— إذا صادفت أعمى في الشارع ،وهو يحاول عبور طريقا غاصا بالسيارات ، فالمنطق السليم ، وروح الأخلاق، سيدفعانك إلى تقديم يد العون له ،ومساعدته على اجتياز الشارع بسلام ،دون أن تصدمه سيارة مجنونة،لكن إن عرضت عليه المساعدة، ورفض..ثم عاودت عرضك لكنه اشتعل غضبا، ومع ذلك ألححت عليه..فازداد حنقه..فلم تكف..و واصلت عرض مسعادتك..فقابل إلحاحك هذا، بإخراج مسدس ،مهددا إياك..فإن كنت عاقلا فستتركه وشأنه، أما إن أعماك فعل الخير والتهور ، فسعيت إلى مساعدته رغم كل شيء، فلاتلومن إلا نفسك ،إن اسقترت رصاصة باردة ،داخل جمجمتك. هذا هو حال المناضلين الحالمين الغير مدركين للطبيعة المجتمعات والشعوب التي ينافحون عنها ،ويسعون إلى إنتشالها من وحل الظلام والتخلف .شعوب غير قابلة للتطور كالديناصورات ، تعشق الجمود،وتسجد في محراب التبات، و ترقص حول طوطيم الجمود والسكون. شعوب أكثر عنفا وإستئصالا من حكّمها ، بل إن الأنظمة أكثر انفتاحا وتنورا من جحافل الرعاع وقطعان المغيبين الخانعين ،التي يطقل عليها مجازا لفظ شعب وأمة. بالأمس إنتشر هاشتاغ على موقع تويتر ،يدعوا إلى قتل إحدى عضوات حركة مالي المدافعة عن الحقوق الفردية،والتي تعمل في صحيفة شارلي ابدو، وقبل ذلك خرجت مظاهرات في طنجة تتوعد وتدعوا إلى الإنتقام منها ومن الحقوقي السيد أحمد عصيد. لم يشفع لهاذين المناضلين ،ومن لف لفهم، سنوات النضال ،والوقفات الإحتجاجية،والندوات،والهراوي التي سلخت ظهورهم،من أجل أن يتحصل هذا الشعب على حقوقه السياسية والإقتصادية..وأن ينعتق من وحل الطوطاليزم التيوقراطي والأتوقراطي ..بل خرجت جحافل من هذا الشعب تدعوا إلى قتلهم ومصادرة حقهم في التعبير والوجود. إن هاته الشعوب مستعدة لتنصيب المشانق والصلبان ،من أجل الدفاع عن أفكار متكلسة و مقدسات بائدة وتراث متحجر . الحرية التي يرجونها هي حرية الصراخ والذوذ عن حياض ذكرى الماضي ، أناس يقدسون قيودهم، ومستعدون لقتل من يجرؤ على نزعها وتخليصهم منها..فاتركهوم في غيهم يعمهون ..صم بكم لايبصرون..لايفقهون القول ولايتدبرون المعنى..