حسنا فعلت الجزائر، بفتح خزائن تروثها لأمريكا مقابل دعوتها لتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء. سيل من الأسئلة انفجر من قناة القرار هذا. عن أي حقوق يتحدثون؟ هل تتنازلون لإخوانكم في الصحراء عن كافة حقوقكم بالداخل لتريحوا إخوانكم من معاناتهم الحقوقية ؟ أكيد تريدون منهم التعبير عن حسن النوايا...بتنازلهم بدورهم عن وضعهم الحقوقي " الأسود " الذي يعشون فيه لعل ذلك يكفينا جميعا شر أمريكا ! وأنتم تفكرون بالتضحية بحقوقكم المكتسبة بفضل نضالات اليسار، وتواطؤ اليمين ستذكرون رحلاتكم عند كل عطلة نحو قراكم وحواضركم وكيف تضطرون للوقوف في طوابير طويلة لا تنتهي في انتظار أن تأتي حافلة رفض الأخرون ان تحملهم إلى الصحراء ،تصرفون في تذكرتها كل ما لديكم؟ في حين المواطنون المنتهكة حقوقهم حسب مسودة القرار الأمريكي " يتنقلون متى شاءوا مجانا نحو مختلف مدن صحرائنا وفي الحافلات المكيفة ؟ هل التوظيف المباشر دون اجتياز مباريات التوظيف المحسومة النتيجة مسبقا خرق لحقوق الإنسان؟
هل في الاستفادة المباشرة من ثروات الفوسفاط دونا عن بقية ابناء الوطن تجاوز لحقهم؟ هل تشجيع أبناء الأقاليم الجنوبية للوصول لأقصى درجات العلم والتحصيل برفع نسب النجاح هضم لحقوقهم؟ وهل تعويض " ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان" من أبناء الصحراء والتي وقعت في زمن حرب وتسعين مرة ضعف التعويض الذي أقره العم مانديلا لضحايا الأبارتهايد غير كاف لجبر الضرر والخاطر؟
أم في غفران الوطن لمن أياديهم ملطخة بدماء شهداء الوطن تعدي على حقوق الإنسان هذا الإنسان الذي لم يتذكر ادميته حين دبح آخاه الإنسان من الوريد إلى الوريد بكل همجية في كديم إزيك وفي مخيمات العدو الجزائري؟
مخطئ من ظن يوما أن نظام الامتيازات هذا و الذي لا ينتهي هو ما يخدم القضية.. الوضع المريح نسبيا الذي يعيشه المغرب في معالجة هذه القضية لم يكن يوما لدهاء الدبلوماسية ولم يكن أبدا بفضل سياسيينا الذين كانت لديهم القضية مجرد شعار يختم بياناتهم السياسية وأرضياتهم الأديولوجية إن تذكروها. المغرب في صحراءه لأن جيش" الدولة "نجح في حماية أراضيها، حتى أضحى هذا النزاع الوحيد من حجمه الذي تعوض فيه لغة الحوار لغة الرصاص لأن الآخر ومن معه لم تترك له الفرصة لإطلاق رصاصة. لم يكن ذلك إلا بفضل رجال فدوا دماءهم وأرواحهم للوطن لكن لا يتذكرهم أحد. لا نصب تذكاري لأرواحهم الطاهرة. ولا يوم، منذ بداية النزاع، رفعت فيه الأكف للسماء بدعاء. لعمري هذه قمة الجحود لمن كانوا حماة للوطن ! المغاربة لا يعتبرون الصحراء دجاجة ستبيض ذهبا يوما ما، الصحراء المغربية، بالنسبة للمغاربة، كانت دائما هي النقطة التي يعود إليها الجميع لتحقيق اللحمة بعد انقطاع السبل.
لذلك فما يغضب أمريكا حقوقيا، بعد ما داقت النبيذ الجزائري، لا يعدو أن يكون خصاما من أب لابنه المدلل جدا وهو الذي لم تعد تكفيه كل الهدايا واللعب التي يحصل عليها دونا عن أقرانه، لكن ما غاب عن الأب والابن العاق المدلل كثيرا وأمريكا والاخرون هو أن أشقائه ملوا لعب الأطفال هذا ! فأبناء عبد الواحد كانوا دئما واحد.