لن تصدقوني إذا قلت لكم إني رأيت في ما يرى النائم فيلم نبيل عيوش كاملا، وفي عرضه ما قبل الأول، وقبل مهرجان كان، وقبل بلال مرميد. نعم، لأول مرة يسبق شخص بلال مرميد في مشاهدة فيلم، وهذا الشخص هو أنا، العبد الضعيف. وهو في طريقه إلى كان، كنت أنا قد انتهيت من الفيلم، وشكلت رأيا حوله، وانتقدته، وكتبت عنه، وتحدثت، وإذا قال بلال العكس، وكذبني، فلا تثقوا فيه. أنا الأول، والفيلم عندي الآن في نسخته الجاهزة وغير منقوص، لقطة تتبعها لقطة، ومشهد يتبعه مشهد، وببناته وعريه ورقصه ولغته. كنت نائما وتفرجت فيه. جاءني في الأحلام واضحا وآش دي، وشاهدته وأنا مستلق، أرمي الفشار في فمي. ولأني أعرف جوعكم أيها المغاربة، فلن أمنحه لكم بالمجان. لن أضعه في اليوتوب، وسأحتفظ به لنفسي، لأني أنا الأول، وسأخبئه كسر. تتربصون أيها المغاربة باللقطة الواحدة وتشبعونها نقدا وشتما، فما بالي لو منحته لكم كاملا، لا بد أنكم، وفي هذه الحالة، ستزعزون الأرض، وستخرجون في المظاهرات، وستعلن الدولة حالة طوارىء، وسوف تأتي القيامة. لا، لا، لن أفرجكم عليه. لن أقتسمه معكم. جوعكم مرعب وخطير، وأنتم لم تشاهدوه بعد، فماذا لو حدث ذلك، من يضمن لي ماذا سيقع بعد ذلك، من يضمن لي ألا يتزعزع استقرار المغرب، وتعم الفوضى. نصفكم أيها المغاربة يعاني من رغبة ملحة في الامتعاض، ويريد فيلم عيوش حيا أو ميتا، ليمتعض ويتأفف ويصرخ ويطلب النجدة. ونصفكم الثاني يريد الفيلم ليتلمظ وينتشي، ولن أقدم لكم هذه الخدمة بالمجان. لقد عانيت وحلمت حتى سبقت بلال مرميد وتفوقت عليه، ولن أضيع هذا المجهود من أجل سواد عيونكم. هذا الفيلم لي. ومشاهده لي. ولقطاته لي، وسأبيعه بالتقسيط، للبكائين والنواحات ولحماة الأخلاق ولرجال الدين، وللمستمنين وللمنحلين وللساقطين وللنقاد وللسوسيولوجيين وللعلماء والمشعوذين والباحثين عن المتعة ولبنات الليل وبنات النهار، وللمتربصين بنبات الليل، وللمتربصين بنات النهار، وللصالحين وللفاسقين. كل لقطة بثمن. كل مشهد بتسعيرة خاصة حسب درجة سخونته وبرودته. وعندي رنة من الفيلم لهواتفكم. وعندي نهد وساق ورقصة ماجنة. ولكل شيء ثمن. ما أعجبكم أيها المغاربة ما أغربكم وما أجملكم أنتم مدرسة ومنكم أتعلم يوميا كيف أكتب عن شيء لم أشاهده وكيف أصنع مقالا من العدم وكيف أتفوق على بلال مرميد ولأول مرة يجد نفسه هو الثاني وأنا الأول ارحموا الرجل أيها المغاربة ولا توتروه ولا تفسدوا عليه هذه الدورة من مهرجان كان دعوه ينقل لنا الأجواء وهو هادىء وغير متشنج ما أغربنا نحن المغاربة نحن فيلم لوحدنا سينما مفتوحة على السماء بمخرج مجهول وأكثر من ثلاثين مليون كومبارس ومهما حاول بلال مرميد فهمنا فلن يستطيع وسيبقى غاضبا دائما ومندهشا ومستغربا ومتمتعا بهذه الفرجة التي لا تمنحها أي سينما وأي فن فرجتنا المغربية التي لا يستوعبها أي نقد وأي علم وأي ذوق وفيلمنا الكبير الذي لم ننجزه بعد ولم يخلق بعد ذلك الشخص القادر على إخراجه وكتابة قصته.