قراءة الموروث الديني الإسلامي اعتمادا على المناهج الحديثة للبحث العلمي، إن "الحداثة عندي ليست مشروعا بقدر ما هي نمط حضاري نشأ في الغرب ولكنه أصبح كونيا بكل متطلباته المعرفية والمادية"، وبالتالي فإن "المسلمين "ليس لهم من خيار آخر غير الانخراط في هذا النمط الحضاري. وما نظام الحكم الديمقراطي إلا أحد تجليات الحداثة، فكل محاولة للرجوع إلى نظام غيره قائم على الخلافة أو على أي شكل آخر من مزج الدين بالسياسة، محكوم عليها بالفشل عاجلا أم آجلا". المفكر التونسي الذي تحدث في حوار مع موقع قناة "دوتشه ڤيلي" الألمانية، أضاف، في جواب عن سؤال مستقبل الحداثة، بعد سيطرة تيارات الاسلام السياسي على الحكم بعد الثورة، "أن الديمقراطية، بما أنها تحتاج إلى وقت لتترسخ في الأذهان وفي المؤسسات، فإن الإسلام السياسي مضطر هو كذلك إلى التطور وإلى نبذ كل ما يتعارض مع مقتضيات حرية الضمير والمساواة بين الجنسين وبين جميع المواطنين بصرف النظر عن خياراتهم العقائدية والدينية".
الدكتور الشرفي الذي تقدم أعماله الفكرية اليوم بديلا عن النظرة التقليدية للفكر الإسلامي الذي ينزع إلى التعامل العاطفي مع التاريخ، جوابا عن سؤال "هل محكوم على الحداثة بأن تكون في صدام مع الإسلام وهل هنالك مقاربة فكرية تقترحها؟ قال إن "لي احتراز دائما من هذه النظرة الماهوية للإسلام، التي تدعي صداما مع هذه الظاهرة أو تلك. إن فهم الإسلام وتأويله عملية مستمرة ما دام الإسلام حيا في النفوس، ولهذا فإن تأويلات معينة هي التي تكون في صدام مع الحداثة أو غيرها. والمقاربة الفكرية الضرورية في هذا الشأن هي التي تفصل بين ما يتصل بعلاقة الإنسان بالله وما يتصل بشروط العيش المشترك التي لا يمكن أن تخضع إلا للتشريع الوضعي القابل للتطور والتحسين".