عاشت مدينة الدارالبيضاء يوما تاريخيا في مسيرات الاحتجاج ضد الدستور أو الدفاع عنه يومه الأحد 26 يونيو 2011. بعد تغيير لأكثر من مرة لتاريخ تنظيم المسيرة، قرر أتباع حمزة، شيخ الزاوية البوتشيشية (أو البودشيشية كما يكتبها المريدون) النزول إلى حي الفرح على الساعة الرابعة. حافلات وسيارات أجرة وهوندات وسيارات خاصة أنزلت أعداد كبيرة من أناس يحملون العلم المغربي وصور الملك بتقاطع طريق أولاد زيان (القنطرة) وشارع الحزام الكبير. الكل معبأ لإنجاح مسيرة حمزة كان هؤلاء يمثلون جمعيات للأحياء وأخرى مناسباتية لا تظهر إلا في مثل هذه الأحداث، بالإضافة إلى بعض ممثلي الأحزاب السياسية، أولى السيارات كانت لحزب "الاتحاد الاشتراكي" وعليها عبارة "نعم للدستور". هؤلاء الذين كانوا في مؤخرة المسيرة لم يعبئوا بالشعارات، كانوا يرددون "ملكنا واحد وووووو محمد السادس وووو" جمهور الرجاء كان نشيطا ونقل عدد من الشعارات إلى المسيرة مع جعل الدستور والملك وسط هذه الشعارات. بالإضافة إلى المنتخبين، كانت أيادي خفية كثيرة تتحرك وتحركت بدون ملل لأزيد من أسبوع من أجل إنجاح ما سمته الزاوية البوتشيشية ب"المسيرة الربانية". في مؤخرة المسيرة كان النشيد الوطني وأمور أخرى لا علاقة يرددها شباب بعضه يعيش في عالم آخر لكنه عالم مختلف عن عوالم حمزة وأتباعه. في مقدمة المسيرة كان أتباع حمزة محاصرين بسياج بشري، نفس الخطة التي تستعملها جماعة "العدل والإحسان" على مستوى التنظيم، يطبقها أتباع الزاوية. هؤلاء قدموا من كل المناطق خاصة مدن الشمال. كان لهؤلاء مسيرتهم الخاصة بهم. يمنعون أيا كان أن يدخل إلى الحزام الأمني، يرددون أذكار لا علاقة بشباب مؤخرة المسيرة بها. مريدو حمزة كانوا أقلية مقارنة بالعدد الكبير للحاضرين. كانت المسيرة كبيرة وامتدت من قرب حي التيسير (بالضبط القنطرة) إلى وسط شارع محمد السادس. مسؤول أمني تحدث ل"كود" عن أزيد من 250 ألف مشارك في هذه المسيرة. رقم مبالغ فيه بعض الشيء، إذ تكون المسيرة في حدود نصف هذا العدد. غالبيتهم ليسوا من أتباع حمزة.
الملك في الطائرة كبر المسيرة وضخامتها جعل الدرك الملكي يستعين بطائرتي هيليكوبتر للتصوير والمراقبة. كثير من السكان اعتقدوا أن بالطائرة الملك محمد السادس يراقب المسيرة وفخور بها. لا أحد يعرف كيف تسربت هذه الإشاعة التي صدقها بعض ممن التقهم "كود". مسيرة "نعم للدستور" التي أطرتها طرق صوفية ودعمتها أكثر من جهة بشكل سخي، كانت ناجحة جماهيريا. كل واحد عبر عن رأيه وفق مستواه. غالبية من تحدثت إليهم "كود" يجهلون كل شيء عن الدستور وعن حركة 20 فبراير و"العدل والإحسان" التي يرفعون شعارات من قبيل "لا عشرين لا ياسين والدستور هو اللي كاين". مسيرة نعم للدستور كانت تنظم بتزامن تقريبا مع مسيرة أخرى انطلقت من جامع السعود بالحي المحمدي (قرب القيسارية) ثم عرجت على ابن تاشفين فالحزام الكبير لحركة 20 فبراير.
