أمران لا ثالث لهما إما أن مدربي الأرجنتين في السنوات الخمس الأخيرة يتعمدون قتل ميسي وإما أن اللاعب نفسه يقتل نفسه مع المنتخب.. هل ميسي خائن .. بائع لوطنه ويعشق برشلونة على حساب بلاده؟.! لحظات وتعالوا نرجع فلاش باك.. متى تألق ليونيل ميسي مع الأرجنتين.. فكر.. تذكر.. لم يحدث أليس كذلك وإن حدث يكون أمام الفرق الصغيرة والضعيفة.. فلماذا؟.
منذ أيام ما قبل مارادونا وباتيستا وسابيلا وبيليسا وصولا لمارتينيو تاتا، كل المدربين الأرجنتينيين الذين جاءوا لتدريب التانغو يفعلون المثل في كل مرة ويتوقعون نتائج مغايرة..
سابيلا كان قاب قوسين أو أدنى من حصد لقب العالم عندما وصل للنهائي أمام ألمانيا، وخسر اللقب لحساب المانشافت في النهائي بهدف ماريو غوتزة القاتل، وقبل ذلك كان الأرجنتين بعيدا عن الوصول حتى للمباريات النهائية.. إذا لماذا يخسر الأرجنتين ولماذا لا يتألق ميسي ويهديهم الألقاب تماما كما يفعل مع برشلونة.. هل هو لاعب غير وطني؟ هل يلعب بحماس وقوة لخدمة برشلونة ولا يفعل ذلك مع الأرجنتين؟.
إطلاقا ليست هذه هي الأسباب والأمر أبسط من ذلك كثيرا، وهو أن مدربي الأرجنتين هم مدربون يملكون فكرا تدريبيا وخطط يلعبون بها، وميسي لاعب رائع يتمنى أن يعطي كل ما عنده في المباريات، ولكن مدربو الأرجنتين يكشفون عورة ليونيل الكروية دائما ويعرونها، وهي أنه ليس لاعب يلعب في خطة ولكنه لاعب توضع من أجله الخطة.
نعم هذا هو حال ميسي الذي ليس كاملا كسائر البشر، هو الأفضل والأروع في العصر الحالي وربما عبر العصور، ولكن يعيبه أنه لا يتكيف مع خطط اللعب وإنما لابد أن توضع له خطط اللعب تفصيلا على قياسه، فما حدث بالأمس في نهائي كوبا أميركا أمام تشيلي أن ماريتينيو تاتا وضع ميسي في الخطة أمام ال"هاف دفندر" يبدأ خطواته وانطلاقاته من الجانب الأيسر لمنتخب تشيلي وبدءا من وسط الملعب، أي أن اللاعب الأرجنتيني مطالب بقطع نصف ملعب الخصم بطوله للوصول إلى منطقة الجزاء.
فهل منتخب تشيلي هو المنتخب المناسب كي يمرح ميسي في دفاعاته بهذا الشكل الساذج؟
عبر سنوات طويلة اكتشف المدرب الإسباني بيب غوارديولا سر خلطة ميسي وخلق الخطة بالكامل وطريقة اللعب بناء على قدرات البرغوث وتحركاته، الراحل فيلانوفا لم يقدم الكثير ولكنه سار على نفس النهج، بينما واحد من أسوأ مواسم ميسي كان موسم الأرجنتيني مارتينيو تاتا، حيث لم تختلف طريقته على طول الخط وتفضيله الدائم لجعل ميسي يسير في الطريق الصحراوي كي يصل للمرمى وبالتالي ينقطع جهده وقدراته أمام أساطيل المدافعين التي تعترض طريقه.
وجاء لويس إنريكي إلى برشلونة وفي البداية أراد أن يعلن عن نفسه كصاحب طريقة، فتراجع الأداء وبدأت سلال الطماطم والبيض الفاسد تعد كي ترمى في وجهه، فعدل من خطته وطريقة لعبه وتفاعل مع ميسي، بوضع خطة اللعب وتركيبها وفقا لقدرات وتحركات البرغوث، فتألق برشلونة وصار إنريكي محمولا على الأعناق في نهاية الموسم وعاد ميسي للتألق المبهر..
وفي المنتخب تاتا هو تاتا .. مارتينيو لا يتغير ولا يغير من نفسه مدربا قديرا ربما ولا يقل كفاءة وقدرات تدريبية عن سابيلا المدرب السابق ولكن كلاهما يبني خطته على دراسات ربما أو على رؤية في الملعب، وكلها أمور فنية تؤدي بالأرجنتين في النهاية إلى الهاوية، بينما لن تقوم للمنتخب الأرجنتيني قومة ولن يحصل على لقب إلا لو اقتنع المدربون بأن ميسي فوق الرؤية الفنية وأن البناء الخططي يكون متقولب حول ميسي .. فقط ميسي إن أرادوا أن يستغلوا وجود نجم بحجمه وقيمته فعليهم أن يتعاملوا معه ويستروا عورته كي يذيقهم حلاوة الانتصارات.
** هيغوايين أنسب تعليق كان وصف الزميل هاني سكر عندما قال عنه "صدأ لا يذهب" والزميل إسلام مجدي عندنا قال: "هم يختارون هيغوايين ويضعونه في التشكيل كي يجدون ما يعلقون عليه فشلهم".. فعلا صدقتم.