"جينيفر لوبيز غاتشعل العافية في افتتاح المهرجان الرباطي.." بهذه الجملة افتتح موقع الكتروني فرنكوفوني مقاله الخبري، منذ أيام، و الذي يتحدث عن سهرة افتتاح مهرجان موازين في دورته الحالية. بجوار المقال الخبري إشهار لشركة "كوسيمار"، يحيط بكامل شاشة الكومبيوتر، يتوسطه قالب سكر أبيض من الحجم الكبير. لا أعرف سبب ربطي بين الخبر و بين "القالب" و ما يرمز اليه في الثقافة الشعبية المغربية لكن هذا الربط حصل بشكل فجائي و سريع قبل أن أعيد قراءة الخبر و معه تاريخ هذا المهرجان الذي لطخت سمعته بالوحل رغم حسناته التي لا ينكرها إلا جاحد. أولا وجب تقديم الشكر لجمعية "مغرب الثقافات" و رئيسها، على وجه الخصوص، لأنه سيشعل الأضواء الكاشفة في عاصمة ارتبطت سياساتها بظلمة التقارير الدولية و آخرها تلك التي أصدرها برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، في طوكيو، حيث احتل المغرب الترتيب 129 عالميا من بين 187 دولة مجاورا بذلك بلدانا تعاني الاحتلال و النزاعات و الحروب الأهلية، كفلسطين التي سبقتنا الى المرتبة 107 وسوريا، التي مزقتها المليشيات، في المرتبة 118 وعراق الدواعش في المرتبة 120، و أخيرا جارتنا الجزائر، التي يحكمها شيخ مقعد، في الرتبة 93. موازين سيكون جوابا مزلزلا يفضح ضعف مصداقية المعايير التي يعتمدها خبراء برنامج الأممالمتحدة الإنمائي و الذين لا يأخذون بعين الاعتبار كل الرأسمال اللامادي الذي تنتجه ماكينة "مغرب الثقافات" في أقل من أسبوع. ثانيا إن "شعيل العافية" الذي ستتكلف به النجمة جينيفر لوبيز سيكون مناسبة لنسيان "العافية" التي اشتعلت في أجساد عدد من الأطفال الأبرياء على الطريق الوطنية رقم 1، قرب مدينة طانطان، و ما رافقها من حزن و دموع و مطالبة بتحميل المسؤولية السياسية في ما وقع للحكومة الذي يقودها السيد عبد الاله بنكيران بكثير من الثبات غير آبه بالسفهاء و المتربصين و أعداء التجربة الذين صموا أذاننا بضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة ! ثالث حسنات هذا المهرجان هو لم شمل أسرة رجال و نساء الأمن الوطني و عناصر القوات المساعدة و فرق "حذر" و الوقاية المدنية الذين يحتشدون في حجهم السنوي قرب المنصات في حلة بهية، كحلة أيام العيد، متباهين بدراجاتهم النارية و الهوائية و سيارات صغيرة رباعية الدفع أشبه ب"قشاوش عيشورة" في استعراض قل نظيره و صلة رحم تجمع ضباطا سامين بطلاب لم يتخرجوا بعد من معاهد التكوين بمدينة القنيطرة. رابعا تعمل جمعية "مغرب الثقافات" على إدخال البهجة في النفوس عبر وصلاتها الاشهارية التي تحتل قنوات القطب العمومي، شهرا أو شهرين قبل موعد الافتتاح، و كذلك الألوان الزاهية البهية التي تغطي صفحات جل الجرائد المكتوبة و الأصوات الدافئة الجميلة المحلقة على أثير الإذاعات العمومية منها و الخاصة. أما قمة "التفواج" فتحدث عندما يتم إلغاء شبكة البرامج في كل القنوات العمومية و تحل محلها سهرات ال OLM التي تنقلها القناة الثانية بينما تنقل القناة الأولى الطرب القادم من منصة حي النهضة أما "ميدي 1 تيفي"، و التي يشغل مديرها عضوية مكتب جمعية "مغرب الثقافات" في تكامل و اندماج استثنائي، فهي تتكلف مشكورة بإعادة بث إيقاعات العالم من منصة وادي أبي رقراق التي تحتضن الموسيقى الافرولاتينية. ربورتاجات النشرات الإخبارية المتواصلة عن فعاليات موازين و البلاطوهات المغروسة في قلب "دار الفنون" و غيرها من الباقات التي تستوطن القطب العمومي و تكنس الشاشة من كل البرامج الحوارية و الدراما و مسارح الجريمة و قصص الناس فرصة ذهبية لغسل وجدان المشاهد المغربي من كل الشوائب التي علقت به على مدار عام كامل. خامسا تقدم "مغرب الثقافات" نموذجا متقدما للفعل المدني. فهي جمعية تنظم جموعها العامة في سرية تامة بعيدا عن أعين "بوزبال" كما تحترم سرية العقود المبرمة مع الشركات و الأفراد و لا تقدم أي تقرير مفصل عن ماليتها عملا بالقول المأثور "استعينوا على قضاء حوائجكم بالسر و الكتمان". مجلس جطو للحسابات و معه مديرية الضرائب و الأمانة العامة للحكومة لا يفتشون في صناديقها و وثائقها فهم يعلمون مسبقا أن على رأس هذه الجمعية أناس عرفوا بالنزاهة و الاستقامة و نظافة اليد. جمعية "مغرب الثقافات" تعتبر نموذجا ملهما لكل تعديل قد يمس ظهير 58 للحريات العامة فقد استطاعت أن تطور نموذجا ربحيا عبر بيع التذاكر و الاشهارات و المسابقات كما أنها استطاعت أن تظم لعضويتها الشرفية والي ولاية الرباط رئيسا، وهذا إنجاز كبير لما عرف عن ممثلي وزارة الداخلية من حياد وبعد عن العمل الأهلي، و كذلك عضوية عمدة الرباط و رئيس مجلس جهة الرباطسلا زمور زعير بالإضافة الى الزمرة الخيرة التي تشغل العضوية الدائمة في مجلس الفن هذا. أما الانجاز الكبير فيتمثل في ضم مهرجان موازين لكل أعضاء حزب العدالة و التنمية الى صفوف المتفرجين بعدما أكل القط ألسنة عبد الاله بنكيران، الأمين العام للحزب، و بوانو، رئيس الفريق النيابي، و المقرئ أبو زيد، صاحب الفتاوي التي لا تنتهي و بسيمة الحقاوي التي كانت ترى في المهرجان عرضا برنوغرافيا أشهرا قليلة قبل الاستوزار. خبر واحد قد يعكر صفو الجمهور و هو فقدان جينيفر لوبيز، هذه الايام، لسبع سنتيمترات من دائرة خصرها، حسب مجلة "هيت" المتخصصة في أخبار النجوم، ومع ذلك هزت الراقصة أردافها في غابة "الهيلتون" فقد عملت بجد على استرجاع ما ضاع منها حتى تكون مؤخرتها الثمينة في المستوى الذي يليق بمهرجان من حجم موازين.