مسيرة 20 فبراير صغيرة الحجم
مسيرة 20 فبراير كانت أقل عددا، فعدد المشاركين لم يتجاوز الستة آلاف شخص، غالبيتهم العظمى، كما في المسيرات السابقة، من "العدل والإحسان". المسيرة شهدت تحرشات من بعض من قدموا أنفسهم أنهم مساندو الدستور ومن أبناء الحي. غير أن معظم مسيري مسيرة اليوم كانوا من "العدل والإحسان" الذين وغيرهم ممن يقطن في الحي المحمدي. استمرت المسيرة في هدوء مشوب بتحرش من قبل أصحاب "نعم للدستور" الذين كانوا في مسيرة حي الفرح، ووقع ما كان يريد الجميع تجنبه. إصابة رجل أمن بجرح نقل على إثره إلى المستشفى. الشرطي، حسب معطيات أولية حصلت عليها "كود" يعاني من مرض السكري، وقد نقل إلى المستشفى. مسؤول بالإدارة العامة للأمن الوطني قال إن "إصابة رجل أمن ماشي مشكل، المهم هو ما يتصاب حتى واحد من لخراين (20 فبراير وأصحاب نعم للدستور)
نعم للدستور تتحرش هذه المواجهات بدأها أصحاب "نعم للدستور" الذين كانوا يحملون العلم الوطني وصور الملك. خرجوا من الزنقة المؤدية من سوق السلام إلى شارع الحزام الكبير بالسعادة 2 بالحي المحمدي ورموا الحجر على جزء من المسيرة. رد أفراد ممن كانوا في مسيرة 20 فبراير بالمثل، فكانت واحدة أصابت رجل الأمن. عضو من 20 فبراير قال ل"كود" إن من ضرب كان دخيلا على الحركة وحمل الأمن مسؤولية تلك الإصابة. خلال معاينة "كود"، كان بعض أفراد الحركة يرغبون في مواجهات مع هؤلاء، لكن حزاما آدميا شكلته الحركة وآخر شكله الأمن حال دون اشتباك الطرفين. "كود" التقت أعضاء من "نعم للدستور". هؤلاء قالوا إن أعضاء حركة 20 فبراير من بدأ برمي الحجارة، وبرروا هجومهم على مسيرة رددت شعار "سلمية سلمية لا حجرة لا جنوية" بكون "ما بغيناهم يدخلو عندنا للحي المحمدي، هما اللي بداو بالحجر وبغيناهم يمشيوا فحالهم" كما أوضح فرد من جماعة تضم أقل من عشرين شابا. استمر التشنج والتحرش بظهور فئة أخرى كانت قرب ثانوية الساقية الحمراء بالحزام الكبير، وهو ما دفع بالحركة إلى إيقاف المسيرة قرب المستوصف المتواجد بنفس الشارع.
شعارات أقل سياسية ودعوة لاعتصام حركة 20 فبراير ظلت تردد شعارات ذات طابع اجتماعي كما فعلت الأسبوع الماضي. غلاء المعيشة والشفارة والرشوة كانت المواضيع الأكثر ترددا. وقد دعا أعضاء الحركة البوليس والجيش للالتحاق بهم لأنهم معنيون بالإصلاح ومحاربة الفساد ورددوا شعارات في هذا الاتجاه، كما رددوا شعارات ذات طابع وطني.
الحركة أنهت مسيرتها بإخبار بخصوص دخول أفرادها في اعتصام هذا الأسبوع، خاصة في الأيام الأربعة المقبلة أي قبل يوم التصويت على الدستور. كان المغرب سيربح كثيرا لو أن المسيرتين مسيرة أتباع حمزة ومسيرة أتباع ياسين، لكن السماح لأفراد بالتحرش بمسيرة حركة 20 فبراير شوهت صورة مغرب متسامح مع الحركات الاحتجاجية ويريد الدخول إلى مرحلة سياسية جديدة بدون عقد. آنذاك لا يخاف مسيرة كيفما كان عدد المشاركين فيها.